لماذا من الضروري تذكير الإيرانيين بصراع الحرب العالمية الثانية؟

الزمان: 1942
المكان: إيران
مرت قرابة السنة منذ الاحتلال البريطاني-السوفييتي لإيران في الـ25 من آب/ أغسطس 1941، وذلك بعدما ضاقت الحليفتان ذرعاً بمغازلة الشاه رضا بهلوي لدول المحور منذ انطلاق الحرب العالمية الثانية، وتلكؤه في طرد الخلايا النازية الألمانية من بلاده. عُزل رضا -وهو المعجب على المستوى الشخصي بآدولف هتلر- بحجة “الدكتاتورية”، ونصبت المحتلتان محله ابنه محمد.
تأمر بريطانيا بالقبض على 6 من التجار وموظفي الحكومة الإيرانية بتهمة التعاون مع دول المحور، ثم تحتجزهم، وتمتنع طوال 6 أشهر عن إخطار الحكومة الإيرانية المغلوبة على أمرها بمكان احتجازهم. ولا “تشبع” بريطانيا؛ فتطالب بعد فترة بالقبض على 63 شخصاً إضافياً بالتهمة نفسها، وتصر على تحقيق مسؤوليها فقط معهم، وإشرافها وحدها على حبسهم. بل تبلغ غطرسة وجبروت بريطانيا في إيران مبلغاً ترفض معه مقترحاً إيرانياً بمجرد مشاركة الدولة الخاضعة للاحتلال في استجواب رعاياها، والمشاركة في حراستهم في السجن!
ولا تكترث بريطانيا لاحتجاجات الحكومة الإيرانية لدى سفيرها، ولا لحالة الغضب وفقدان الأمان في الشارع الإيراني من تصرّفها بالمواطنين كيفما تشاء، ولا من “مانشيتات” الجرائد الإيرانية المنددة بها، فمن عساه يردعها؟ وهي بالفعل لم تستجب سوى لمقترح أميركي لحل الأزمة.
أتذكر في هذه الأيام قضية الإيرانيين المتهمين بالتخابر مع دول المحور في 1942. أتذكر الحرج البالغ، وقلة الحيلة، وفقدان الهيبة، التي عانتها الحكومة الإيرانية حينما انتُزعت سيادتها منها حتى في معاقبة رعاياها. أتذكر كل ذلك وأنا أشاهد مظاهرات مؤيدي الملكية الإيرانيين، والذين يرفعون علم إسرائيل بمعية علم إيران البهلوية، إذ يتمنون من الكيان تشديد ضرباته على موطنهم لعله يحقق أمنيتهم بإسقاط النظام، فيستعيد رضا بهلوي الحفيد عرشه.
لا أعرف أي سيناريو رومانسي ووردي تبعثه الضربات الإسرائيلية في أذهان مؤيدي الملكية الإيرانيين. ربما يتخيلون إسرائيل -أو أميركا، أو الدولتين معاً- تقتحم ملعب الحي الترابي كما كانت والدة المرء منا تفعل مضطرة خلال الطفولة، فتطالب الصبي المتنمر -وهو النظام الإسلامي في هذه الحالة- بإعادة الكرة التي انتشلها في 1979.
“خذ السيادة، حبيبي، ولا تفرّط فيها مجدداً”، ستقول إسرائيل، قاذفة بها بين قدمي أصغر مؤيد للملكية، وقانعة بإعادة الأمور إلى نصابها. وسيلتفت المواطن الإيراني لشكر إسرائيل على إنقاذها له من براثن الإسلامويين لا لشيء سوى لنصرة الحق والخير، وتأديب الصبي المتكبّر، ولكن المحتلة الطيبة -أو المحتلتين إذا ما تكرر سيناريو 1941- ستكون قد غادرت بالفعل، غير عابئة بسير المباراة، ولا طامعة في تسجيل الأهداف الشخصية.
بربكم، أليس حلماً جميلاً؟
لن أزايد أخلاقياً على مؤيدي الملكية الإيرانيين وهم يبتهجون اليوم بقصف طهران وأصفهان وكرمان شاه، ولكني سأسخر قطعاً ممن لا يقرأ التاريخ، ولا يستقي دروسه المجانية، فأنى له أن يدرك بأن الاحتلال الذي عايشه أجداده كان كابوساً مهيناً؟