ليندرز يعيد إحياء فلسفة غوارديولا لاستعادة مجد مانشستر سيتي

لم يعتد مانشستر سيتي بقيادة الإسباني بيب غوارديولا، الخروج من موسم بلا ألقاب في العقد الأخير، لكن هذه الحالة النادرة وقعت في الموسم المنصرم، لتدفع النادي المملوك إماراتياً إلى إطلاق ثورة “تصحيحية” لتعزيز التشكيلة واستعادة لغة البطولات.
هذا الصيف، كان سيتي الأكثر نشاطاً في سوق الانتقالات بين كبار الدوري الإنكليزي الممتاز، بحيث أنفق أكثر من 300 مليون جنيه إسترليني لضم مجموعة لاعبين بمتوسط أعمار قد لا يتجاوز 22 عاماً.
فقد بدأ التحرك منذ منتصف الموسم الماضي بالتعاقد مع المهاجم المصري عمر مرموش، والمدافع الأوزبكي عبد القادر خوسانوف، ولاعب الوسط الإسباني نيكو غونزاليس، وأكمل صفقاته في الصيف بضم الهولندي تيجاني رايندرز، والمدافع ريان آيت نوري، والجناح ريان شرقي، وحارس المرمى جيمس ترافورد، مع رحيل النجم البلجيكي كيفن دي بروين.
ورغم هذه الكوكبة من اللاعبين، شددت التقارير الإنكليزية على أن الصفقة الأهم لم تكن في أرض الملعب، بل على مقاعد الجهاز الفني، عبر التعاقد مع المدرب المساعد الهولندي بيب ليندرز، القادم من تجربة ناجحة مع يورغن كلوب في ليفربول، إذ شارك في حصد ألقاب الدوري الإنكليزي بعد صيام دام ثلاثة عقود ودوري أبطال أوروبا 2019.
غوارديولا لم يُخفِ إعجابه بزميله الجديد، قائلًا: “لقد جعلني أرى الأمور على نحو مختلف في فترة قصيرة، وأفكاره تدفعني للتفكير أكثر”، في إشارة إلى التأثير المباشر لأسلوبه الديناميكي خلال الحصص التدريبية. ويبدو أن سيتي يستعد لمرحلة قد يتخلى فيها نسبيًا عن فلسفة الاستحواذ المطلق، ليتبنى أسلوبًا هجوميًا أكثر عمودية وسرعة في التحولات.
ليندرز عُرف بقدرته على رفع إيقاع التدريبات وتحفيز اللاعبين، إضافة إلى دمج المواهب الشابة في التشكيلة، ما قد يفتح الباب أمام وجوه صاعدة في “ملعب الاتحاد”. ولدى الهولندي (42 عاماً) خصائص تدريبية بارزة: شغف عالٍ وانخراط ميداني في التمارين، الجمع بين المدرسة الهولندية في البناء من الخلف والمدرسة الألمانية في الضغط العكسي، ودقة في التحضير للمباريات عبر تحليل الخصوم وتحويل النتائج إلى خطط عملية مبسطة، فضلاً عن التواصل المباشر مع اللاعبين بعيداً من الاسترسال في المحاضرات.
نجوم مانشستر سيتي (وكالات)
هذا النهج قد يساعد الوافدين الجدد على فهم أدوارهم بسرعة، ويمنح غوارديولا مرونة تكتيكية إضافية. وبخلاف ميل المدرب الإسباني للاستحواذ وخنق الخصم في الثلث الأخير من الملعب، يميل ليندرز إلى استغلال المساحات وشن الهجمات المرتدة السريعة، وهو ما قد يوظف قدرات عناصر مثل شرقي ومرموش ورايندرز، ومعهم إرلينغ هالاند وفيل فودن ورودري وبرناردو سيلفا وجيريمي دوكو، إضافة إلى خبرة المخضرم إلكاي غوندوغان، في موسم يسعى فيه “سيتيزنز” للعودة إلى منصة التتويج محلياً وقارياً.
وإذا كان غوارديولا قد صنع هيمنة سيتي عبر منظومة استحواذ متقنة وسيطرة خانقة على مجريات اللعب، فإن انضمام ليندرز قد يمنح الفريق بُعدًا تكتيكيًا جديدًا، يمزج بين الصبر في البناء والجرأة في التحول السريع. فاعتماده على الضغط العكسي واستغلال المساحات قد يجعل سيتي أكثر قدرة على ضرب خصومه في لحظة ارتباك، بدلًا من الاكتفاء بإرهاقهم بالتمرير المتواصل.
ومع جودة العناصر الجديدة وسرعتها، يمكن أن يصبح الفريق أكثر عمقًا في أساليبه، قادرًا على التفوق على المنافسين سواء في مباريات يعتمد فيها الخصوم على التكتل الدفاعي أو حتى المواجهات المفتوحة، ما قد يشكل انطلاقة متجددة للنادي السموي مع الأمجاد، وهذا ما سيتم تلمسه في المباريات الأولى للفريق في الموسم العتيد، إذ سيستهل المنافسة بمواجهة ولفرهامبتون خارج أرضه بنهاية الأسبوع الجاري.