سوريا: التحديات بين الاحتلال، غياب الدعم الدولي، واستغلال الدين لتحقيق أغراض إقليمية

سوريا: التحديات بين الاحتلال، غياب الدعم الدولي، واستغلال الدين لتحقيق أغراض إقليمية

نور ملحم
اليوم، يجتمع السوريون مع الإسرائيليين في طاولة حوار لا تحمل في طياتها سوى محاولة إسرائيل لشرعنة احتلالها واستمرار سيطرتها على الأراضي السورية . أي اجتماع معها يجب أن يُفهم ضمن سياق استراتيجية الاحتلال طويلة المدى، التي تستخدم القوة العسكرية والسياسية لضمان مصالحها، بعيدًا عن أي اعتبار للحقوق الإنسانية أو القانون الدولي.
يمكن النظر إلى تجربة باكستان كدرس واضح للازدواجية الأخلاقية في السياسة الدولية. الدولة التي تدعو جهارًا إلى التضامن الإسلامي تجاه بعض القضايا، مثل كشمير أو الرسوم الكاريكاتورية في أوروبا، تغض الطرف عن محنة مسلمي الأويغور في الصين، حيث تُسجل الانتهاكات على أنها إبادة جماعية. الصمت تجاه هذه الجرائم لم يكن محايدًا؛ بل كان مدفوعًا بالمال والنفوذ الاقتصادي. هنا يظهر أن استخدام الدين والأخلاق كغطاء لمصالح استراتيجية أصبح نموذجًا مألوفًا، وهو ما يحذر منه أي حوار مع أطراف مثل إسرائيل، التي تتصرف دائمًا وفق مصالحها الأمنية والسياسية، بعيدًا عن أي اعتبار للحقوق الإنسانية.
في المقابل، تبرز الهند كنموذج للدولة التي يمكنها حماية مصالحها الداخلية مع الحفاظ على قدرة التعامل مع الأزمات بشكل فعال، دون الانغماس في ازدواجية المعايير أو تجاهل المعاناة الإنسانية. خلال جائحة كوفيد-19، استطاعت الهند تعزيز استقرارها الاقتصادي والاجتماعي، واستمرار الإصلاحات الهيكلية مثل ضريبة السلع والخدمات، البنية التحتية الرقمية، وتشجيع رواد الأعمال، ما ساعدها على مواجهة صدمات كبيرة بكفاءة ومرونة.
إذا وضعنا هذه التجارب في سياق الاجتماع السوري–الإسرائيلي، يصبح التحدي واضحًا: إسرائيل لن تهتم بالقضايا الإنسانية أو الحقوق السورية. أي حوار معها يجب أن يُقاس بمنطق الدفاع عن الأرض والحقوق، وليس بالتسويات السطحية أو المطامع الاقتصادية قصيرة الأمد. تجاهل هذا المنطق يشبه صمت باكستان تجاه الأويغور، حيث تُستبدل المبادئ الأخلاقية بالمصالح الضيقة، وتُترك الشعوب كأدوات في لعبة أكبر من حدودها.
الإسرائيليون يعرفون قيمة الاجتماعات والدبلوماسية الشكلية؛ فهي وسيلة لإخفاء الانتهاكات المستمرة وفرض واقع الاحتلال كأمر واقع. ومن هذا المنطلق، أي اجتماع يجب أن يكون مدروسًا بعناية، مع التأكيد على حقوق السوريين، على الأرض وفي المفاوضات، دون التنازل عن أي شبر من الأراضي المحتلة أو أي حق من حقوق اللاجئين والممتلكات المصادرة.
الدرس الأبرز من ربط هذه التجارب واضح: السياسة التي تتجاهل المبادئ الإنسانية وتتعامل مع إسرائيل وكأنها شريك عادي، ستمنح الاحتلال شرعية زائفة وتزيد من معاناة المدنيين. الاجتماع السوري–الإسرائيلي اليوم سيكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة السوريين على الدفاع عن حقوقهم، وعلى رفض أي محاولات للتطبيع أو للتسويات التي تشرعن الاحتلال، ويجب أن يُقرأ في ضوء التاريخ الطويل للعدوان الإسرائيلي، لا مجرد منطق المصالح الضيقة.
كاتبة سورية