السيستاني يطالب رئيس الوزراء العراقي بتفعيل نظام الرواتب؟ النهار تقوم بالتحقق من الحقائق.

تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً يدّعي أنَّ المرجع الديني علي السيستاني دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى تطبيق سلّم الرواتب والقوانين التي تخدم المواطنين قبل نهاية عهد الحكومة. إلا أن هذا الخبر خاطئ، ولم يعلن مكتب المرجع السيستاني دعوة مماثلة. والقالب الاخباري المتناقل معدّل. FactCheck#
“النّهار” دقّقت من أجلكم
في الادّعاء المتداول، قالب إخباري لقناة “الرشيد” الفضائية تضمّن صورة للمرجع الديني علي السيستاني، مع خبر (من دون تدخّل): “السيد السيستاني يدعو السوداني الى تطبيق سلم الرواتب والقوانين التي تخدم المواطنين قبل انتهاء الحكومة”.
الخبر الخاطئ المتناقل (فايسبوك)
وقد تحقّقت “النّهار” من الادّعاء، واتّضح أنَّه غير صحيح:
1- لم يعلن مكتب المرجع السيستاني في موقعه الرسمي، دعوة مماثلة للسوداني بشأن سلّم الرواتب. وكذلك الأمر بالنسبة إلى العتبتين الحسينية والعلوية. ولم تنقل أيضاً أي وسيلة إعلامية محلية خبراً شبيهاً.
2- القالب الإخباري المتناقل لقناة “الرشيد” الفضائية معدّل، إذ تم حذف النص الأصلي منه واستبداله بالمتداول. ويتضح ذلك من خلال نسق التصميم والخط فيه، اللذين يختلفان عما تستخدمه عادة القناة، فضلاً عن الضعف النحوي فيه. وتتضمّن الصورة الأصلية المنشورة في صفحة القناة في الفايسبوك في 29 سبتمبر/أيلول 2021، على خبر مفاده: “مكتب السيستاني: المرجعية الدينية تشجّع الجميع على المشاركة الواعية في الانتخابات”.
صورة الخبر الأصلي (فايسبوك)
وجاءت دعوة السيستاني آنذاك إلى المشاركة في الانتخابات النيابية التي أجريت في أكتوبر/تشرين الأول 2021، على الرغم من أنَّها “لا تخلو من بعض النواقص، لكنها تبقى الطريق الأسلم للعبور بالبلد الى مستقبل يرجى أن يكون أفضل، وبها يتفادى خطر الوقوع في مهاوي الفوضى والانسداد السياسي”.
وأشار بيان المرجع حينذاك إلى أنَّ “على الناخبين الكرام أن يأخذوا العِبَر والدروس من التجارب الماضية، ويعوا قيمة أصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد، فيستغلوا هذه الفرصة المهمة لإحداث تغيير حقيقي في إدارة الدولة وإبعاد الأيادي الفاسدة وغير الكفوءة عن مفاصلها الرئيسة، وهو أمر ممكن إن تكاتف الواعون وشاركوا في التصويت بصورة فاعلة وأحسنوا الاختيار. وبخلاف ذلك، ستتكرر اخفاقات المجالس النيابية السابقة والحكومات المنبثقة عنها، ولات حين مندم”.
وأكّد أنََّه لا يساند أيّ مرشح أو قائمة انتخابية على الإطلاق، والأمر كله متروك لقناعة الناخبين وما تستقر عليه آراؤهم.
وكان البيان الأخير الذي أصدره مكتب المرجع في 3 أغسطس/آب 2025. وجاء فيه: “لوحظ أنَّ بعض الجهات السياسية والخدمية تقوم بوضع صور سماحة السيد على لافتاتها وملصقاتها التي ترفعها في الأماكن العامة، لا سيما في طريق المشاة لزيارة الامام الحسين. وإذ نؤكد مجدداً رفض هذا التصرف، نرجو من الجميع الاجتناب عن مثله، ونطالب الجهات المعنية باتخاذ الإجراء المناسب بهذا الصدد”.
آخر بيان صادر عن المرجع السيستاني (الإنترنت)
مراجعة سلّم رواتب الموظفين
وفي تصريح سابق لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أوضح أنّ “مراجعة سلّم رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام تستلزم مراجعة أكثر من 34 قانوناً وقراراً وتعديلاً لقانون جرت خلال المراحل السابقة، ويتعلق البعض منها بالمخصصات وتفاصيلها”.
وأشار إلى أنَّ “الحكومة نفّذت خطوات مهمة عبر إقرار الزيادات التي شملت الدرجات الدنيا، والمتقاعدين من ذوي الرواتب المتدنية، وورثة المتقاعدين من المستحقين، وكذلك زيادة رواتب العمّال المضمونين، وهي معالجات استهدفت ذوي الدخل الأدنى بالدرجة الأساس”.
ويأتي تداول الخبر الزائف في وقت تتواصل التحضيرات في العراق لإجراء الانتخابات البرلمانية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، على وقع توتّرات سياسية ومجتمعية متصاعدة في سياقات مختلفة. ففي الجانب السياسي، يستمر الجدل بشأن قرارات الإقصاء التي اتّخذتها مفوضية الانتخابات بحق أكثر من 700 مرشّح للانتخابات، إذ أعلنت أمس الإثنين المصادقة النهائية على قرار استبعاد النائب عن تحالف “البديل” سجاد سالم، الأمر الذي اعتبره نشطاء سياسيون استهدافاً للحراك السياسي المدني.
وقال تحالف البديل، في بيان، إنَّ “هذا القرار يمثل استهدافاً مباشراً للقوى المدنية والوطنية، التي وقفت بوجه الفساد وسعت إلى ترسيخ الدولة المدنية بعد التغيير عام 2003”.
وأضاف: “هذا الإقصاء لا يطعن بحقوق الأفراد فحسب، إنما أيضاً بجوهر العملية الديموقراطي، ويحوّل التنافس السياسي عملية انتقائية تُدار بعيداً عن إرادة الشعب، ويرسل إشارات خطيرة بشأن نزاهة وشفافية الانتخابات المقبلة. وإزاء ذلك، يعلن تحالف البديل أنه يدرس بجدية كل الخيارات بشأن مشاركته في الانتخابات، ما لم تُعالج هذه القرارات الجائرة ويُعاد الاعتبار إلى النواب والشخصيات الوطنية المستبعدة”.
وفي الجانب الاجتماعي، لم تتناقص المطالبات، بل تزايدت وتنوعت بين الكهرباء والمياه والخدمات والبنى التحتية، وإقرار الموازنة المالية وتطبيق سلّم الرواتب وإنصاف موظفي وزارة التربية،. إلّا أنَّه لم تتم الاستجابة لهذه المطالب بشكل فعلي، باستثناء التصويت على تعديل قانون التربية أمس، والذي سيزيد رواتب موظفي وزارة التربية ويمنحهم امتيازات جديدة. ولكنّ النائب محمد عنوز أشار إلى أنَّ القانون تشريع فقط، ولا يمكن تطبيقه لأنه يحتوي على جنبة مالية.