منافسة العملات الرقمية من قبل الدول: ما هي تطورات البنوك المركزية في عام 2025؟

منافسة العملات الرقمية من قبل الدول: ما هي تطورات البنوك المركزية في عام 2025؟

في الوقت الذي تواصل فيه العملات المشفّرة التقليدية مثل «بتكوين» إثارة الجدل بين الحكومات والمستثمرين، تتجه أنظار البنوك المركزية حول العالم نحو نسخة أكثر أماناً وتنظيماً: العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs)، هذه الخطوة لا تعكس مجرد تطور تكنولوجي في قطاع المال، بل تعبّر عن إعادة تشكيل محتملة للنظام النقدي العالمي.

تجارب متسارعة حول العالم

أحدث الدول الرائدة والحالات العملية

تتصدر الصين السباق عبر عملتها الرقمية (e-CNY)، حيث تجاوزت المعاملات المنفذة بها أكثر من 7 تريليونات يوان (نحو تريليون دولار) في عام 2024، مع تسجيل أكثر من 800 مليون محفظة رقمية نشطة، ما يجعلها النموذج الأكثر تقدماً على مستوى العالم.

وفي الاتحاد الأوروبي، يسير مشروع «اليورو الرقمي» بخطوات ثابتة، حيث صدر آخر تقرير تقدّم في ديسمبر 2024، على أن يتخذ قرار الإطلاق بين عامي 2025 و2026، في إطار رؤية أوروبية لتعزيز السيادة المالية.أما في اليابان، ورغم تراجع استخدام النقد المباشر من 42.8% إلى 13% فقط، لا يزال بنك اليابان يبحث في الصيغة الأمثل لعملته الرقمية، مع التركيز على التوافق مع البنية الاقتصادية المحلية.في المقابل، اتخذت الولايات المتحدة اتجاهاً مغايراً، إذ حظر الكونغرس رسمياً إصدار الدولار الرقمي بدعوى المخاوف المتعلقة بالخصوصية، على الرغم من استمرار الاحتياطي الفيدرالي في أبحاثه المتقدمة بهذا الشأن.ومن الدول التي سبقت الجميع إلى الإطلاق، نجد جزر البهاما ونيجيريا وجامايكا، حيث أصبحت هذه الدول من أوائل من طرح عملتها الرقمية رسمياً، ورغم ذلك، فإن تجربة نيجيريا مع eNaira لم تحقق انتشاراً واسعاً، إذ لم يتجاوز عدد المستخدمين 13 مليون شخص مقارنة بحجم السكان.أما روسيا فقد بدأت تطبيق الروبل الرقمي بعد إقرار قانونه في عام 2023، مع تشغيل التجارب العملية للتحويلات باستخدام رموز QR، ما يفتح الباب أمام توسع أسرع.وفي كوريا الجنوبية، خاض البنك المركزي تجربة واسعة شملت 100,000 مستخدم عبر سبعة بنوك محلية، ضمن مشروع لتطوير نظام دفع يعتمد على العملات المستقرة، ما يجعلها واحدة من أبرز النماذج في آسيا.وفي نيجيريا، ورغم التحديات، يواصل النايرا الرقمي (e-Naira) تعزيز وجوده كأول تجربة إفريقية فعلية.أما في الشرق الأوسط، فتتقدم الإمارات بخطوات ملموسة من خلال مشاركتها في مشروع mBridge للتجارب العابرة للحدود، بينما تركز السعودية على تطوير عملتها الرقمية داخلياً، ضمن توجه أوسع لتعزيز الابتكار المالي في المنطقة، إضافة إلى تجارب أوسع تشمل البحرين ومصر.

الأهداف وراء هذه العملات

تسعى الحكومات عبر العملات الرقمية للبنوك المركزية إلى: تعزيز الشمول المالي والوصول إلى الخدمات المصرفية. خفض تكلفة المعاملات وتسريع التحويلات المحلية والدولية، تقليص الاعتماد على النقد الورقي الذي يكلف الدول مليارات سنوياً للطباعة والإدارة، مواجهة انتشار العملات المشفّرة الخاصة، التي ترى فيها البنوك المركزية تهديداً للسيادة النقدية.ورغم الزخم الكبير، لا يزال الطريق محفوفاً بالعقبات: مخاوف الخصوصية: يخشى مواطنون من أن تتحول العملات الرقمية إلى أداة لمراقبة إنفاقهم، وتهديد البنوك التجارية: قد تؤدي إلى تقليص دور المصارف التقليدية إذا فضّل الأفراد الاحتفاظ مباشرة بعملاتهم لدى البنوك المركزية، الأمن السيبراني: تزايد المخاطر من الهجمات الإلكترونية مع رقمنة النقود.

مستقبل المال العالمي

يرى خبراء أن العقد الحالي قد يشهد تحولاً تاريخياً في مفهوم النقود، فإذا كانت العولمة قد أعادت تشكيل التجارة في التسعينيات، فإن العملات الرقمية السيادية قد تعيد تشكيل النظام المالي نفسه في العقد الثالث من القرن الـ21.وفي ظل التنافس الجيوسياسي، لا يُستبعد أن تتحول العملات الرقمية للبنوك المركزية إلى سلاح اقتصادي جديد، تستخدمه الدول لتعزيز نفوذها في التجارة الدولية والحد من هيمنة الدولار.