اختراقات متزامنة تُظهر ضعف الهيكل الرقمي للخدمات العامة في الولايات المتحدة

اختراقات متزامنة تُظهر ضعف الهيكل الرقمي للخدمات العامة في الولايات المتحدة

إيلاف من سان فرانسيسكو: لم يكن هذا الأسبوع عاديًا بالنسبة للبنية التحتية الرقمية في الولايات المتحدة. ففي غضون أيام قليلة، شُلّت أنظمة حكومية وخدمات عامة بسبب هجمات سيبرانية متصاعدة، ما أعاد السؤال الكبير إلى الواجهة: هل مؤسساتنا مستعدة فعلًا لمثل هذه الأزمات؟

في ولاية نيفادا، أُجبرت السلطات يوم الأحد على إغلاق مكاتب حكومية ومواقع إلكترونية وحتى خطوط الهاتف، بما في ذلك مكتب الحاكم نفسه، بعد هجوم إلكتروني أربك أنظمة الدولة. الموظفون أُعطوا إجازة إدارية، واستغرقت عملية استعادة الخدمات يومين كاملين، بينما أكدت السلطات أن البيانات الشخصية لم يتم تسريبها. ومع أن الطوارئ استمرت بالعمل، إلا أن المشهد كشف هشاشة غير متوقعة في قلب الإدارة.

في الوقت نفسه، لم تسلم ولاية ماريلاند من الخطر. فقد تعرضت هيئة النقل هناك لهجوم فدية أصاب خدمات Paratransit الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، لتتوقف عن قبول طلبات رحلات جديدة، بينما استمر العمل بالحجوزات القديمة. ورغم أن الحافلات والمترو واصلت العمل بشكل طبيعي، إلا أن الأثر كان مباشرًا على فئة من أكثر الفئات ضعفًا في المجتمع، ما جعل الأزمة تتجاوز الأبعاد التقنية إلى بعد إنساني واجتماعي.

تقارير من وكالات مثل أسوشييتد برس ورويترز ووسائل متخصصة مثل Tom’s Hardware وصفت هذه الأحداث بأنها جرس إنذار جديد يكشف أن المؤسسات الحكومية والخدمات العامة لا تزال هدفًا سهلًا أمام مجرمي الإنترنت، وأن الحماية الرقمية لا تزال بعيدة عن أن تكون على مستوى التهديدات المتصاعدة.

لكن ما الحل؟ خبراء الأمن السيبراني يرون أن المسألة لا تحتاج إلى اختراعات جديدة بقدر ما تحتاج إلى التزام جاد بخطط ثلاثية واضحة:
أولًا، اعتماد مبدأ Zero Trust وتقسيم الشبكات الداخلية بحيث تُعزل الوظائف الحرجة (مثل أنظمة الطوارئ أو إدارة النقل) عن باقي الأنظمة، ما يقلل من قدرة المهاجمين على نشر الفيروسات أو برامج الفدية.
ثانيًا، تكثيف التدريبات العملية وإجراء محاكاة لهجمات الفدية بشكل دوري، بالتعاون مع هيئات مثل وكالة الأمن السيبراني وحماية البنية التحتية الأميركية (CISA)، لضمان أن فرق الطوارئ تعرف ما يجب فعله تحت الضغط.
ثالثًا، الاستثمار في نسخ احتياطية غير متصلة بالإنترنت، يتم اختبارها بانتظام، بحيث يمكن استعادة الخدمات بسرعة من دون الخضوع لمطالب القراصنة أو ترك المواطنين لأيام في الظلام.

السؤال إذن لم يعد هل سنواجه هجومًا سيبرانيًا جديدًا، بل متى؟ وكيف؟. والأحداث الأخيرة في نيفادا وماريلاند تُظهر بوضوح أن البنية الرقمية للخدمات العامة بحاجة ماسة إلى تحديث جذري. وإلا فإن كل انقطاع جديد لن يكون مجرد خلل تقني، بل أزمة ثقة تضرب علاقة المواطن بالمؤسسات التي يفترض أن تحميه.