الاقتصاد المصري يستعيد قوته.. نمو ملحوظ وتراجع في مستويات التضخم.

الاقتصاد المصري يستعيد قوته.. نمو ملحوظ وتراجع في مستويات التضخم.

تفتح أحدث التوقعات الصادرة عن «فيتش سوليوشنز» BMI Fitch Solutions نافذة تفاؤل للاقتصاد المصري، مع توقعات بنمو أسرع، وتراجع كبير في معدلات التضخم، واستقرار نسبي للجنيه، لكن المخاطر الخارجية ما زالت قائمة، بناءً على تقرير تقييم مخاطر الدولة الصادر في أغسطس آب 2025.

النمو يعود إلى مساره الصاعد

تتوقع فيتش سوليوشنز أن يرتفع معدل النمو في مصر من 4.1% خلال العام المالي 2024/ 2025 إلى 4.7% في 2025/ 2026، ثم يصل إلى 5% في 2026/ 2027، مدعوماً بزيادة الإنفاق الاستهلاكي وتحسن الاستثمارات بعد ثلاث سنوات من الانكماش.
ويستند هذا التحسن إلى عوامل عدة، أبرزها التوسع في الإنفاق الاجتماعي، ورفع الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص، إلى جانب استمرار انتعاش قطاع السياحة والصادرات، خصوصاً بعد تراجع قيمة الجنيه الذي عزز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الخارجية.

ويُذكر أن البنك المركزي المصري في منشوره ربع السنوي لقسم السياسة النقدية الصادر في أغسطس آب 2025 توقع أن يصل معدل النمو الحقيقي في 2026/ 2027 إلى 5.1%.

التضخم تحت السيطرة قبل 2026

يتوقع التقرير تباطؤ معدل التضخم بشكل لافت من ذروة 33.7% في 2023 إلى متوسط 13.8% في 2025، على أن ينخفض إلى 9.1% في 2026، ليقترب من مستهدف البنك المركزي البالغ بين 5% و9% بنهاية العام ذاته. ويعتبر ذلك مدعوماً باستقرار العملة واستكمال إصلاحات الدعم.ويرى التقرير أن هبوط الأسعار سيمنح السياسة النقدية مساحة أكبر للتيسير، بعد تقليصها 235 نقطة أساس في النصف الأول من العام، إذ من المرجح أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بنحو 400 نقطة أساس إضافية في النصف الثاني من 2025، يليها خفض أوسع يصل إلى 975 نقطة أساس في 2026.والبنك المركزي المصري في منشوره ربع السنوي لقسم السياسة النقدية الصادر في أغسطس آب 2025، توقع أن يظل معدل التضخم السنوي حول مستويات 15-16% في 2025.كما يستهدف البنك معدل تضخم 5% ±2 نقطة مئوية (أي بين 3% و7%) بنهاية 2026.

سعر الصرف.. تماسك مشروط

رغم الضغوط التي شهدتها العملة المحلية خلال الأعوام الماضية، نجح الجنيه في الحفاظ على مكاسب نسبية هذا العام، ليتداول بين 48 و50 جنيهاً للدولار، مدعوماً بتدفقات المحافظ الاستثمارية وهدوء نسبي في التوترات الجيوسياسية.لكن التقرير يحذر من هشاشة هذا الاستقرار، في ظل اعتماد مصر الكبير على استثمارات قصيرة الأجل تتجاوز 20 مليار دولار، ما يجعلها عرضة لتقلبات مفاجئة إذا تبدلت شهية المستثمرين العالميين أو تجددت الصدمات الخارجية.إن الاعتماد الكبير على هذه التدفقات (20 إلى 25 مليار دولار) يبقى سيفاً ذا حدين، إذ قد تنقلب المعادلة في حال اهتزت ثقة المستثمرين أو عادت التوترات الجيوسياسية بقوة.

عجز الموازنة يتراجع.. لكن الفوائد تثقل الكاهل

على صعيد المالية العامة، تتوقع فيتش سوليوشنز تراجع عجز الموازنة من 7.1% من الناتج المحلي في العام المالي 2024/ 2025 إلى 6.1% بحلول 2026/ 2027، بدعم من إصلاحات ضريبية وزيادة الإيرادات، إلى جانب تحسن النشاط الاقتصادي.لكن التقرير يشير إلى أن فاتورة خدمة الدين لا تزال التحدي الأكبر، إذ تمثل نحو نصف إجمالي الإنفاق العام، مع توقع استمرارها في استنزاف الموارد رغم انخفاضها تدريجياً خلال السنوات المقبلة.كما ذكر البنك المركزي المصري في منشوره الربع سنوي لقسم السياسة النقدية الصادر في أغسطس آب 2025 نقلاً عن وزارة المالية، أنه من المتوقع أن تنخفض مدفوعات الفائدة تدريجياً من 11.3% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2025/ 2026 إلى 7.7% بحلول العام المالي 2028/ 2029، ما يدعم جهود الضبط المالي ويُعزز المسار الانخفاضي للتضخم.كما من المتوقع أن ينخفض العجز المالي إلى 7.3% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025/ 2026 إلى أن يصل إلى نسبة 4.2% بحلول عام 2028/ 29، وذلك مع تحقيق فائض أولي بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025/ 26.

الحساب الجاري.. فجوة أقل وضغوط قائمة

من المتوقع أن ينخفض عجز الحساب الجاري من 4.6% من الناتج المحلي في 2024/ 2025 إلى 3.6% في 2025/ 2026، ثم 3.1% في 2026/ 2027، مستفيداً من قوة تحويلات العاملين بالخارج وتحسن عوائد قناة السويس وانتعاش السياحة.وفي الوقت نفسه، يشدد التقرير على أن تمويل الفجوة الخارجية سيعتمد بدرجة كبيرة على مزيج من السندات الدولية، واستثمارات الخليج، والتمويلات من صندوق النقد الدولي، في ظل استمرار هشاشة بيئة التدفقات الرأسمالية.رغم المؤشرات الإيجابية على صعيد النمو والتضخم وسعر الصرف، يظل الاقتصاد المصري في مواجهة معضلة التمويل الخارجي ومخاطر التوترات الجيوسياسية.سيكون نجاح الإصلاحات واستمرار ثقة المستثمرين الفيصل في تحويل هذا التحسن من هدنة قصيرة إلى استقرار طويل الأمد.