العرض العسكري للصين… هل هو إنذار غير جيد للغرب؟

“نبأ سيئ لتايوان”. وبالتالي، هو نبأ سيئ لأميركا.
هذا هو استنتاج مدير برنامج الأمن الدولي في “معهد لوي” سام روغيفين من العرض العسكري الصيني في 3 سبتمبر/أيلول. لفت روغيفين النظر إلى أن الأسلحة الصينية الحديثة، أكانت تلك التي شاركت في العرض أو التي صُورت خلال العام الأخير، تشير إلى أن تركيز الصين الأساسي ينصبّ حالياً على أن تصبح القوة الأولى إقليمياً، لا عالمياً. ويبدو أن ذلك يتحقق. بحسب ما كتبه روغيفين في “فورين بوليسي“، برهن العرض أن التوازن العسكري الإقليمي تغيّر بطريقة لا رجعة فيها.
استعرضت الصين مجموعة من الصواريخ البالستية النووية مثل “دي.إف-31 بي.جي” والمسيّرات المصاحبة للمقاتلات الحربية مثل “لونغ وينغمان” وصواريخ بالستية من الجيل الثالث تُطلَق من الغواصات وغيرها. كما استعرضت فروعاً عسكرية مؤسسة حديثاً مثل القوة الجو-فضائية.
تَمهُّل
المفارقة هنا أن زميل روغيفين في المعهد نفسه، اللواء المتقاعد من الجيش الأسترالي ميك رايان، لم يكن قلقاً من العتاد الصيني. فبالرغم من أن المنصات الجوية والبرية والبحرية كانت أحدث من نظيرتها الغربية، يبقى أن الأحدث لا يعني بالضرورة الأفضل، بحسب رأيه.
من مشاهد العرض العسكري (أ ب)
لا تترادف التكنولوجيا العسكرية حتماً مع الفاعلية القتالية، وهو أمر كان جلياً في أوكرانيا مع بداية الغزو الروسي للبلاد. علاوة على ذلك، تفتقر الصين إلى الخبرة القتالية الحديثة. تعثرت حربها ضد فيتنام سنة 1979 فانتهت باحتلال بعض المدن الحدودية بكلفة باهظة، ومن دون أن تتمكن من تفكيك الحكومة الكمبودية المدعومة فيتنامياً.
بينما سقط لها في الاشتباكات الحدودية مع الهند سنة 2020 أربعة قتلى مقابل عشرين قتيلاً من الجيش الهندي. كان الاشتباك شبه يدوي بسبب القواعد التي ترعى نوعية تسليح الجانبين على الحدود. مع ذلك، بدا أداء مقاتلاتها في القوة الجوية الباكستانية خلال حرب أيار/مايو الأخيرة إيجابياً. لكن من المشكلات التي يمكن أن يواجهها الجيش الصيني حجم الفساد أو سوء الانضباط الذي تمثل في إقالة عدد من القادة العسكريين والسياسيين في الأعوام القليلة الماضية، من بينهم وزيران للدفاع. لكن مهما تكن الشكوك بالقوة العسكرية الحقيقية للصين، تظهر الألعاب الحربية أن أميركا ستواجه تحدياً هائلاً وربما كارثياً إذا اندلع نزاع في تايوان.
أهداف سياسية
كانت إحدى الغايات الجوهرية من العرض، كما ذكر موقع “غلوبال تايمز” الصيني، مواجهة سرديةٍ “تتجاهل المساهمة الهائلة التي قدمتها الصين باعتبارها ساحة المعركة الرئيسية في الشرق”. وهدف العرض أيضاً إلى التذكير بأن الصين هي من مؤسسي النظام العالمي الجديد مع إظهار تصميم على الدفاع عن السلام وتوجيه “تحذير إلى كل القوى التي تحاول إعادة التاريخ إلى الوراء”.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمال كيم جونغ أون حاضران (أ ب)
بالتالي، كان للعرض العسكري جانبٌ سياسي طاغٍ أيضاً. وجهت الصين رسالة عن شراكتها الصلبة مع دول مناهضة لأميركا مثل روسيا وكوريا الشمالية وإيران، ورسالة أخرى عن نوعية الحضور الجديد، ومن ضمنه دول في جنوب شرق آسيا، في إشارة إلى نجاحها باستمالة حكومات “متأرجحة” فيه.
رقصة “هاكا”
يمكن تشبيه العرض العسكري الصيني، وعلى العموم أي عرض عسكري لأي دولة أخرى، برقصة “هاكا” التي يؤديها فريق نيوزيلندا للرغبي. ليس من الضروري أن يفوز بالمباراة صاحب الصوت والأداء الأكثر صخباً. لو كانت العروض العسكرية المنظمة تقترن دوماً بالفاعلية القتالية، لكان أداء الجيش الكوري الشمالي أفضل في أوكرانيا. أو لكانت أميركا أفضل في تنظيم عروضها العسكرية.