الطفلة ومشروب الشيبسي: بين براءتها واستغلالها.. مظهر شاهين يدعو إلى محاسبة المستغلين قانونياً

أثارت الطفلة هايدي محمد أحمد نسيم، المعروفة إعلاميًا بـ”طفلة الشيبسي”، ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، بعدما ضحت برغبتها في شراء كيس شيبسي وقررت أن تمنح ثمنه لرجل مسن عابر، في مشهد إنساني عفوي هز مشاعر المصريين، واعتبره الكثيرون مثالاً على الرحمة والإيثار الفطري لدى الأطفال.
طفلة الشيبسي بين البراءة والاستغلال
الموقف الإنساني البسيط تحوّل إلى حدث عام، حيث سارعت رئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة، الدكتورة سحر السنباطي، إلى تكريم طفلة الشيبسي ومنحها لقب “سفيرة الإيثار“، معتبرة أن ما فعلته يستحق أن يكون قدوة للأطفال في نفس عمرها ، كما جرى الإعداد لمراسم احتفالية مميزة داخل مدرستها في أول يوم دراسي، تقديرًا لموقفها.
وفي السياق ذاته، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً هائلًا، حيث أعرب آلاف المتابعين عن إعجابهم ببراءة الطفلة وفطرتها السليمة، ورأوا أن تصرفها يعكس دروسًا في العطاء يتوجب على الكبار قبل الصغار التعلم منها.
الجدل حول الاستغلال التجاري للطفلة هايدي المعروفة ب طفلة الشيبسي
ورغم الحفاوة التي صاحبت انتشار قصة طفلة الشيبسي إلا أن المشهد لم يخلُ من انتقادات، بعدما دخلت بعض المحلات التجارية الشهيرة من مطاعم وكافيهات وحلويات على خط الحدث، لتسويق منتجاتها تحت شعار “تكريم الطفلة”، وهو ما اعتبره خبراء “استغلالًا واضحًا لبراءة الأطفال”.
فقد أكد الدكتور جمال شعبان، عميد معهد القلب السابق، أن إطلاق منتجات غذائية باسم الطفلة مثل فكرة شيبسي خاص بها يُعد استغلالًا ضارًا بالصحة، ووصفه بأنه “انتهازية تسويقية” تتعارض مع الهدف الإنساني الحقيقي للقصة.
الدكتور مظهر شاهين لابد من محاسبة المستغلين
وفي هذا السياق، قال الدكتور مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد عمر مكرم وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، في فيديو له: “لو بإيدي كنت أحاسب الناس اللي استغلوا الطفلة هايدي في تحقيق مصالح شخصية وأحاسبهم حساب عسير جدا.
وأضاف: بعض الناس للأسف الشديد أصحاب محلات كباب وكفتة شهيرة، أصحاب محلات ألبان وحلويات شهيرة استغلوها واستغلوا ركوب الترند عشان يحققوا مصالح شخصية لنفسهم تحت مزاعم التكريم والاحتفاء.
وقال: طبعاً البنت فرحانه والبنت صغيرة بتلاقي الناس بتكرمها وبتحتفي بيها، مش فاهمة إن هما بيستغلوها لتحقيق مصالح شخصية وتحقيق أرباح مادية والاسم إحنا بنكرمها، أنا بطالب المجلس القومي للأمومة والطفولة أنه يحاسب الناس دول بالقانون لأن القانون بيجرم استغلال الأطفال.
وأضاق: البنت مش فاهمة حاجة، عايزين توقف الناس دول عند حدهم وميستغلوش الأطفال أبداً لتحقيق مصالح شخصية أو مادية، وفي الآخر هما اللي كسبانين حتى لو كان الظاهر أنهم بيكرموها أو بيحتفوا بيها. تحقيق المصالح المادية لا يمكن أن يكون على حساب أطفالنا.”

رد فعل الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي على واقعة طفلة الشيبسي
رد فعل الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي على واقعة طفلة الشيبسي كان متباينًا، لكنه في المجمل انقسم إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية:
أولا : إشادة واسعة بالطفلة
معظم التعليقات جاءت مشيدة بتصرف الطفلة العفوي، واعتبره رواد “فيسبوك” و”إكس” (تويتر سابقًا) دليلاً على أن البراءة والرحمة لا تزال موجودة في نفوس الأطفال.
كثيرون رأوا أن ما فعلته هايدي يحمل درسًا إنسانيًا للكبار قبل الصغار، وأن تصرفها البسيط يستحق أن يتحول إلى قدوة ومثال للتربية على قيم العطاء والإيثار.
انتشرت عبارات مثل: “هايدي أيقظت إنسانيتنا” و “طفلة علمت الكبار معنى الرحمة”، في إشارة للتأثير القوي للقصة.
ثانيا : انتقادات للاستغلال التجاري والإعلامي
في المقابل، عبّر قطاع من المتابعين عن استيائه من مبالغة بعض الشركات والمطاعم في استغلال الواقعة للدعاية التجارية.
رأى البعض أن تكريم الطفلة أمر إيجابي، لكن تحويل القصة إلى “تريند” تجاري يقلل من قيمة الموقف الإنساني.
كتب بعض المستخدمين تعليقات مثل: “الطفلة بريئة، لكن الكبار استغلوها للربح”، و “المفروض التكريم يكون معنويًا وتربويًا مش إعلانياً”.
ثالثاً : نقاش حول التكريم المبالغ فيه
بعض الآراء اعتبرت أن المبالغة في الاحتفاء بها قد تُفقد قيمة العطاء معناها البسيط والعفوي، وتحوله إلى وسيلة للشهرة أو المكافآت.
تداول كثيرون تصريح وزيرة التضامن الاجتماعي مايا مرسي، التي حذرت من ربط قيمة العطاء بالشهرة، معتبرين أن كلامها منطقي ويهدف لحماية الطفلة من تبعات نفسية سلبية.
فبينما يصر البعض على أن التكريم العفوي والمبالغة في الاحتفاء بالطفلة يعكس تقدير المجتمع لفعل الخير، يرى آخرون أن القضية تحولت إلى “تريند” استُخدم للتسويق التجاري على حساب طفلة لم تدرك بعد أبعاد الموقف.
ورغم الجدل، تبقى قصة “طفلة الشيبسي” رسالة إنسانية بالغة الأهمية، تؤكد أن بذور الخير ما زالت مزروعة في نفوس الأطفال، وأن المجتمع بحاجة إلى حماية هذه القيم النبيلة من محاولات الاستغلال المادي أو التسويقي، مع ضرورة وضع أطر قانونية واضحة تردع أي محاولات لاستغلال الأطفال تحت أي ذريعة.