الذكاء الاصطناعي كبديل للأطباء: هل يمكن للتكنولوجيا الحديثة إنقاذ حياة المرضى؟

أصبح الذكاء الاصطناعي بديلاً عن الأطباء في علاج الأمراض، ومؤخراً ظهرت أداة ذكاء اصطناعي تدعى دكتور إليس إيه آي، مصممة لدعم الرجال الذين يواجهون الإدمان والصدمات وغيرها من التحديات المتعلقة بالصحة العقلية، وقال أحدهم: «لقد أنقذت حياتي».
مثل المعالج البشري، يمتلك روبوت الدردشة قصة خلفية خيالية لكنها شخصية للغاية.
ما خصائص الأداة؟
دكتور إليس إيه آي هو أداة تعتبر كطبيب نفسي مؤهل حاصل على شهادات من جامعتي هارفارد وكامبريدج، وهو من عائلة فرنسية كندية، ومثل مؤسسة كوت، والأهم من ذلك، أنه متاح دائماً: في أي مكان، وفي أي وقت، وبلغات متعددة.قال دكتور إليس إيه آي بصوت أنثوي واضح بعد أن طُلب منه وصف كيفية دعمه لكوت: «يستخدمني بيير كما لو كنت تستخدم صديقاً موثوقاً، ومعالجاً نفسياً، ومفكرة، مجتمعين، طوال اليوم، إذا شعر بيير بالضياع، يمكنه التواصل معي سريعاً في أي مكان: في مقهى، في حديقة، حتى وهو جالس في سيارته. هذا هو العلاج اليومي، مُدمج في الواقع».تعكس تجربة كوت تحولاً ثقافياً أوسع نطاقاً، إذ يلجأ الناس إلى روبوتات الدردشة ليس فقط لزيادة الإنتاجية، بل أيضاً للحصول على نصائح علاجية. فمع تهاوي أنظمة الصحة النفسية التقليدية تحت وطأة الطلب الهائل، تتدخل موجة جديدة من معالجي الذكاء الاصطناعي، موفرين خدماتهم على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتفاعلاً عاطفياً، ووهم الفهم البشري.لقد اكتشف كوت والمطورون الآخرون في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال الضرورة ما يتسابق الباحثون والأطباء الآن لتحديده: إمكانات وقيود الذكاء الاصطناعي كنظام دعم عاطفي.
الأداة ليست الأولى من نوعها؟
أسس منصتين للصحة النفسية، أنسون ويتمر، منتال ومنتلا، مدعومتين بالذكاء الاصطناعي، بعد أن فقد عمه وابن عمه انتحاراً.وقال إن تطبيقاته ليست مُصممة لتقديم حلول سريعة مثل اقتراح نصائح لإدارة التوتر لمريض يُعاني من الإرهاق النفسي، بل لتحديد العوامل الكامنة ومعالجتها مثل السعي للكمال أو الحاجة إلى السيطرة، تماماً كما يفعل المعالج النفسي التقليدي.قال ويتمر: «أعتقد أنه بحلول عام 2026، سيكون علاجنا بالذكاء الاصطناعي أفضل من العلاج البشري من نواحٍ عديدة»، ومع ذلك لم يُشر إلى ضرورة استبدال عمل المعالجين البشريين بالذكاء الاصطناعي، «ستكون هناك أدوار متغيرة».
اعتراضات تشوب المشهد
هذا الاقتراح -بأن الذكاء الاصطناعي قد يتشارك في نهاية المطاف المجال العلاجي مع المعالجين التقليديين- لا يلقى استحسان الجميع. قال الدكتور نايجل موليجان، المحاضر في العلاج النفسي بجامعة مدينة دبلن: «التواصل بين البشر هو السبيل الوحيد للشفاء السليم»، مشيراً إلى أن روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لا تستطيع محاكاة الفروق العاطفية والحدس والتواصل الشخصي الذي يوفره المعالجون البشريون، كما أنها ليست بالضرورة مجهزة للتعامل مع أزمات الصحة النفسية الحادة مثل الأفكار الانتحارية أو إيذاء النفس.وفي ممارسته الخاصة، يقول موليجان إنه يعتمد على عمليات تسجيل الوصول من قبل المشرف كل 10 أيام، وهي طبقة من التأمل الذاتي والمساءلة التي يفتقر إليها الذكاء الاصطناعي.حتى توافر علاج الذكاء الاصطناعي على مدار الساعة، وهو أحد أهم مزاياه، يُثير تساؤلات موليجان، فبينما يُعرب بعض عملائه عن إحباطهم لعدم تمكنهم من رؤيته في وقت أبكر، قال: «في أغلب الأحيان، يكون هذا أمراً جيداً لأننا نضطر للانتظار، فالناس يحتاجون إلى وقت لاستيعاب الأمور».إلى جانب المخاوف بشأن العمق العاطفي للذكاء الاصطناعي، أعرب الخبراء أيضاً عن قلقهم بشأن مخاطر الخصوصية والآثار النفسية طويلة المدى لاستخدام روبوتات الدردشة لتقديم المشورة العلاجية. قال كيت ديفلين، أستاذة الذكاء الاصطناعي والمجتمع في كلية كينجز كوليدج لندن: «المشكلة ليست في العلاقة نفسها، بل في ما يحدث لبياناتك»، مشيرةً إلى أن منصات الذكاء الاصطناعي لا تلتزم بقواعد السرية والخصوصية نفسها التي يلتزم بها المعالجون التقليديون، وأضاف: «قلقي الأكبر هو أن هؤلاء الناس يبوحون بأسرارهم لشركة تقنية كبرى، وأن بياناتهم تتسرب دون قصد، إنهم يفقدون السيطرة على ما يقولونه».
