سبتمبر الحاسم: هل يبدأ صندوق النقد دراسة برنامج الإصلاح المصري؟

كشف مصدر حكومي رفيع المستوى، أن بعثة صندوق النقد الدولي تستعد لزيارة مصر خلال النصف الثاني من الشهر الجاري، تمهيدًا لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج القرض الموقع بين الجانبين، والبالغة قيمته 8 مليارات دولار.
زيارة بهدف التقييم
وبحسب المصدر لـ”تليجراف مصر”، فإن الزيارة تهدف إلى تقييم تقدم الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها، ومراجعة أداء الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية، تمهيدًا لاتخاذ قرار بشأن صرف الشريحة الجديدة من القرض في حال استيفاء جميع المتطلبات.
وقال الخبير المصرفي، محمد بدرة، إن تأجيل صندوق النقد الدولي للمراجعة الخامسة من برنامج القرض المبرم مع مصر، جاء نتيجة تباطؤ تنفيذ بعض الإصلاحات الهيكلية التي طالب بها الصندوق في وقت سابق.
وتابع بأنه في مقدمة هذه الإصلاحات، تقليص دور الدولة في الاقتصاد، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص من خلال برنامج الطروحات الحكومية وبيع بعض الأصول.
وأضاف بدرة، أن الصندوق فضّل دمج المراجعتين الخامسة والسادسة في مراجعة واحدة، لمنح مصر فترة أطول لاستكمال التزاماتها، متوقعًا أن تتم المراجعة المجمعة، والموافقة على صرف دفعة جديدة من القرض تقدر بنحو 2.5 مليار دولار.
تسريع خطوات الإصلاح الاقتصادي
وأوضح الخبير المصرفي أن صندوق النقد سيُركز في المراجعة المقبلة على تقييم سياسة ملكية الدولة وخطط تقليص تدخلها في الأنشطة الاقتصادية، مراجعة تقدم برنامج الطروحات الحكومية، وجدول بيع الأصول المملوكة للدولة، بالإضافة إلى متابعة جهود الحكومة في توسيع قاعدة الإيرادات الضريبية وتحسين كفاءة التحصيل.
وشدد على أن استمرار التمويل مرتبط بمدى جدية الإصلاحات، خاصة فيما يتعلق بتقليص سيطرة الدولة على الاقتصاد لصالح القطاع الخاص، مؤكدًا أن مصر حققت تقدمًا ملحوظًا في استقرار الاقتصاد الكلي، لكن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة، إذ سيُطالب الصندوق بتسريع خطوات الإصلاح لضمان استكمال البرنامج دون عراقيل.
وكشف مصدر أن وزارة المالية حددت سقفًا لقيمة الأموال المودعة في حساب الخزانة الموحد عند 238 مليار جنيه، التزامًا بأحد شروط صندوق النقد الدولي ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الموقع مع مصر، وذلك وفقًا لـ”إنتربرايز”.
ويُذكر أن مصر كانت قد توصلت في مارس 2024 إلى اتفاق مع بعثة صندوق النقد يقضي برفع قيمة برنامج القرض من 3 مليارات دولار إلى نحو 8 مليارات دولار، إضافة إلى التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن حزمة السياسات والإصلاحات المطلوبة لاستكمال المراجعتين الأولى والثانية ضمن برنامج التسهيل الممدد.
وحصلت مصر آنذاك على 1.2 مليار دولار إضافية من صندوق الاستدامة التابع لصندوق النقد، ليرتفع إجمالي التمويل إلى نحو 9.2 مليار دولار.
خبير: خفض صندوق النقد توقعاته لنمو اقتصاد مصر مفاجئ وغير مبررإصلاحات هيكلية مطلوبة.. صندوق النقد يصدم الحكومة
زيادة تدخل الدولة في الاقتصاد
وقال الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، إن الصندوق كان من المفترض أن يصرف لمصر شريحة بقيمة 1.2 مليار دولار في الوقت الحالي، بجانب شريحة أخرى بالقيمة نفسها لاحقًا، لكن تم تأجيل صرفهما حتى انتهاء المراجعة المجمعة.
وأكد لـ”تليجراف مصر”، أن القرار جاء بسبب عدم رضا الصندوق عن مستوى تنفيذ بعض الإصلاحات المتفق عليها، موضحًا أن أبرز نقاط الخلاف تتعلق بـ زيادة تدخل الدولة في الاقتصاد وعدم منح القطاع الخاص مساحة كافية للنمو والمنافسة.
وأشار أبو الفتوح إلى أن الصندوق يريد رؤية خطوات عملية واضحة لتحسين مناخ الاستثمار وتهيئة بيئة الأعمال، فضلًا عن تسريع برنامج الطروحات الحكومية وبيع بعض الأصول المتفق عليها، مثل بنك القاهرة ومحطات الوقود الوطنية، لافتًا إلى أن تأخر هذه الإجراءات كان سببًا رئيسيًا في قرار التأجيل.
وكشف مصدر حكومي لـ”إنتربرايز” أن الحكومة كثفت جهودها خلال الفترة الأخيرة لزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في إطار خطتها لتأمين تدفقات مستدامة من العملات الصعبة ودعم معدلات التشغيل في السوق المحلي.
ولفت المصدر إلى أن هذه التحركات أسهمت في تحقيق قفزة قياسية في تدفقات الدولار خلال شهر يوليو الماضي، إذ أعلن رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي، أن مصر سجلت أعلى تدفقات دولارية شهرية في تاريخها، بلغت نحو 8.5 مليار دولار.