اللحظات الأخيرة في حياة سعد زغلول: لماذا كان يكرر عبارة «لا جدوى» في أواخر حياته؟

في مثل هذا اليوم 23 أغسطس، تحيي مصر ذكرى وفاة سعد زغلول، أحد أبرز قادة الحركة الوطنية المصرية وأحد مؤسسي حزب الوفد، الذي لعب دورًا محوريًا في مقاومة الاحتلال البريطاني والدفاع عن حقوق المصريين، وكان صوتًا بارزًا للمطالبة بالاستقلال والحرية خلال فترة مفصلية في تاريخ البلاد.
من هوسعد زغلول؟
ولد سعد زغلول في قرية إبيانة، التابعة لمركز فوة سابقًا (مطوبس حاليًا) بمحافظة كفر الشيخ. وتختلف المصادر حول تاريخ ميلاده، فبعضها يذكر يوليو 1857، بينما تشير أخرى إلى يوليو 1858، أما سجلات شهادته في الحقوق فتؤكد أنه من مواليد يونيو 1860.
نشأ سعد في أسرة ريفية مصرية، حيث توفي والده، رئيس مشيخة القرية، عندما كان عمر سعد خمس سنوات، تاركًا له ولأخيه أحمد زغلول حياة يتيمة، وتلقى تعليمه الأولي في الكتاب، ثم التحق بالأزهر عام 1873، حيث تعلم على يد أعلام مثل السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، وانضم إلى دائرة أصدقاء جمال الدين الأفغاني، حيث عمل معه في تحرير مجلة “الوقائع المصرية”.
التحق بوزارة الداخلية كمعاون، لكنه فصل بسبب مشاركته في ثورة عرابي. بعد ذلك اتجه للعمل في المحاماة، لكنه اعتقل عام 1883 بتهمة الانتماء لجمعية سرية تعرف بـ«جمعية الانتقام». وبعد ثلاثة أشهر أفرج عنه، وعاد إلى ممارسة المحاماة.
توطدت علاقات سعد السياسية والاجتماعية عبر تعامله مع النخبة، حيث ارتبط بعلاقات مع الأميرة نازلي فاضل، وحرص على تعلم اللغات الأجنبية كالإنجليزية والفرنسية لتعزيز ثقافته، كما تزوج من ابنة مصطفى فهمي باشا، رئيس وزراء مصر آنذاك.
بدأ سعد مسيرته القضائية وعين وكيلاً للنيابة، وكان من زملائه في ذلك الوقت قاسم أمين، وتدرج في المناصب حتى صار رئيسًا للنيابة وحصل على رتبة الباكوية، ثم نائب قاضي عام 1892، كما حصل على ليسانس الحقوق عام 1897.
انخرط سعد زغلول في الحركة السياسية ضمن فئة المنار، التي ضمت أزهريين ومصلحين اجتماعيين وسياسيين، وشارك في الحملة لإنشاء الجامعة المصرية، مدافعًا عن قاسم أمين وكتابه “تحرير المرأة”. في 1906 عُين ناظرًا للمعارف، ثم في 1910 ناظرًا للحقانية.
ساهم سعد زغلول في تأسيس النادي الأهلي عام 1907، وتولى رئاسته في نفس العام، كما فاز بعضوية الجمعية التشريعية، وأصبح نائبًا عن دائرتين في القاهرة، حيث كان من أبرز المعارضين فيها. بعد الحرب العالمية الأولى.
تزعم سعد زغلول حركة المطالبة بالاستقلال الوطني، وقاد ما عرف بجماعة الوفد، التي أصبحت فيما بعد حزبًا سياسيًا قويًا يطالب بإلغاء الحماية البريطانية عن مصر.
زغلول وتشكيل الوفد المصري
في عام 1918، خطرت لسعد زغلول فكرة تأسيس الوفد المصري كأداة للدفاع عن القضية الوطنية ضد الاحتلال الإنجليزي، حيث دعا عدداً من رفاقه إلى لقاءات سرية في مسجد وصيف، لمناقشة مستقبل مصر بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وتشكل الوفد المصري من شخصيات بارزة مثل سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وغيرهم، وأطلقوا على أنفسهم اسم “الوفد المصري”.
وسعى الوفد إلى جمع توقيعات من أصحاب الشأن لإثبات تمثيلهم الشعبي، حيث جاء في نص التوقيعات: «نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عن حضرات: سعد زغلول في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعي سبيلًا في استقلال مصر تطبيقا لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى».
في 8 مارس 1919، اعتقلت السلطات البريطانية سعد زغلول ومجموعة من رفاقه ونفتهم إلى جزيرة مالطا، ما أشعل شرارة ثورة 1919 التي أصبحت أحد أبرز عوامل زعامته السياسية.
وأجبرت الثورة الإنجليز على عزلة الحاكم البريطاني وإطلاق سراح سعد وزملائه، حيث سمح لهم بالسفر إلى مؤتمر الصلح في باريس لعرض قضية استقلال مصر.