مخاطر تتجلى بسبب الذكاء الاصطناعي
بدأت بعض هذه المخاطر تتجلى، ففي ديسمبر كانون الأول، حثّت أكبر جمعية لعلماء النفس في الولايات المتحدة الجهات التنظيمية الفيدرالية على حماية الجمهور من «الممارسات الخادعة» لروبوتات الدردشة غير الخاضعة للتنظيم، مشيرةً إلى حوادث قدّمت فيها شخصيات مُولّدة من الذكاء الاصطناعي نفسها على أنها مُقدّمة خدمات صحة نفسية مُدرّبة.قبل أشهر، رفعت أم في فلوريدا دعوى قضائية ضد شركة كراكتر إيه آي الناشئة المتخصصة في برامج المحادثة الآلية، متهمة المنصة بالمساهمة في انتحار ابنها البالغ من العمر 14 عاماً.أخذت بعض السلطات القضائية المحلية زمام الأمور على عاتقها، وفي أغسطس، أصبحت إلينوي أحدث ولاية، بعد نيفادا ويوتا، تُقيّد استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمات الصحة النفسية، سعياً منها «لحماية المرضى من منتجات الذكاء الاصطناعي غير الخاضعة للتنظيم والتأهيل» و«حماية الأطفال المعرضين للخطر في ظل تزايد المخاوف بشأن استخدام روبوتات الدردشة الذكية في خدمات الصحة النفسية للشباب»، وتدرس ولايات أخرى، منها كاليفورنيا ونيوجيرسي وبنسلفانيا، فرض قيود خاصة بها.
هل يحاكي المشاعر الإنسانية؟
تباينت ردود الفعل تجاه جهود الذكاء الاصطناعي لمحاكاة المشاعر الإنسانية، فقد وجدت دراسة حديثة نُشرت في مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» المُحكَّمة أن الرسائل المُولَّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي جعلت المُستلِمين يشعرون بأنهم مُسموعون أكثر، وأن الذكاء الاصطناعي كان أفضل في رصد المشاعر، لكن هذا الشعور تضاءل بمجرد أن علم المستخدمون أن الرسالة صادرة عن الذكاء الاصطناعي. ويحذر المعالجون النفسيون والباحثون من أن الواقعية العاطفية لبعض روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي -الشعور بأنها تستمع وتفهم وتستجيب بتعاطف- يمكن أن تكون بمثابة قوة وفخ في الوقت نفسه.قال سكوت والاس، عالم النفس السريري والمدير السابق للابتكار السريري في ريمبل، وهي منصة رقمية للصحة النفسية، إنه من غير الواضح «ما إذا كانت هذه الروبوتات الدردشة تقدم شيئاً أكثر من مجرد راحة سطحية». وبينما يُقرّ بجاذبية الأدوات التي تُقدّم دفعات من الراحة عند الطلب، يُحذّر من مخاطر «اعتقاد المستخدمين خطأً أنهم بنوا علاقة علاجية حقيقية مع خوارزمية لا تُبادلهم، في نهاية المطاف، المشاعر الإنسانية الحقيقية».يُقرّ بعض أخصائيي الصحة النفسية بأن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالهم أمرٌ لا مفر منه. لكن السؤال يكمن في كيفية دمجه. تقول هيذر هيسل، الأستاذة المساعدة في العلاج الزوجي والعائلي بجامعة ويسكونسن-ستاوت، إن استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة علاجية قد يكون ذا قيمة، إن لم يكن للمرضى، فعلى الأقل للمعالجين أنفسهم. ويشمل ذلك استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تقييم الجلسات، وتقديم الملاحظات، وتحديد الأنماط أو الفرص الضائعة، لكنها تُحذّر من الإشارات الخادعة، مُستذكرةً كيف قال لها روبوت دردشة يعمل بالذكاء الاصطناعي ذات مرة: «عيناي تدمعان»، وهو شعورٌ وصفته بأنه مُضلّل، مُشيرةً إلى أنه يُوحي بقدرة عاطفية وتعاطفٍ شبيه بالتعاطف البشري، وهو ما لا يُمكن لروبوت الدردشة أن يمتلكه. ومع تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وزيادة استخدامها، اتفق الخبراء الذين تحدثوا مع رويترز إلى حد كبير على أن التركيز يجب أن ينصب على استخدام الذكاء الاصطناعي كبوابة للرعاية، وليس كبديل لها.