ولي العهد السعودي يمنح إسرائيل مهلة 24 ساعة لفتح الممرات الإنسانية إلى غزة، محذراً من رد فعل قوي في حال عدم الامتثال: النهار تحقق FactCheck.

المتداول: فيديو يظهر، وفقاً للمزاعم، “ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان معلناً إمهال إسرائيل 24 ساعة لفتح الممرات الإنسانية إلى غزة، وإلا سيكون الرد حاسما”. 

الا أنّ هذا الزعم غير صحيح.

الحقيقة: هذا الفيديو زائف، ركّب كلاماً على لسان الامير محمد بن سلمان لم يقله اطلاقا. وقد استُخدمت في عملية التركيب مشاهد أصلية تعود الى 18 ايلول 2024، وتظهر ولي العهد السعودي ملقيا كلمة في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى في الرياض. FactCheck#

“النّهار” دقّقت من أجلكم

تظهر المشاهد ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان قائلاً (من دون تدخل):  “باسم الله الرحمن الرحيم، أنا ولي العهد محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، أخاطبكم اليوم، يوم السبت الموافق الثالث والعشرون من شهر أغسطس عام 2025. إنما يحدث في فلسطين جريمة إنسانية كبرى تهز ضمير العالم أجمع، ونحن في المملكة العربية السعودية نعلن وقوفنا الكامل والثابت مع أشقائنا الفلسطينيين في وجه العدوان الغاشم.  نعطي العدو الإسرائيلي مهلة زمنية مقدارها 24 ساعة فقط، لفتح الممرات الإنسانية وإدخال الغذاء والدواء إلى أهلنا في غزة، ونؤكد بوضوح أننا لن نقف مكتوفي الأيدي. وإذا استمر الحصار ولم يفتح المنفذ أمام أشقائنا، فإن المملكة ستتخذ أقوى وأشد الإجراءات الممكنة، ولن يكون هناك تسامح مع من يصر على الظلم والعدوان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”. 

وقد انتشر خلال اليومين الماضيين في حسابات كتبت معه: “عاجل- ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: أنا ولي العهد محمد بن سلمان، اليوم السبت الثالث والعشرين من أغسطس 2025. أمهل العدو الإسرائيلي أربعا وعشرين ساعة لفتح الممرات الإنسانية، وإلا فالرد سيكون حاسمًا”. وحاز الفيديو أكثر من مليون مشاهدة انطلاقا من إحدى الصفحات في الفايسبوك، اضافة الى عشرات مئات التعليقات. 

حقيقة الفيديو 

الا أنّ هذه المزاعم غير صحيحة، وفقاً لما يتوصل اليه تقصي حقيقتها. 

ملاحظة مهمة: لم تكن حركة شفتي ولي العهد السعودي متوافقة مع الكلام المسموع في الخلفية، بما يدل على تلاعب رقمي ما.

ويحسمه العثور على المشاهد الاصلية للامير محمد بن سلمان منشورة في حسابي قناتي “الاخبارية” (ابتداء من التوقيت 12.37)، و”السعودية” السعوديتين في يوتيوب وقنوات عربية أخرى، في 18 ايلول 2024، بعنوان: ولي العهد يلقي الخطاب الملكي⁩ السنوي لافتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى. 

لقطة من الفيديو المنشور في حساب قناة الاخبارية في يوتيوب في 18 ايلول 2024

لقطة من الفيديو المنشور في حساب قناة السعودية في يوتيوب، في 18 ايلول 2024

وأكد الامير محمد بن سلمان في كلمته التي نشرتها وكالة الانباء السعودية (واس) “أهمية دور مجلس الشورى في الارتقاء بأداء مؤسسات الدولة، ودوره الفعال في تطوير الأنظمة وتحديثها، إلى جانب مهامه الرقابية ومتابعته المستمرة لتنفيذ الاستراتيجيات والخطط المعتمدة، منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 والمواطن نصب أعيننا فهو عمادها وغايتها، وأي إنجاز يتحقق من خلال مظلتها الشاملة للمسارات المختلفة، هو رفعة للوطن ومنفعة للمواطن وحصانة – بإذن الله – للأجيال المقبلة من التقلبات والتغيرات”.

