تحول الأهوار الجنوبية في العراق إلى صحراء واسعة نتيجة للجفاف

تحول الأهوار الجنوبية في العراق إلى صحراء واسعة نتيجة للجفاف

تعاني منطقة الأهوار المُدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو»، من جفاف شديد بات يهدد رؤوس الماشية.

وتحولت المساحات التي كان يغطيها قَصَب طويل في تلك المنطقة الواقعة كنوب العراق إلى صحراء شاسعة أرضها متشقّقة، وفق وكالة «فرانس برس».

ويقول الراعي العراقي واثق عباس إنه يمارس الرعي منذ 15 عاما، وهي نفس المهنة التي كان يمارسها والده، لكن أسلوب الحياة بات مهدّدا بسبب الجفاف الذي يقضي على رؤوس الماشية.

السكان يعانون من الموت التدريجي لمصدر رزقهم
يضيف عباس: «في الماضي، كان الجفاف يستمرّ سنة أو سنتين ثم تعود المياه، أمّا الآن، ليس هناك ماء منذ خمس سنوات».

وعرف العراق هذا العام أكثر سنوات تاريخه جفافا منذ العام 1933، فيما تتجاوز في هذا البلد الحرارة 50 درجة خلال الصيف، ويعاني عشرات آلاف من سكان الأهوار من الموت التدريجي لمصدر رزقهم المتمحور حول تربية الماشية والصيد وصيد الأسماك.
– «منطقة المتوسط» والأمطار الطوفانية.. علماء يفسرون أسباب «المناخ المتطرف» من ليبيا إلى إسبانيا
– «المرصد الأوروبي»: الجفاف يغزو شمال أوروبا

وتبقى في بعض أنحاء المستنقعات قنوات مائية قامت السلطات هذا العام بتعميقها لكي يتسنّى للجواميس أن تنزل فيها، وهو ما دفع واثق عباس لأخذ 25 رأسا من ماشيته إليها، حيث ينقل منذ سنوات قطيعه إلى المناطق التي تتوافر فيها المياه بين الجبايش في محافظتي ذي قار وميسان المحاذية القريبتين منه.

صراع على المياه
وينجم الجفاف عن التغيّر المناخي الذي ينعكس تراجعا بنسبة المتساقطات وارتفاعا بدرجات الحرارة يسهم في تفاقم تبخّر المياه.

كما تعاني الأهوار التي تتغذى بشكل أساسي من أنهار وروافد تنبع من تركيا وإيران المجاورتين من الجفاف بفعل سدود بنتها الدولتان على نهري دجلة والفرات.

وتحاول بغداد ترشيد استخدام المياه لتوفير ماء الشرب لـ46 مليون نسمة في البلد وتغطية احتياجاتهم الزراعية، ولا تصل المياه إلى الأهوار إلا بعد أن تحصل كل المناطق الأخرى على حصصها.

غياب العدالة في توزيع المياه
من جهته، يقول المدير التنفيذي لمنظمة «طبيعة العراق» جاسم الأسدي: «نعاني من غياب العدالة في توزيع المياه، كما نعاني أيضا من بعض الاستخدامات الزراعية التي تعتمد على أسلوب إغراق الحقول بالمياه، وهي طريقة ري تقليدية تُعتبر مرادفا للإهدار.

وكان الأسدي قبل نحو عقدَين، أحد الناشطين الذين حشدوا جهودهم لإعادة إحياء 5600 كيلومتر مربّع من الأهوار، وهي جزء من مساحة المناطق التي عمد نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الى تجفيفها في تسعينات القرن الماضي لطرد متمرّدين شيعة لجأوا إليها، وفق «فرانس برس».

أمّا اليوم، فلا تتجاوز مساحة المناطق المغمورة الـ800 كيلومتر مربّع ما يدفع السكان إلى ترك أراضيهم والرحيل، حسب الأسدي.

تهديد التنوّع البيولوجي
ويطال التهديد كذلك التنوّع البيولوجي وحيوانات مختلفة مثل السلاحف وثعالب المياه ذات الفراء الناعم المعروفة باسم «ماكسويل» وعشرات أنواع الطيور المهاجرة التي تقضي الشتاء في الأهوار.

ويقول الطبيب البيطري وسام الأسدي: «كنّا نمتلك 48 نوعا من الأسماك، اليوم تبقّى لدينا أربعة منها فقط، كما كان عندنا سابقا 142 نوعا من الطيور البرية، حاليا لم يعد هناك إلّا 22 نوعا فقط».

وحذّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير في يوليو الماضي من خطر انقراض الجواميس المائية في الأهوار الجنوبية العراقية في حال لم يتمّ اتخاذ تدابير عاجلة للحفاظ على هذا النوع.

وأضاف أن «أعداد الجواميس المائية انخفضت بسرعة بسبب ندرة المياه، من 309 آلاف رأس في العام 1974 إلى 40 ألف رأس بحلول العام 2000».