رغم ذلك، لم تلق مطالب الوفد المصري استجابة من مؤتمر الصلح، مما أدى إلى تجدد الثورة وتصاعد حماسة الشعب، الذي بدأ بمقاطعة البضائع الإنجليزية.
وأعادت السلطات البريطانية اعتقال سعد زغلول ونفته مرة أخرى إلى جزيرة سيشل في المحيط الهندي، لكن ذلك لم يضعف الثورة بل زادها اشتعالاً، فيما فشلت محاولات الإنجليز لقمعها بالقوة.
في عام 1921، شهد الوفد انقسامات داخلية، حيث انفصل عشرة من أعضائه رغم أنهم كانوا يشكلون الأغلبية،حينها قال سعد زغلول كلمته الشهيرة: «المسألة ليست مسألة أغلبية وإنما مسألة توكيل»، مؤكدًا بذلك على أن الشرعية لا تُقاس بالعدد فقط، بل بالتمثيل القانوني.
اللحظات الأخيرة في حياة سعد زغلول
في لحظاته الأخيرة، كان سعد زغلول يكرر عبارة “مفيش فايدة” أثناء حديثه مع زوجته، وقد أُثير حول هذه العبارة تفسيران مختلفان، الأول يرى أنها تعكس إحباطه من الوضع السياسي المتدهور في مصر آنذاك، وهو التفسير الأكثر شيوعًا.
ويشير التفسير الثاني، والذي يعد الأرجح، إلى عدم جدوى الأدوية التي يتلقاها، مع تدهور حالته الصحية، وليس موقفه من السياسة، وهو ما يؤكده الكاتب الصحفي الراحل حافظ محمود حيث قال إن سعد زغلول لم يفقد الأمل أبداً في مستقبل وطنه رغم الظروف الصعبة.
ومن أشهر مقولات سعد زغلول أيضًا: «فساد الحكام من فساد المحكومين»، «إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية»، «الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة».
محطات في حياة سعد زغلول
في عام 1892، عُيّن سعد زغلول قاضياً في محكمة الاستئناف.
في عام 1906، أصبح رئيساً لوزارة التربية والتعليم وشارك في تأسيس حزب الأمة.
في عام 1910، تم تعيينه وزيراً للعدل.
في عام 1912، استقال من منصب وزير العدل بعد خلاف مع الخديوي عباس حلمي الثاني.
في عام 1912، انتُخب عضواً في الجمعية التشريعية.
في عام 1913، عُيّن نائباً لرئيس الجمعية التشريعية وبدأ ينتقد الحكومة البريطانية.
في الفترة من 1914 إلى 1918، شارك في تشكيل هيكل تشريعي أثناء الحرب العالمية الأولى رغم القيود البريطانية.
في 13 نوفمبر 1918، طالب المفوض السامي البريطاني بإلغاء الحماية ومنح مصر تمثيلاً في مفاوضات السلام، لكن الطلب قوبل بالرفض.
في مارس 1919، نُفي مع رفاقه إلى جزيرة مالطا مما أدى لاندلاع ثورة 1919.
في عام 1920، عقد لقاءات مع وزير المستعمرات البريطاني اللورد ميلنر وتوصل إلى تفاهم لكنه انسحب.
في عام 1921، استخدم أنصاره لعرقلة تشكيل الحكومة فتم نفيه إلى جزر سيشل.
في فبراير 1922، حصلت مصر على استقلال محدود وفق توصيات ميلنر.
في عام 1923، سُمح له بالعودة إلى مصر.
في فبراير 1924، أصبح رئيساً للوزراء بعد فوز حزب الوفد بأغلبية في الانتخابات.
في نوفمبر 1924، استقال بعد تداعيات حادث اغتيال قائد الجيش السير لي ستاك.
في عام 1926، أصبح رئيساً للبرلمان.
أشهر مقولات سعد زغلول
في لحظاته الأخيرة، كان سعد زغلول يكرر عبارة “مفيش فايدة” أثناء حديثه مع زوجته، وقد أُثير حول هذه العبارة تفسيران مختلفان، الأول يرى أنها تعكس إحباطه من الوضع السياسي المتدهور في مصر آنذاك، وهو التفسير الأكثر شيوعًا.
ويشير التفسير الثاني، والذي يعد الأرجح، إلى عدم جدوى الأدوية التي يتلقاها، مع تدهور حالته الصحية، وليس موقفه من السياسة، وهو ما يؤكده الكاتب الصحفي الراحل حافظ محمود حيث قال إن سعد زغلول لم يفقد الأمل أبداً في مستقبل وطنه رغم الظروف الصعبة.
ومن أشهر مقولات سعد زغلول أيضًا: «فساد الحكام من فساد المحكومين»، «إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية»، «الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة».
اقرأ أيضًا: احتفالية الوفد تتحول لمرآة أزمة.. من المسيرات المهيبة للساحة الخاوية.. والوفديون: «اليوم مات سعد والنحاس»