التل يكتب: لمحات عن ولاية عبد الرؤوف الروابدة ـ بقلم: المحامي محمد مروان التل

فتح لنا دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة في كتابه المهم “شذرات من تاريخ الأردن” نافذة على الذاكرة الوطنية في زمنٍ تشتّتت فيه ذاكرتنا واشتدّت معه حاجتنا إلى إعادة قراءة تاريخ ومسيرة وطن، قراءةً ترسم خارطة طريق واضحة لمستقبل أبنائه، وهذا ما استَشْعَره وصَنَعه دولتُه في هذا الكتاب وبما يُمليه عليه ضميره وتاريخه ومسؤولياته وتطلعاته لمستقبل وطنه، فقدّم لنا فيه خلاصة تجربته الطويلة في الإدراك والبحث والكتابة و العمل لتاريخ الوطن وهويته. حفل توقيع الكتاب الذي نظّمه “مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي”، والصادر عنه هذا الكتاب، والذي جاء ترجمة حقيقية لأهداف المركز العميقة فيوثّق الماضي ليعيد لهذا الماضي نبضه وليصله بالمستقبل وليُحْفَر في ذاكرتنا للأبد، كان حفلاً بديعاً بمشاركة قامةٍ علمية قدّمت للكتاب وحلّلت المحتوى فأسِرَ تقديمه وتحليله القلوب والعقول وهو شيخ المؤرخين الدكتور علي محافظة، كما كان لقلم الصحفي الكبير الأستاذ أحمد سلامه انسيابٌ عَذْبٌ في تحليل شخصيّة مؤلف الكتاب من خلال المحطّات التي توقّف عندها الكتاب أو تلك المحطات التي جمعته بمؤلف الكتاب في حياته الشخصية وفي المواقع الرسمية التي شغلها، وذلك وسط حضور نوعي وكثيف.لقد أخَذَنا دولة عبد الرؤوف الروابدة عبر محطّات كتابه بلغته الرصينة وبأسلوبه السّلس ليفهمه كلّ قارئ له في رحلة زمنية متكاملة، بدأت من جذور الجغرافيا والهوية الأردنية، مرورًا بالحضارات القديمة كالمؤابيين والعمّونيين والنّبطيين، وصولًا إلى مراحل الفتح الإسلامي، فالعهدين الأموي والعباسي، وحتى الحقبة العثمانية، والثورة العربية الكبرى، وتأسيس الإمارة، والاستقلال، وبناء الدولة الحديثة، ومحطات مفصلية في القضية الفلسطينية وتاريخ العلاقة الأردنية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي بمراحله المختلفة.ما يميز هذا الكتاب انه امتدادٌ تنويري لأوراق بحثية ودراسات وندوات عديدة و تناولت تاريخ الأردن بمختلف أبعاده، لترسيخ الذاكرة الوطنية وحفظها للأجيال، وهو دعوةٌ للفخر والاعتزاز والفهم والوعي، وهو ما يؤكّده في مقدمته: “ويمتاز الأردن بحاضره من العزة والسؤدد، فيصوغ مستقبله ساحةً عربيةً أصيلةً كانت لأجدادها ومع أبنائها ومع أحفادها على الدوام”. كما أن هذا الكتاب كما قال الأستاذ أحمد سلامة: “نصيحةٌ للشباب أن الرسالة هي التي تبقى”، ليظل الأردن قويًا.إن «شذرات من تاريخ الأردن» ليس مجرد كتاب تاريخي، بل هو شهادة حية ورسالة وفاء لذاكرة وطنية ينبغي أن تبقى حيّة في الوجدان الجمعي، وكما جاء في تقديم الدكتور محافظة: «إنه كتاب يجدر بكل أردني وعربي قراءته لما يحتويه من معلومات وأفكار وآراء وقضايا مهمة»شكراً دولة عبد الرؤوف الروابدة على هذا الكتاب المهم الذي جاء في وقته، شكراً مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي هذه العناية والاهتمام الفائقين، شكراً للقامَتين السّامِقتين شيخ المؤرّخين الدكتور علي محافظة، والصّحفي الكبير أحمد سلامة، وإلى موعدٍ جديد لمُنتجٍ فكري وثقافي وطني بهذه القيمة.