في ذكرى اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، تيتيه تدعو السلطات الليبية لاتخاذ إجراءات سريعة.

طالبت المبعوثة الأممية لدى ليبيا هانا تيتيه السلطات الليبية بحزمة إجراءات ملموسة وعاجلة لمعالجة ملف الاختفاء القسري المتفشي بعموم البلاد، من بينها اعتماد تدابير شاملة للعدالة الانتقالية.
جاء ذلك في بيان بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، أعربت فيه المبعوثة الأممية عن بالغ قلقها إزاء حالات الاختفاء القسري المتفشية والممنهجة في عموم البلاد.
تيتيه: تصاعد مقلق في حالات الاختفاء القسري في عموم ليبي
وأعربت البعثة عن «قلقها الشديد إزاء الإمعان في النيل من الشخصيات السياسية والمعارضة والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والمسؤولين في الدولة والمواطنين»، مشيرة إلى أن تصاعد مقلق في حالات الاختفاء القسري في عموم ليبي.
وتابعت أن «استمرار حالات الحبس الانفرادي ووجود مراكز الاحتجاز غير الرسمية التي يتفشى فيها التعذيب والتنكيل والحرمان من الإجراءات القانونية السليمة يسير على نفس هذه الوتيرة الجسيمة»، مدللة بأن «اثنين من أعضاء مجلس النوّاب لا يزالان في عداد المفقودين حتى الآن».
مقابر جماعية
وبحسب بيان البعثة، عُثِرَ في مايو الماضي على مقابر جماعية وأشلاء مجهولة الهوية في مدينة طرابلس، منها ما وُجِد داخل مواقع كانت تستخدم في السابق كمراكز احتجاز، الأمر الذي اعتبرته البعثة الأممية «يبيّن النسق الممنهج للاختفاء القسري».
وقالت البعثة إن «الجرائم من هذا النوع تخلق مناخاً يسوده الخوف وتضييق الخناق على الفضاء المدني والإمعان في ترسيخ الإفلات من العقاب وتقويض البيئة الكفيلة بتحقيق السلام وانتخابات تتسم بمصداقية ومصالحة وطنية».
ودعت كذلك، إلى «بذل الجهود الكفيلة بكشف الحقيقة والحرص على تحديد المسؤولية عن هذه الانتهاكات»، من أجل إعادة بناء الثقة في المؤسسات الوطنية وتهيئة مناخ ملائم للعملية السياسية اتساقاً مع خارطة الطريق التي عرضت أمام مجلس الأمن في 21 أغسطس.
– البعثة الأممية تتحرى عن صحة «فيديو الدرسي».. وتدعو لتحقيق مستقل في «اختفائه القسري»
– تقرير غوتيريس: استمرار حالات الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي في ليبيا
– البعثة الأممية تدعو إلى معالجة حالات الاختفاء القسري ضمن مصالحة وطنية
أربع إجراءات
وناشدت البعثة جميع السلطات الليبية للاضطلاع بالإجراءات التالية:
– إنهاء ممارسات الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي، عبر جملة من الأمور من بينها التوقيع على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وكذلك البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.
– الكشف عن مصائر جميع المفقودين وأماكن احتجازهم من خلال إنشاء هيئة وطنية للبحث عن المفقودين بالإضافة إلى آلية وقائية وطنية، وأن تكون لكل منهما مهام واضحة تتسق مع المعايير الدولية والتشريعات الليبية.
– ضمان مساءلة الجناة، بما في ذلك عبر التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وآليات الأمم المتحدة وجبر الضرر للضحايا وأسرهم وتعويضهم وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم وإحياء الذكرى.
– اعتماد تدابير شاملة للعدالة الانتقالية بما في ذلك تشريعات توافقية تتناول الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي في إطار الجهود المتظافرة إزاء جبر الضرر عن الانتهاكات المرتكبة في الماضي.
الجرائم المرتكبة في ترهونة
ونوهت البعثة بتقرير نشرته قبل عام مضى رفقة المفوضية السامية لحقوق الإنسان، يتناول الجرائم المرتكبة في ترهونة يوثق حالات القتل والاختفاء القسري والعنف الجنسي والتعذيب والخطف اقترفتها مجموعات مسلحة بتواطؤ مع مؤسسات الدولة.
وفي الوقت الذي أصدرت فيه المحكمة الجنائية الدولية ست مذكرات اعتقال وأيضاً اتخذ النائب العام الإجراءات اللازمة لاعتقال المشتبه بهم واحتجازهم، تقول البعثة إن «المساءلة ما تزال محدودة»، وحثت جميع الدول للتعاون مع المحكمة لتسليم بقية المطلوبين للعدالة.
وتابعت أن أسر الضحايا حرموا من حقهم في كشف الحقيقة جرّاء «التعطيل الذي شاب أعمال التنقيب والبحث عن المقابر الجماعية داخل ترهونة وفي محيطها لما يقارب العامين»، لافتة إلى أنه لا يزال 67 شخصاً في عداد المفقودين، وما تزال الأسر تبحث عن إجابة وتطالب بالعدالة وجبر الضرر، متابعة: «لا بد لأصواتهم أن تسمع – ليس في ترهونة فحسب وإنما في مرزق أيضاً حيث اختطف ما يزيد عن أربعين شخصاً في 2019 وما يزالوا في عداد المفقودين».
وأردف بيان البعثة الأممية: «إنه جرح لا يمكن أن يلتأم نال من مجتمعٍ بأسره إذ ما يزال يبحث عن إجابة، الأمر الذي يعطل الجهود التي تبذلها المجتمعات المحلية تجاه المصالحة، وكذلك في تاورغاء ومصراتة، إذ ما تزال أسر الضحايا في انتظار سماع أخبار عن أحبائهم منذ أيام الثورة، وفي سرت، حيث تتواتر التقارير عن حالات الاختفاء كما هو الحال في أمكان أخرى عديدة في عموم ليبيا المضرجة بجراح خلفها ماضي طويل يعج بالعنف، بما فيها مجزرة أبو سليم في 1996».
– تقرير للخارجية الأميركية: نحو 20 ألف مفقود في ليبيا.. قتل خارج القضاء والانقسامات تعيق التحقيقات
– عقوبات أوروبية على المتورطين في «عمليات القتل والاختفاء القسري» بليبيا
برنامج لمدة 3 سنوات
هذا الواقع يبرز، بحسب البعثة، مدى الحاجة الملحّة لتظافر الجهود الوطنية نحو الكشف عن مصائر جميع المفقودين، في إطار «عملية أوسع وأعم للعدالة الانتقالية». وقالت البعثة إنها تعكف بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بدعم من هولندا، في الوقت الحالي على تنفيذ برنامجاً يستمر لثلاث سنوات يتناول تعزيز القدرات في مجال الطب الشرعي وإحراز تقدم في مسودة قانون معني بالمفقودين ودعم تشكيل شبكة وطنية من منظمات المجتمع المدني وإشراك أسر الضحايا وتوسيع دائرة مبادرات الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني والتوعية، بما في ذلك حملة «مفقود» الإعلامية في عموم ليبيا.
وجددت البعثة التزامها في العمل مع كافة الجهات الليبية على تعزيز سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وضمان تحقيق المساءلة عن جميع الانتهاكات، بما في ذلك الاختفاء القسري. وناشدت البعثة جميع السلطات لاتخاذ «إجراءات عاجلة عبر الإصلاحات التشريعية وإنشاء الهيئة الوطنية للمفقودين والتصدي لهذا الإرث الأليم وتحقيق العدالة للأسر والمجتمعات العديدة في عموم ليبيا والتي ما تزال تنتظر إجابة».