بوتين ‘لا يرغب’ في السلام… استراتيجية أوروبية جديدة حول أوكرانيا مع ترامب

بوتين ‘لا يرغب’ في السلام… استراتيجية أوروبية جديدة حول أوكرانيا مع ترامب

أشاد القادة الأوروبيون بالرئيس الأميركي دونالد ترامب لجهوده في التوصل بسرعة إلى اتفاق سلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا الشهر الماضي. لكنهم أعربوا أيضاً عن شكوكهم في قدرته على النجاح في الجدول الزمني المتسارع الذي تصوره بعد لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا.

مع تلاشي احتمالات إجراء محادثات فورية، حوّلوا طاقتهم بدلاً من ذلك نحو الحفاظ على مشاركة ترامب، وجعله إلى حد ما في صفهم، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.

هذه الاستراتيجية التي تم التعبير عنها في تعليقات علنية وفي العديد من الإحاطات الخاصة من قبل المسؤولين الأوروبيين في الأسابيع الأخيرة، بسيطة للغاية: محاولة إقناع ترامب بأن أوروبا مستعدة للقيام بالعمل الشاق المتمثل في التحضير لمستقبل ما بعد الحرب في أوكرانيا، وأن بوتين ليس كذلك.

كانت هذه هي الرسالة الرئيسية التي نقلها القادة الأوروبيون إلى البيت الأبيض الشهر الماضي، عندما انضموا إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اجتماع عُقد في البيت الأبيض. وقال المستار الألماني فريدريش ميرتس للصحافيين بعد ذلك: “لا نعرف ما إذا كان الرئيس الروسي سيتحلى بالشجاعة لحضور” قمة مع زيلينسكي.

وقد دفع كبار المسؤولين الأوروبيين بهذه النقطة في الأيام التي تلت ذلك، حيث رفض بوتين تحديد موعد لعقد اجتماع مع زيلينسكي في غضون الأسبوعين اللذين كان ترامب يأمل فيهما.

 

وقال ميرتس الأسبوع الماضي بعد اجتماعه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “من الواضح أن بوتين غير راغب في لقاء زيلينسكي. إنه يضع شروطاً مسبقة غير مقبولة على الإطلاق. كان كلامه مختلفاً تماماً في المكالمة الهاتفية التي أجراها مع ترامب الأسبوع الماضي”.

 

وكان ماكرون صريحاً بالقدر نفسه. وقال: “يبدو أن بوتين قد تجاهل ترامب”.
استمرت الجهود يوم الخميس عندما انضم ماكرون وميرتس وقادة أوروبيون آخرون، شخصياً وعبر الإنترنت، إلى اجتماع في باريس لإجراء جولة جديدة من المحادثات بهدف وضع خطة لحماية أوكرانيا من غزو آخر بمجرد انتهاء الحرب. وانضم ترامب إلى معظم الاجتماع. 

وخرج الأوروبيون بوعد بأن القوات الأوروبية ستساعد في توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا، بمجرد أن يتمكن المفاوضون أخيراً من التوصل إلى اتفاق سلام. وضغطوا على ترامب لكي يضع أميركا بكل ثقلها لدعم خطتهم.

 

ماكرون وزيلينسكي (أ ف ب)

 

على الرغم من أن ماكرون وآخرين ركزوا على التقدم الذي أحرزته أوروبا، إلا أنهم شددوا مراراً وتكراراً على أنه لا مؤشرات علنية على أن بوتين قد خفف من مطالبه المتشددة بشأن اتفاق السلام. تواصل القوات الروسية قصف أوكرانيا، بما في ذلك استهداف الأصول الأوروبية والأميركية في كييف وقتل المدنيين.

أقر ترامب هذا الأسبوع بالتأخير في تحديد موعد أي لقاء فعلي بين بوتين وزيلينسكي. وقال ترامب لشبكة “سي بي إس نيوز”: “لقد تحدثت عن ذلك مع بوتين وزيلينسكي. سيحدث شيء ما، لكنهما ليسا مستعدين بعد”.  

 اعترف الرئيس الأميركي بأن الصراع أثبت أنه أصعب في الحل من اتفاقيات السلام الأخرى التي ينسب الفضل لنفسه في تسهيلها. وقال: “بصراحة، اعتقدت أن الصراع الروسي سيكون من أسهل الصراعات التي أوقفتُها، لكن يبدو أنه أصعب قليلاً من بعض الصراعات الأخرى”.

صعّد القادة الأوروبيون من انتقاداتهم لبوتين هذا الأسبوع. ووصف ميرتس بوتين بأنه “مجرم حرب”. ووصفه ماكرون بأنه “مفترس وغول”.

قال محللون إن الجهود التي بذلها ميرتس وماكرون، إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والقادة الآخرين الذين انضموا إلى قمة باريس، لتفصيل الضمانات الأمنية، كانت رداً آخر على روسيا.

وقال كارل-تيودور زو غوتنبرغ، وزير الدفاع الألماني السابق، هذا الأسبوع: “يرسل القادة الأوروبيون إشارة إلى البيت الأبيض بأن استراتيجية الإعلانات الغامضة والمبالغ فيها ولكن غير الملباة يجب أن تنتهي”.

حتى بعد الاجتماع، لا تزال تفاصيل الضمانات الأمنية من دون حل. ومن بينها السؤال الحاسم حول ما إذا كانت ألمانيا ستلتزم بإرسال قوات للمساعدة في الحفاظ على السلام في أوكرانيا، أم أنها ستكتفي بتوفير التدريب والأسلحة والدعم الجوي والبحري للجيش الأوكراني؟

 

لكن الأوروبيين كانوا يسعون إلى إيصال رسالة الوحدة.

وقال كاي ساور، سفير فنلندا لدى ألمانيا، في مقابلة مع “نيويورك تايمز”: “الأفعال تتحدث عن نفسها. لدينا مجموعة من أصدقاء أوكرانيا، وهي أكبر من أوروبا. وهي تجتمع بانتظام ومستعدة لتحمل المسؤولية” عن السلام بعد الحرب.

وأضاف ساور أن أي اتفاق سلام لا يزال يحتاج إلى عنصرين: موافقة روسيا على وقف إطلاق النار مع أوكرانيا، ودعم الولايات المتحدة.

كان الهدف من جهود أوروبا لوضع خطة لضمانات أمنية هو تأمين تلك العناصر الأساسية، بالإضافة إلى طمأنة زيلينسكي وهو يفكر في المقايضات الصعبة في المفاوضات.

قالت جانا بوغلييرين، زميلة سياسية بارزة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “بالنسبة لأوكرانيا، من أجل إنهاء هذه الحرب، عليها أن تتأكد من أنه لن تكون هناك حرب جديدة في العامين المقبلين، ولكي تكون قادرة على جعل ذلك موثوقاً، تحتاج إلى بعض الطمأنينة وبعض الضمانات”.

ومع ذلك، أضافت: “95 في المئة من كل هذا هو لإرضاء ترامب والحفاظ على مقعد على طاولة المفاوضات”.