تحصينات الأمل: درع سانت كاترين ضد الفيضانات وجمع مياه الأمطار

تحصينات الأمل: درع سانت كاترين ضد الفيضانات وجمع مياه الأمطار

جنوب سيناء – رضا السيد:

تعتبر مدينة سانت كاترين، جوهرة جنوب سيناء، أرضًا بكرًا خصبة تعد بالخير الوفير، حيث يمكن لتربتها الفريدة أن تحتضن محاصيل ثمينة مثل بنجر السكر، والفستق، واللوز، والنباتات الطبية والعطرية، لكن هذه الجنة الواعدة تواجه تحديًا وجوديًا يهدد أحلام أهلها، وهو ندرة المياه، ففي ظل التغيرات المناخية العالمية، بات المخزون الجوفي للمياه في المدينة يتناقص بشكل خطير، مما يعيق جهود الزراعة ويجعل الحلول التقليدية غير كافية، ويرى الأهالي أن بناء المزيد من السدود لتخزين مياه السيول هو الأمل الأخير لإنقاذ أرضهم وحماية مستقبلهم.

يقول الشيخ جميل عطية، من مشايخ مدينة سانت كاترين، إن المدينة تعاني من أزمة حقيقية نتيجة التراجع المستمر في معدلات الأمطار عامًا بعد آخر، الأمر الذي انعكس سلبًا على نمو النباتات الطبيعية “الطبية والعطرية” التي كانت تغطي الجبال على مدار العام، لتصبح حاليًا نادرة الحضور في فصل الشتاء وجافة باقي الفصول، فضلًا عن تضرر الزراعات التي تشتهر بها المنطقة.

وأوضح “عطية” أن جبال سانت كاترين ذات انحدارات متعددة الاتجاهات، وتضم مخرات مياه على هيئة منحدرات جرانيتية صلبة، تنزلق منها مياه الأمطار المتجمعة على القمم، لكنها تُهدر في الرمال وبين الصخور دون استفادة حقيقية.

وشدد على ضرورة إقامة عدد من السدود أسفل هذه المنحدرات لتجميع المياه وتخزينها بكميات كبيرة قبل فقدانها، مؤكدًا أن هذه الخطوة قادرة على تحويل الجبال الصفراء إلى غطاء أخضر غني بالنباتات ذات القيمة الاقتصادية، إضافة إلى دعم التوسع في الزراعات الموسمية لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

وأشار إلى أن مياه الأمطار التي تُجمع في بحيرات السدود يمكن أن تبقى صالحة للاستخدام لمدة تصل إلى عامين، ما يضمن إنهاء أزمة المياه بالمدينة وتوفير احتياجات الشرب والزراعة لبدو المنطقة لفترة لا تقل عن 10 سنوات، مضيفًا أن تقارب الجبال يقلل من تكلفة إنشاء هذه السدود، وهو ما يعزز فرص تنفيذ المشروع على نطاق أوسع.

ولفت “عطية” إلى أن الدولة أنشأت بالفعل عددًا من السدود التي أثبتت نجاحها في تخزين مئات الأمتار من المياه، مطالبًا بالتوسع في إقامة سدود إضافية داخل الظهير الجبلي لتخزين آلاف الأمتار، ما يسهم في ترطيب المناخ والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، فضلًا عن حماية النباتات الطبيعية من الاندثار بسبب الجفاف.

وختم بالقول إن بدو المدينة يمتلكون خبرة كبيرة في تحديد أنسب مواقع إنشاء السدود، إذ اعتادوا منذ القدم على إقامة “هرابات” لتخزين مياه الأمطار والسيول، عبر حفر بين الصخور تسمح بحجز الطمي والصخور، ليصل الماء إليها صافيًا وصالحًا للاستخدام.

ومن جانبه، قال المهندس عبد المجيد مصطفى، مدير عام إدارة المياه الجوفية بجنوب سيناء، إنه جرى تنفيذ العديد من المشروعات لحماية مدينة سانت كاترين والمناطق المحيطة بها من أخطار السيول.، بهدف تخزين مياه الأمطار للاستفادة منها في تعزيز المياه الجوفية.، وتوفير مياه للزراعة والشرب في المناطق التي تعتمد على الآبار، وتتضمن 3 سدود وعدد من البحيرات الصناعية، منها بحيرتان بسعة تخزينية تبلغ مليون متر مكعب بمنطقتي الواطية والزيتونة، وسد بوادي الإسباعية بسعة 100 ألف متر مكعب، إضافة إلى إنشاء 244 بحيرة جبلية في الأودية الفرعية المحيطة بالمدينة.

وأكد مدير عام إدارة المياه الجوفية، أن معهد بحوث الموارد المائية التابع للمركز القومي لبحوث المياه يقوم بتحديث الدراسة البحثية في ظل التغيرات المناخية، وما ينتج عنها من تغيرات في مواقع وكميات الأمطار والسيول بالمحافظة، لتحديث تصميمات أعمال الحماية من أخطار السيول بما يتواكب مع التطرف الهيدرولوجي، ورفع القدرة الإستيعابية للأعمال الصناعية المقترح تنفيذها من سدود وبحيرات الصناعية في بعض المواقع.