مراجع عمله لم يُكتب له شيء!

مراجع عمله لم يُكتب له شيء!

أي فنان يحتاج إلى كلمات المدح والدعم والإشادة حتى يستمر، لكن هل يبرر ما سبق أن تكون تلك الكلمات صادرة عن “مجهول” أو بالأحرى “شخص غير موجود من الأساس”.

 القصة بدأت من زميلي الصحفي النابه محمد سلطان محمود الذي بعث يسألني عن فتاة تكتب على بروفايلها إنها مدير تنفيذي لقناة تليفزيونية كبيرة، قلت له مبدئيًا إنه لا يوجد هذا المنصب أصلًا في تلك القناة، لكن لماذا تسأل عنها يا محمد؟اتضح أن الفتاة منتشرة على مجموعات مشاهدة المسلسلات عبر فيس بوك، ومنها مجموعة عدد أعضائها يقترب من 800 ألف، وكل منشوراتها تقريبًا عبارة عن كلمات مدح مبتذلة لمسلسلات أغلبها تجاري متوسط المستوى، لكن الأغرب من كل ذلك أنها تقدم الكلام باعتباره مكتوبًا من خلال الناقد الكبير د. محمد محسن، حيث تزعم بوجود ناقد يحمل هذا الاسم!!.كوني متفاعلًا مع الوسط النقدي والسينمائي منذ ثلاثة عقود لا يعني أبدا أنني أعرف جميع من يعملون به، وأحيانًا كثيرة أتابع فقرات فنية في برامج تقدم من يمنحون لأنفسهم صفة الناقد ولم أسمع عنهم من قبل، بعضهم بالفعل يستحق الصفة لكنه غير منتشر ولا يجد منافذ للتعبير عن أفكاره، ومعظمهم من إفرازات العصر الرقمي، كتبوا منشورات فنية، تابعها جمهور لم يعد يثق في النقاد الكلاسيكيين، ويريد كتابات سهلة، وتدريجيًا يشارك النجوم تلك المنشورات فيحدث الانتشار المؤقت قبل أن ينزوي هؤلاء واحدًا تلو الآخر وكأنهم لم يمروا على شارع الفن أصلًا.أزمة كبيرة من وجهة نظري أن يشارك الفنان منشورات يدعي أصحابها أنهم نقاد لمجرد أنهم يمدحون في العمل، المفروض أن يتشكك أي فنان في أي موضوع لا يذكر ثغرات إلا لو كان مقتنعًا أنه يقدم عملًا متكاملًا من كل الوجوه.لكن المصيبة الأعظم أن يشارك نجوم – لن أكتب أسماءهم – منشورات لناقد وهمي غير موجود في الحياة، إنه الناقد الذي لم يكتب شيئًا وتقوم الفتاة بكتابة منشورات وتنسبها له، ويعيد الممثلون نشرها وهم يقدمون له كل الشكر، طيب فين حساب الناقد، لماذا لا ينشر بنفسه، أين صورته، من شاهده في الحقيقة، وكيف يكون ناقدًا ويحمل الدكتوراه ويكتب بكل هذه الركاكة؟، لا أحد يسأل، الكل فقط يطربه المديح.ظاهرة مؤسفة ويبدو أنها لن تنتهي سريعًا طالما أن النقد المحترف غائب.أخيرًا، شكرًا لكل من أرسلوا للإشادة بمقال “جمعية النقاد السرية”، وهؤلاء الذين قدموا قصصًا ومواقف على مخالفات في الجمعية المذكورة وجمعيات أخرى، وكما وعدتهم سنعود للملف عن قريب، وهو أمر بات ضروريًا حتى لا يظهر لنا المزيد من النقاد الوهميين.