هل أصبحت الشهادة مجرد “كلمات على ورق”؟

جاء في “نداء الوطن”:
في مدينة طرابلس، حيث الجامعات تخرّج سنويًا مئات الطلاب من مختلف الاختصاصات يبدو أن الشهادة الجامعية لم تعد جواز مرور مضمونًا نحو سوق العمل. فالهوّة تتّسع بين ما يُدرَّس في القاعات وبين متطلّبات المؤسسات وسرعة تطوّر المهارات، لا سيّما في ظلّ بروز الذكاء الاصطناعي وتحوّله إلى معيار أساسي فما هي الأسباب والمعوّقات وفرص الحل؟
يقول أستاذ الإعلام وعلوم الاتصال العميد السابق في كلية الإعلام – جامعة الجنان الدكتور أسامة كبارة لـ “نداء الوطن” “بالنسبة إلى المناهج الدراسية، العالم أجمع في حالة تطوّر تعليمي دائم وخاصة في ما يتعلّق بالكمبيوتر والإلكترونيات وثورة المعلومات وآخرها الذكاء الاصطناعي، بشكل نرى معه جديدًا كل فترة قصيرة، لكننا نرى أن وزارة التربية في لبنان متّسمة بحالة من الروتين في عملية تغيير المناهج، فهي دائمًا تعتمد على أسماء المواد التي لا تتغيّر، وعندما كنت عميدًا واجهت هذه الأمور، وحاولت أن أضيف بعضًا من المواد لكنني كنت أصطدم باعتماد الوزارة على عناوين معيّنة للمواد لا يمكن تغييرها والحلّ يكمن في تغيير المضامين نفسها التي يمكن التعديل عليها، وقد لاحظت في السنوات الأخيرة حدوث بعض التعديلات وخصوصًا مع إضافة أقسام وتخصّصات جديدة سواء في المجال الإعلامي أو في أي تخصّص آخر، تماشيًا مع روح العصر والتطوّر الحاصل، فعمليًا الجامعات تشعر بأن سوق العمل تحتاج إلى متطلبات معينة لكن العلاقة بين وضع المناهج وبين التجاوب من قبل الوزارة يقابلها تراخٍ زمني وصعوبة بما يخص التعديل أو الإضافة”.
أما بالنسبة إلى ربط الطلاب بسوق العمل، فيؤكد كبارة أن “ذلك أمر مهم وخصوصًا في الكليات المصنفة كعمليّة أو نصف عمليّة، فمثلًا كلية الإعلام هي نصف عمليّة وبالتالي يجب على الطالب أن يصقل مهاراته من خلال التدريب العملي في أي تخصص من تخصصات كلية الإعلام، وخلال عملي كعميد كنت حريصًا على ربط سوق العمل والطلاب في الجامعة مع مؤسسات إعلامية، ولكن أيضًا مع مراعاة استيعاب تلك المؤسسات الإعلامية لأعداد الطلاب الوافدة للتدريب”.
وينصح كبارة الطلاب والطالبات ممن لا يزالون في الجامعات أن “يربطوا أنفسهم بتدريبات تفيد اختصاصهم أو حتى بالعمل التطوعي لاكتساب المهارات ليكون لديهم الاستعداد حين تتوفر لهم الفرصة المناسبة للعمل”.
وبسؤال الطلاب ممّن تخرجوا من جامعات في طرابلس ولم يحصلوا على فرص عمل، تقول ليال البيضا (ماجستير صحة عامة وراثية) “للأسف الشهادة في بلدنا ليست كافية لدخول سوق العمل فهي تفتقر للدورات والخبرات التي تطلبها السوق”…
وترى البيضا أن اختصاصها الجامعي مطلوب في السوق المحلية وخصوصًا مع ظهور الذكاء الاصطناعي، ولكن هذا الاختصاص تسيطر عليه بعض المستشفيات التابعة لعدد من الجامعات الكبرى من خلال اتفاقيات بينها، وإجمالًا فإن خريجي تلك الجامعات لهم الأولوية بالحصول على الوظيفة داخل تلك المستشفيات أضف إلى ذلك وجود الواسطة”.
تؤكد البيضا أن “البطالة في ازدياد دائم خصوصًا في دول المشرق العربي ومن أهم أسبابها وجود الواسطة في التوظيف في بعض الجامعات، دون النظر إلى الكفاءات العلمية للطالب”.
بين جمود المناهج وصعوبة التعديلات الرسمية من جهة، وهيمنة المؤسسات الكبرى على سوق التوظيف من جهة أخرى، يجد الخريجون في طرابلس أنفسهم في مواجهة واقعٍ معقّد لعلّهم يكسرون طوق البطالة ويعيدون للشهادة الجامعية قيمتها الحقيقية.