وأشار الى أن “بلادنا حققت منجزات جوهرية كثيرة خلال هذه الرحلة العظيمة، ومن نماذج هذه الأنشطة غير النفطية في المملكة، سجلت أعلى إسهام لها في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بـ50% في العام الماضي، مما يعزز استدامة النمو وشموليته ويحقق جودة عالية في التنوع الاقتصادي، ويواصل صندوق الاستثمارات العامة دوره في تحقيق أهدافه ليكون قوة محركة للاستثمار، وسجلت البطالة بين المواطنين والمواطنات، أدنى مستوى لها تاريخي في الربع الأول من عام 2024م بلغ 7.6%، بعد أن كانت نسبته 12.8% في عام 2017م. وارتفعت نسبة تملك المساكن للمواطنين من 47% عام 2016م إلى ما يزيد عن 63%،.وفي مجال السياحة سبقت المنجزات التاريخ المستهدف، اذ حددت استراتيجية السياحة الوطنية التي أطلقت عام 2019م، مستهدف 100 مليون سائح في 2030م، وتم تجاوز هذا المستهدف والوصول إلى109 ملايين سائح عام 2023م…”. 

وتابع: “تحظى المملكة اليوم، نتيجة منجزاتها ورؤيتها، بثقة عالمية جعلت منها إحدى الوجهات الأولى للمراكز العالمية والشركات الكبرى، وفي مقدمتها افتتاح المركز الإقليمي لصندوق النقد الدولي، ومراكز لنشاطات دولية متعددة في الرياضة والاستثمار والثقافة وبوابة تواصل حضاري، مما أسهم في اختيارها لاستضافة إكسبو 2030 وتستعد اليوم لتنظيم كأس العالم عام 2034م”. 

وتناول القضية الفلسطينية، مجدداً “رفض المملكة وإدانتها الشديدة لجرائم سلطة الاحتلال الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، متجاهلة القانون الدولي والإنساني في فصل جديد ومرير من المعاناة”. وأكد أن “المملكة لن تتوقف عن عملها الدؤوب، في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ولن تقيم علاقات ديبلوماسية بإسرائيل من دون ذلك”.
 

وشكر “الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية تجسيداً للشرعية الدولية”، داعيا “بقية الدول الى القيام بخطوات مماثلة”.
 

والعثور على المشاهد الاصلية للامير محمد بن سلمان ونص كلمته يعني، اذاً، ان المقطع المتناقل زائف، ركّب كلاماً على لسانه لم يدل به، وذلك بواسطة برنامج ذكاء اصطناعي. ويبيّن تحليل الصوت فيه، بواسطة أداة Hiya، بأنه تزييف على الارجح. 

42 قتيلا في غزة بنيران الجيش الإسرائيلي

وجاء تداول الفيديو بالمزاعم الخاطئة في وقت أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 42 شخصا على الأقل أمس الأحد بنيران إسرائيلية في القطاع الفلسطيني، فيما يستعد الجيش الإسرائيلي لاجتياح مدينة غزة، على ما أوردت وكالة “فرانس برس”. 

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن “حصيلة الشهداء منذ الفجر بلغت الآن 42”. وأفاد بتعرض مدينة غزة ومناطق عدة من القطاع في الوسط والشمال والجنوب لغارات إسرائيلية، مشيرا إلى أن الغارة الأكثر دموية استهدفت حي الصبرة بمدينة غزة وأسفرت عن مقتل ثمانية أشخاص.

وأعلنت الأمم المتحدة المجاعة في غزة رسميا، الجمعة 22 آب 2025، في أوّل إعلان من هذا النوع في الشرق الأوسط، بعدما حذّر خبراؤها في تقرير من أن 500 ألف شخص باتوا في وضع “كارثي”، محملين إسرائيل مسؤولية عرقلة إدخال المساعدات.

وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر: “هي مجاعة كان من الممكن تفاديها لو تسنّى لنا القيام بذلك. غير أن المساعدات الغذائية تتكدّس عند الحدود بسبب العرقلة الممنهجة الممارسة من إسرائيل”، معتبرا أن هذه المجاعة “ينبغي أن تؤرقنا جميعا”.

واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023 والذي خلّف 1219 قتيلا، غالبيتهم مدنيون، وفقا لإحصاء لوكالة “فرانس برس” استنادا إلى بيانات رسمية. وأسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية عن مقتل 62686 فلسطينيا على الأقل في قطاع غزة، معظمهم من المدنيين، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس، وتعتبر الأمم المتحدة أرقامها موثوقاً بها.

تقييمنا النهائي: اذاً، ليس صحيحاً أن “ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان أعلن إمهال إسرائيل 24 ساعة لفتح الممرات الإنسانية إلى غزة، وإلا سيكون الرد حاسما”، وفقاً لما يشاهد في الفيديو المتناقل. في الحقيقة، هذا الفيديو زائف، ركّب كلاماً على لسان الامير لم يقله اطلاقا. وقد استُخدمت في عملية التركيب مشاهد أصلية تعود الى 18 ايلول 2024، وتظهر ولي العهد السعودي ملقيا كلمة في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى في الرياض.