هل يؤثر انسحاب الوزراء الشيعة من الحكومة على الميثاقية؟

هل يؤثر انسحاب الوزراء الشيعة من الحكومة على الميثاقية؟

تعود إشكالية الميثاقية من جديد مع كل موضوع  أو مادة خلافية في لبنان، لتختلط فيها القوانين بالدستور بالطائفية والمذاهب من دون تفسير واضح وحاسم في هذا الأمر.

 

 

الميثاقية في التجربة اللبنانية ليست نصاً دستورياً مكتوباً، بل ممارسة سياسية نشأت بعد الطائف وتطورت تدريجاً لتصبح بمثابة “حق نقض” طائفي غير معلن. وقد استخدمت مختلف القوى هذا المفهوم بحسب الظرف والمصلحة، ما جعله يتحوّل من ضمان للشراكة إلى أداة تعطيل.

 

واليوم من جديد عادت “الميثاقية” لتطرح نفسها بقوة بعد انسحاب وزراء الطائفة الشيعية من جلسة الحكومة المخصصة للاطلاع على خطة الجيش في موضوع حصر السلاح وبسط سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية كافة.

 

 

وفي هذا الإطار قال الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين لـ”النهار”:  “إذا قاربنا الموضوع من ناحية اجتماع مجلس الوزراء فلا نص دستورياً واضحاً يعتبر أن خروج وزراء طائفة معيّنة من الجلسة يفقدها الميثاقية أو الدستورية أو الشرعية، لكن من روحية اتفاق الطائف ومن دون وجود نص صريح، وبما أن اتفاق الطائف مبني على المشاركة الطوائفية في الحكم ونقل صلاحية رئيس الجمهورية بمعظمها إلى رئيس مجلس الوزراء كمجلس ملّي تشارك كل الطوائف في القرار، فهذا يعني أن خروج وزراء طائفة من الاجتماع، أي مجلس الوزراء، يجعل الاجتماع ضعيفاً من الناحية الميثاقية ويجعل المقررات أمام منازعة ميثاقية”. 

وأضاف: “لكن لا أستطيع القول إنه فقد الميثاقية حكماً، ولكن بالتأكيد أصبح اجتماعاً ضعيفاً من الناحية الميثاقية، وأصبحت المقررات أمام منازعة ميثاقية. ومن جهة أخرى، إذا كان القرار المتخذ، أي قرار تعتبره إحدى الطوائف بجميع وزرائها ونوابها يستهدفها لأن المجلس النيابي هو السلطة الشرعية، فسيُطرح سؤال آخر لأن الفقرة “ي” من مقدمة الدستور تحدثت على ألا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، وعندما يتحدث الدستور عن ذلك يقصد أنها تناقض ميثاق العيش المشترك، إما بتكوينها أو بسلوكها، وإذا اعتبرت إحدى الطوائف بجميع نوابها ووزرائها أن القرار يستهدفها فستكون القرارات أمام إشكال ميثاقي آخر من ناحية ما إذا كان القرار تشعر إحدى الطوائف مستهدفة من خلاله”.

 

 

بدوره، يلفت الخبير الدستوري الدكتور جهاد إسماعيل، في حديث لـ”النهار”، إلى أنه “من الثابت أن الفقرة (ي) من مقدمة الدستور على أن “لا شرعية لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”، وهو نصّ يكفل حقوق الطوائف، ويمنع السلطة، في الوقت نفسه، من العبث بها، حيث جرت حماية هذه الحقوق في مواد لا يجوز التوسّع في تفسيرها: المادة 9 (احترام الأحوال الشخصية للطوائف)، المادة 10 (نظام تعليم خاص للطوائف)، المادة 19 (حق رؤساء الطوائف في الطعن بأيّ قانون يمسّ الشعائر الدينية)، المادة 22 (انتخاب مجلس شيوخ يمثّل الطوائف فور انتخاب مجلس نيابي وطني لا طائفي)، المادة 24 (المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في مجلس النواب)، المادة 95 (التوزيع الطائفي العادل في تشكيل الحكومة وفي وظائف الفئة الأولى)، إضافةً إلى العرف الدستوري المتعلق بـ”التوزيع الطائفي للرؤساء الثلاثة”..

 ويضيف: “انتهاك أيٍّ من هذه الحقوق الواردة في المواد المذكورة، بحسب إسماعيل ، يشكّل طعناً في شرعية الحكومة، ولا سيما المادة 95 من الدستور المتعلقة بتمثيل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الحكومة”.

 

 

 ويتابع: “ما يعني أن استقالة وزراء طائفة من الطوائف التي جرى مراعاتها في تركيبة الحكومة، يخلّ بأحكام هذه المادة، وبالتالي بالفقرة (ي) من مقدمة الدستور، أي في قواعد تأليف حكومة عادلة طائفياً، لكن انسحاب وزراء من طائفة معيّنة من الجلسة لا يُفقد الحكومة ميثاقيتها لكونها تخرج عن المواد الدستورية المكفولة للطوائف وحقوقها”.