تفاصيل حول تنظيم الاحتجاجات المسلحة في العراق: تحقّق النهار معلومات FactCheck

تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً يدعي أنَّ “أجهزة الأمن العراقية لديها معلومات عن تظاهرات ستنظم في محافظات الوسط والجنوب، وقد تكون مسلحة”. إلّا أنَّ هذا الخبر خاطئ، إذ لا يستند الى مصدر موثوق به. ونفت وزارة الداخلية العراقية صحّته. FactCheck#
“النّهار” دقّقت من أجلكم
في الادّعاء المتداول، تصريح منسوب إلى النائب في البرلمان العراقي يوسف الكلابي، جاء فيه (من دون تدخّل): “النائب يوسف الكلابي: اجهزة الامن لديها معلومات عن تظاهرات قريبة في الوسط والجنوب، وقد تكون مسلحة”.
الخبر الخاطئ المتناقل (فايسبوك)
وقد تحقّقت “النّهار” من الادّعاء، واتّضح أنَّه مضلّل:
1- لم تعلن أي جهة أمنية عراقية، كالأمن الوطني أو وزارة الداخلية أو جهاز المخابرات، وجود معلومات مشابهة. كذلك، لم يذكر اي مصدر مسؤول، نقلاً عن مؤسّسة أمنية رسمية، معلومة أو تسريباً مشابهاً. ولم تتم الإشارة الى معلومات مماثلة في أي وسيلة إعلام، مثل جريدة “الصباح” وشبكة الإعلام العراقي الرسميتين.
2- نفى المتحدّث الرسمي باسم وزارة الداخلية عباس البهادلي، أمس الثلثاء، صحة الخبر. وأكّد أنَّ القطعات الأمنية للوزارة، بمختلف صنوفها، على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي طارئ.
نفي وزارة الداخلية العراقية (وكالة
وقال البهادلي، في تصريحاته لوكالة “بغداد اليوم”، إنَّ “الوضع الأمني في عموم المحافظات يشهد استقراراً كبيراً، وهذا ما أثبتته الزيارة الأربعينية. وبالتالي فإنَّ العراق يشهد تطوراً أمنياً كبيراً وسط تعاون القوات المسلّحة والمواطنين. لكن أي تطور تشهده أي محافظة يخرج عن إطار السلم المجتمعي فإن القوات الأمنية والاستخباراتية تعي ما يمكن القيام به لمواجهة أي تحدٍ يزعزع أمن المواطن”.
وأضاف: “وزارة الداخلية لم تستنتج أو تصل إليها معلومات عن وجود تظاهرات مسلحة في الوسط والجنوب، كما قيل. وجميع القطعات تضع أمن جميع المحافظات ضمن أهم الأولويات لها”.
3- اعتمد الخبر المتداول على تصريح متلفز أدلى به أخيراً النائب في البرلمان العراقي يوسف الكلابي، وزعم أنَّ هناك معلومات يعلمها الجميع عن تظاهرات مدعومة من جهات خارجية هدفها إسقاط النظام. وأشار إلى أنَّ هذه التظاهرات تسمى “ما بعد الأربعينية” -أي تحصل بعد مناسبة أربعين الإمام الحسين.
وبالبحث عن أصل هذا الموضوع، تبيّن أنَّ الناشط المدني والسياسي في محافظة البصرة عمار الحلفي كان نشر كعادته العديد من الفيديوهات الكوميدية تحدّث فيها عن استعدادات لاحتجاجات وثورة آتية سمّاها “ما بعد الأربعينية”. ونصّب صديقه “أبو نور جيفارا” قائداً لها. لكنها وردت في سياق كوميدي، ولا ترقى إلى أن تكون مصدراً لمعلومات حقيقية.
غضب من جراء الازمات المتتالية في العراق
ويأتي تداول هذا الخبر الخاطئ، في وقت يشهد العراق، خصوصاً في محافظات الوسط والجنوب، غضباً شعبياً بسبب أزمات متتالية فيها تتعلق بتهالك في الخدمات، أبرزها المياه والكهرباء، التي عانت انقطاعاً عاماً قبل أيام، في وقت وصلت الحرارة إلى 50 درجة مئوية. وتضاف قضية الطبيبة النفسية بان زياد طارق، التي وجدت جثّتها في منزلها في ظروف غامضة، وقال عنها القضاء العراقي إنَّها “انتحرت”.
وفي تصريح لـ “النّهار”، يقول الناشط في الحراك الاحتجاجي زيدون أبو فراك إنَّ “الحديث عن تظاهرات مدعومة لإسقاط النظام خطاب تخويف أكثر مما هو واقع. فالشعب العراقي حين يخرج، يخرج من أجل حقوقه وخدماته وكرامته، وليس تنفيذاً لأجندات خارجية، إذ أنَّ الاحتجاجات الحقيقية في العراق كانت دوماً عفوية ووليدة معاناة الناس اليومية، وليس نتيجة مؤامرات دولية كما يروّج لها البعض”.
ويضيف: “يُواجَه عادة أي حراك شعبي في العراق بالتشكيك والاتهام بأنه مدعوم من الخارج. والسبب هو أنَّ الطبقة السياسية تحاول نزع الشرعية عن مطالب الناس العادلة، وأنَّ من الأسهل اتهام المتظاهرين بأنَّهم أدوات لجهات خارجية، من الاعتراف بأنَّ هناك فساداً وفشلاً إدارياً وبطالة هي التي دفعت الشارع إلى الغضب”.
ويرى أن “ربط الأمر بالانتخابات جزء من الصراع السياسي الداخلي، اذ تسعى بعض القوى إلى خلط الأوراق وخلق روايات تخدم مصالحها. وتستخدم أحياناً شماعة التدخل الخارجي لإخافة الشارع من المشاركة أو لإضعاف زخم أي حركة احتجاجية”.