الاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية: التحديات والفرص

الاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية: التحديات والفرص

في الأيام الأخيرة، أعلنت دول محورية عدة، منها فرنسا وكندا، أنها ستعلن اعترافها بالدولة الفلسطينية خلال الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) القادم. كما صرّح رئيس وزراء بريطانيا بنيته تقديم خطة سياسية تتضمن الاعتراف بدولة فلسطينية بشروط معينة. هذه الدول قد تنضم لأكثر من 140 دولة سبق أن اعترفت بدولة فلسطينية.

ما معنى هذا الاعتراف؟

من الناحية العملية، لا يحمل هذا الاعتراف تأثيراً مباشراً على الأرض حالياً، إذ إن السلطة الفلسطينية لا تستوفي الشروط القانونية الدولية لتكون دولة فعلية، مثل السيطرة الكاملة على أراضٍ محددة، وسلطة مستقلة على السكان، واستقلالية في الشؤون الداخلية والعلاقات الخارجية. وبالتالي، فإنها لا تستحق قانونياً صفة “الدولة”.

ومع ذلك، فإنَّ هذا الاعتراف يشكّل ضغطاً دبلوماسياً متزايداً على إسرائيل، ويقيّد من حرية حركتها في المناطق الفلسطينية، خاصة مع هذا العدد الكبير من الدول المؤيدة للفلسطينيين.

هذا التوجه يعكس دعماً عالمياً واسعاً لحل الدولتين، ازداد خلال الحرب الأخيرة في غزة، حيث تكاثرت الدعوات الدولية لحل الصراع وتحقيق استقرار إقليمي. كما تعكس هذه الدعوات تعرض حكومات في دول غربية لضغوط داخلية من قبل الرأي العام فيها إلى العمل من أجل إنهاء العنف.

ويشار إلى أنه في شهر نيسان (أبريل) من العام 2024، تم تقديم مشروع قرار إلى الأمم المتحدة للاعتراف بفلسطين كعضو كامل، وتم إحباطه فقط بالفيتو الأميركي. ومع أن هذا الاعتراف لا يُنشئ دولة على الأرض دون موافقة إسرائيل، إلا أنه يضعف موقف إسرائيل دولياً، ويصعّب عليها التحرك في الضفة الغربية وغزة.

كما أن الاعتراف الدولي المتزايد يمكّن الفلسطينيين من تدويل الصراع بشكل أوسع، ويزيد من قوة المطالب الفلسطينية بتدخل دولي أكبر في مواجهتهم مع إسرائيل.

وتتزامن موجة “التسونامي” السياسية هذه مع دعوات من قبل أوساط وشخصيات يمينية في إسرائيل، بمن فيها بعض الوزراء، لضم قطاع غزة وفرض السيادة على الضفة، ما يعزز من الشعور الدولي بضرورة التحرك العاجل. وبالرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال تُشكّل درعاً دبلوماسياً لإسرائيل، فإن اعتراف دول مثل فرنسا وبريطانيا، وهما من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، بالدولة الفلسطينية، سيجعل إسرائيل تعتمد كلياً على الفيتو الأميركي، وهو ما لا تضمنه دائماً، كما ثبت في عهد الرئيس الأميركي أوباما.

لذلك، يجب على إسرائيل تعديل سياستها لمواجهة هذا الضغط المتزايد، ولضمان الحصول على مكاسب أمنية وسياسية مقابل التنازلات التي قد تضطر إلى تقديمها، وقد يكون من بين هذه المكاسب إنشاء تحالف إقليمي أمني وسياسي مدعوم دولياً. فبدون هذا التغيير، قد تُفرض على إسرائيل دولة فلسطينية بشروط غير مناسبة لها، وبدون مقابل حقيقي، ما قد يؤدي إلى تصعيد جديد وخطر أكبر على الأمن والاستقرار.

لم يتم حذف أو تعديل أو اجتزاء أي جزء من النص، وتم تصحيحه لغوياً وإملائياً فقط.