اقتراح تغيير مواعيد العمل يثير الجدل وسط تساؤلات حول ملاءمته للواقع المصري

اقتراح تغيير مواعيد العمل يثير الجدل وسط تساؤلات حول ملاءمته للواقع المصري

عضو مجلس النواب: مقترح بدء العمل من الخامسة صباحًا غير واقعي.. والإنتاجية تتحقق بالانضباط لا بالتبكير

خبير اقتصادي: تعديل مواعيد العمل إلى الخامسة صباحًا يوفر الطاقة ويخفف الضغط على الموازنة

خبير اقتصادي: مقترح العمل من الخامسة صباحًا مبالغ فيه ويهدف لإثارة الصخب الإعلامي

خبيرة اقتصادية: مقترح العمل من الخامسة صباحًا “كلام غير مدروس” والأولى الانشغال بقضايا  تهم المواطنين

 

أثار مقترح برلماني تقدمت به النائبة آمال عبد الحميد لتعديل مواعيد العمل الرسمية في المؤسسات الحكومية لتبدأ من الخامسة صباحًا حتى الثانية عشرة ظهرًا، حالة من الجدل في الشارع المصري، وتباينت الآراء بشأنه ما بين مؤيد يرى فيه فرصة لترشيد الطاقة وزيادة الإنتاج، ومعارض يعتبره مقترحًا غير منطقي ويبتعد عن أولويات المواطن. وفي هذا السياق، أجرت “البوصلة الاقتصادية” استطلاعًا لآراء عدد من الخبراء الاقتصاديين والنواب لتقييم المقترح من كافة الزوايا الاقتصادية والاجتماعية والتنفيذية، وجاءت آراؤهم كالتالي:
 
بداية، أعربت النائبة إيڨلين متى، عضو مجلس النواب، عن رفضها لمقترح تعديل مواعيد العمل الرسمية في المؤسسات الحكومية ليبدأ من الخامسة صباحًا حتى الثانية عشرة ظهرًا، مؤكدة أن الإنتاجية لا تتعلق بالتوقيت بقدر ما ترتبط بانضباط ساعات العمل وأسلوب الإدارة.

وقالت: “القضية لا تتعلق بمدى تبكير أو تأخير مواعيد العمل، وإنما تتعلق بمدى التزام الموظف بأداء ست ساعات فعلية من العمل، بما يضمن تقديم الخدمات للمواطنين بكفاءة”.

وأضافت أن المقترح المقدم لا يحقق زيادة في الإنتاجية أو تحسنًا في دخل الموظفين، موضحة “إذا كان الموظف سيغادر مقر العمل في الثانية عشرة ظهرًا، فلن يمد ساعات عمله، وبالتالي لن يتحقق أي تحسن في دخله، ما نحتاج إليه هو توفير نظام للحوافز والإثابة للموظف الذي يعمل بجهد أكبر ولساعات أطول”.

وتابعت “متى” الشركات الخاصة تحقق إنتاجية وكفاءة عالية لأنها تعتمد على إدارة قوية وساعات عمل أطول، لكن في المقابل، لا يمكننا أن نتوقع نتائج مشابهة إذا بدأ الموظف الحكومي عمله في الخامسة صباحًا وغادر في منتصف اليوم دون تغيير في نظام الأداء.

 وأشارت إلى أن بعض المؤسسات الحكومية الكبرى لا تبدأ العمل فعليًا قبل التاسعة والنصف صباحًا، ما يدل على ضعف الالتزام الإداري، مضيفة “المشكلة الحقيقية تكمن في غياب التنظيم والانضباط، نحن بحاجة إلى إدارة حكيمة لساعات العمل، وزيادة أعداد العاملين في بعض المصالح التي تعاني من نقص شديد، حتى ولو من خلال التعاقدات المؤقتة”.

واختتمت “لا توجد دولة في العالم يبدأ فيها العمل في الخامسة صباحًا، لكن الموظف في الدول الأخرى يلتزم بعدد ساعات العمل الكاملة ويؤدي مهامه بكفاءة، وهو ما يجب أن نسعى لتحقيقه”.

ومن جانب، أشاد الخبير الاقتصادي أحمد شوقي، بمقترح تعديل مواعيد العمل الرسمية في المؤسسات الحكومية لتبدأ من الخامسة صباحًا حتى الثانية عشرة ظهرًا، مؤكدًا أن له مزايا متعددة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، أبرزها ترشيد استهلاك الطاقة وتقليل الضغط على الموازنة العامة للدولة.

