مخيم مسكر… منطقة صراع كردية – تركية في العراق

مخيم مسكر… منطقة صراع كردية – تركية في العراق

لا يزال التوتر يُسيطر على مخيم مخمور الواقع شمال شرق محافظة نينوى العراقية، ويقيم فيه أكثر من عشرة آلاف كردي من تركيا منذ أوائل تسعينيات القرن المنصرم، في وقت هدد فيه القائد العسكري لحزب العمال الكردستاني، مراد قره يلان، بالاندفاع نحوه لـ”فك حصار” القوات الأمنية العراقية له، فيما كشفت مصادر كردية عراقية لـ”النهار” عن وجود اتفاق عراقي – تركي لتفكيك المخيّم.
بدأ التوتر عقب تصاعد النقاش بشأن مستقبل المخيّم كنتيجة لمفاوضات حزب العمال الكردستاني مع تركيا، إذ أعلن سكان المخيّم عن مخاوفهم من الآليات الثنائية بين تركيا والعراق بشأن تفكيك المخيّم، لأنها قد تعرّضهم لمحاكمات سياسية وانتهاك حقوقهم، إذا عادوا إلى تركيا دون ضمانات أممية وحقوقية وسياق سياسي متعلق بعملية السلام الحالية في تركيا.
وكان زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان قد وجّه رسائل مباشرة لسكان المخيّم خلال خطابه الأخير، شدّد فيها على حق لاجئي المخيّم بالعودة الطوعية ضمن المسار الحالي، مُشيداً بدورهم في “نضال الحزب” والحركة التحررية الكردية.
وتتهم تركيا السلطات العراقية بغضّ النظر عمّا يجري داخل المخيم، مذكرة بأنه يشكل مأوى لمئات المقاتلين من حزب العمال الكردستاني، وقاعدة لوجستية خلفية للحزب وتنظيماته المهنية والإعلامية والسياسية. وتصاعدت انتقادات تركيا عقب سقوط تنظيم “داعش” في تلك المنطقة وزيادة نفوذ فصائل “الحشد الشعبي”، التي تعتبرها تركيا جهة تساند الأكراد سياسياً ولوجستياً، سواء في مخيم مخمور أو منطقة سنجار غرب محافظة نينوى.


ويقول مصدر سياسي كردي رفيع، في حديث مع “النهار”، إن “التوافق الأولي بين تركيا والعراق وإقليم كردستان مُقر، لكن التعقيدات السياسية والقضائية تحول دون تنفيذه بسرعة وسلاسة. فاللجان البرلمانية العراقية قد تعوق التنفيذ، وتطالبه بمناقشات طويلة لتأمين كافة شروط السلامة الأمنية والقضائية للمقيمين، وهو ما لا تستطيع الحكومة العراقية استحصاله من تركيا. كذلك، فإن شرعية إدارة الأمم المتحدة على المخيّم واضحة تماماً، وهي تملك سلسلة من الشروط التي يصعب تلبيتها، فالملف معقد لأنه يتعلق بمجتمع كامل منقطع عن جذره منذ ثلث قرن”.

“حماية أمنية”

وترفض السلطات العراقية تسمية ما تمارسه بالحصار، بل تعتبره آلية حماية أمنية لسكان المخيم، أو إمكان الوصول إليه وفق الأمن القومي العراقي. فثمة مخاوف من تسلل عناصر غير مدنيين إلى داخل المخيم، وما قد يتبع ذلك من تعرضه لقصف جوي تركي، كما حدث سابقاً، وهذه الآلية قد تقلل من هواجس تركيا الأمنية، وفق رأي السلطات العراقية.
ويشرح الناشط المدني برجس ديركي، المقيم داخل المخيم، الأوضاع هناك، قائلاً: “منذ أربع سنوات على الأقل، ثمة إغلاق تام للمخيم، تُدقق فيه أسماء الداخلين والخارجين بشكل كامل، ولا يُسمح بالخروج إلا لأسباب خاصة جداً”.
ويضيف لـ”النهار”: “ثمة إهمال متعمد لكل جوانب الحياة العامة، التعليم والاقتصاد والصحة، والجهات البلدية والخدمية لا تتلقى أي مساعدات. وما يُطرح فعلياً يتعلق بالتنازل عن الإرادة السياسية لسكان المخيم مقابل بعض الرعاية، وهذا يتنافى مع قواعد الحماية الدولية للاجئين. الحكومة العراقية تفعل ذلك بضغط من تركيا، وربما الكثير من مواليها السياسيين في العراق، خصوصاً في محافظة نينوى، وسكان المخيم مصرون على رفض الأمر مهما كانت تكلفته، وبكل الطرق المدنية والسلمية”.