فورين بوليسي: “دونباس” محور الصراع والحل في أوكرانيا

واشنطن-(أ ش أ)
مع انتهاء قمة آلاسكا التي عقدت يوم الجمعة الماضية، أفادت تقارير بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نظيره الأمريكي دونالد ترامب بأنه على أوكرانيا التنازل عن منطقة دونباس شرقي البلاد كشرط لإنهاء الحرب. في المقابل، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرارا أنه لن يقدم أية تنازلات في الأراضي مقابل اتفاق سلام، خاصة وأن الدستور لا يمنحه صلاحية التخلي عن أراض أوكرانية.
وذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن زيلينسكي حذر مطلع الشهر الجاري من أن تسليم دونباس بالكامل سيجعلها “منطلقا لهجوم روسي جديد مستقبلا”. وأضاف أنه “إذا غادرنا دونباس طواعية أو تحت الضغط، فسنبدأ حربا جديدة”.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن أحدث استطلاعات الرأي تؤكد أن 75% من الأوكرانيين يرفضون التنازل عن أي أراض لروسيا، ما يجعل من منطقة دونباس، الصناعية والتعدينية الواقعة على الحدود مع روسيا، وتضم إقليمي دونيتسك ولوجانسك، ويقطنها نحو 4 ملايين نسمة، نقطة خلاف رئيسية في أي اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
*رمز استراتيجي وعقدة تاريخية
وقالت مجلة “فورين بوليسي” إن بوتين يعتبر دونباس محورا رئيسيا لتبرير غزوه لأوكرانيا، إذ يصفها بأنها “أرض روسية تاريخيا”.
ففي عام 2022، قال بوتين -وفقا للمجلة- أن كييف ترتكب “إبادة جماعية” بحق الناطقين بالروسية هناك، في تكرار لخطاب مشابه استخدمه ضد جورجيا قبل غزوها عام 2008.
لكن خبراء يرون أن هذه الادعاءات تهدف إلى محو الهوية الوطنية الأوكرانية، إذ تظهر الإحصاءات أن الناطقين بالروسية في دونباس –رغم نسبتهم الكبيرة– ليسوا بالضرورة مؤيدين لموسكو، لاسيما وأن بعض الكتائب الأوكرانية التي حاربت الانفصاليين عام 2014 كانت تتحدث الروسية أساسا.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن النزاع في دونباس بدأ عام 2014 عقب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم ودعمها لمقاتلين انفصاليين أعلنوا قيام “جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك”.
ورغم توقيع اتفاق “مينسك” لوقف إطلاق النار، إلا أن القتال استمر لثماني سنوات، ما أودى بحياة نحو 14 ألف شخص، وأجبر 1.5 مليون آخرين على النزوح.
وترى المجلة أنه مع فشل موسكو في تحقيق أهدافها الكبرى خلال حرب 2022 على أوكرانيا، أعلنت أن “تحرير دونباس” أصبح هدفها الرئيسي. ورغم مرور أكثر من عقد على اندلاع الصراع في هذه المنطقة، إلا أن روسيا ما زالت تسيطر على نحو 88% من المنطقة فقط.
ويرى محللون – وفقا للمجلة- أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى لانتزاع ما تبقى من دونباس عبر الضغوط السياسية، إذ يدرك أن السيطرة العسكرية الكاملة قد تستغرق سنوات وتكلف عشرات الآلاف من الجنود. لكن كييف، التي عززت دفاعاتها في مدن رئيسية مثل كراماتورسك وسلوفيانسك، تعتبر التخلي عن هذه المنطقة “أمرا غير وارد”.
لذا، ومع صعوبة استعادة أوكرانيا للأراضي التي سيطرت عليها روسيا في منطقة دونباس (دونيتسك ولوجانسك) خاصة وأن موسكو تشترط التنازل عنها لإنهاء الحرب، يعتقد بعض المراقبين أن أي اتفاق سلام بين موسكو وكييف قد يتضمن اعترافا فعليا بسيطرة روسيا على أجزاء من دونباس، وهو ما قد يكون مجرد هدنة مؤقتة بين الجانبين قبل بدء جولة حرب جديدة هناك.