وقال: “المقترح جيد جدًا لأنه يساعد على استغلال ساعات النهار بشكل عملي، نحن في مصر لا نعيش النهار كاملًا كما ينبغي، ومعظم الأنشطة تبدأ متأخرة، بينما تمتد فترات السهر حتى ساعات متأخرة من الليل، وهو ما يؤدي إلى استهلاك كبير في الكهرباء والطاقة”.

وأضاف عندما تبدأ الدولة نشاطها مبكرًا وتنتهي في وقت مبكر، سيقل الاعتماد على الإضاءة والطاقة خلال الليل، وبالتالي سيحدث وفر في استهلاك الكهرباء ينعكس بالإيجاب على الموازنة العامة، ويمكن توجيه هذا الوفر إلى دعم الفئات الأكثر احتياجًا.

وتابع “شوقي” المواطن نفسه سيستفيد، لأن قلة استهلاك الطاقة ستقلل من فاتورته الشهرية، ما يعني تحقيق منافع مباشرة لكل من الدولة والمواطن.

وأشار إلى أن تطبيق المقترح يحتاج إلى خطة شاملة تشمل جميع القطاعات، قائلًا: “لا بد أن تطبق الفكرة على جميع المؤسسات الحكومية والخاصة، بما في ذلك البنوك، وشركات القطاع الخاص، والمصالح الخدمية، حتى لا يحدث تعارض أو خلل في منظومة العمل، كما يجب تعديل جداول وسائل النقل الجماعي، مثل القطارات، والمترو، وخطوط النقل العام لتتوافق مع مواعيد العمل الجديدة.

واختتم المقترح يحمل مزايا مهمة، لكن نجاحه يتوقف على آلية التطبيق، التي يجب أن تكون شاملة ومتدرجة ومدروسة لضمان تحقيق النتائج المرجوة.

وفي سياق متصل قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، إن مقترح تعديل مواعيد العمل الرسمية في المؤسسات الحكومية ليبدأ من الخامسة صباحًا يبدو غير منطقي ويستهدف إثارة الصخب الإعلامي أكثر من كونه مقترحًا واقعيًا قابلاً للتطبيق.

وأوضح جاب الله أن مجلس النواب في فترة إجازة حاليًا، وليس في دور انعقاد رسمي، فضلًا عن أن النائبة صاحبة المقترح قد لا تكون ضمن التشكيل البرلماني المقبل، في ظل الاستعدادات الجارية للانتخابات التشريعية.

وأضاف الحديث عن بدء العمل من الساعة الخامسة صباحًا أمر مبالغ فيه، خاصة وأن تلك الساعة لا تزال مظلمة في فصل الشتاء، وبالتالي لا يمكن تصور ذهاب الموظفين إلى أعمالهم في هذا التوقيت”.

وتابع كان من الممكن أن يكون المقترح أكثر عقلانية لو تضمن تقديم مواعيد العمل إلى السابعة صباحًا بدلًا من الثامنة، مع إلغاء العمل بالتوقيت الصيفي، وهو أمر يمكن مناقشته في سياق أوسع وتحليل علمي شامل.

وانتقد الخبير الاقتصادي إعلان المقترح بهذه الطريقة، دون إجراء دراسة واضحة حول آثاره أو جدواه، قائلاً: “من الأولى أن تتم دراسة مثل هذه المقترحات بشكل متكامل قبل طرحها على الرأي العام، حتى لا ينشغل المواطنون بأفكار بعيدة عن المنطق واحتياجات الواقع الفعلي”.

 وفي نفس الإطار، وصفت الدكتورة يمنى الحماقي، أستاذة الاقتصاد، المقترح البرلماني الخاص بتعديل مواعيد العمل الرسمية ليبدأ من الخامسة صباحًا، بأنه كلام غير مدروس ولا يعكس أولويات الشارع المصري.

وقالت “الحماقي” كان من الأولى أن تتجه النائبة صاحبة المقترح إلى النزول للشارع والاستماع إلى مشكلات المواطنين الحقيقية، وعرض مقترحات تعالج تلك التحديات، بدلًا من طرح أفكار بعيدة عن واقع الناس ولا تعالج مشكلاتهم اليومية.