الكرم بما هو متاح: قصة الأردن مع غزة في ظل الاتهامات دون حدود

الكرم بما هو متاح: قصة الأردن مع غزة في ظل الاتهامات دون حدود

جفرا نيوز –
محرر الشؤون المحلية 

في وقت أصبحت مقولة لا أحد ينام جائعًا ليست بمكانها ولا زمانها ؛ فأن هناك مدينة تُدعى غزة وصل أهلها إلى مرحلة ما بعد الجوع، حتى أصبحوا يجمعون الطحين من بين التراب الذي اختلط بدم الشهداء الطاهر، وهذا المشهد الذي أصبح يتكرر حتى أعتاده البعض، وكأنه سيناريو من فيلم حزين، أو قصة مؤلمة للفت الانتباه في دور سينما الشرق والغرب . 

في الأردن كان التعامل مع حرب غزة منذ بدايتها وحتى اليوم، كالطبيب الذي يُعالج المريض بصبر وتروٍ، ويضع كل مجهوده وما يملك من معرفة وخبرة حتى يقوم ويقوى المريض من جديد، وفي الوقت ذاته يتحمل انتقادات وأسئلة ذويه ومن حوله، هذا تشبيه يُفسر كيف قدم الأردن ما لم تقدمه أي دولة من مساعدات لا يمكن أن نعتبرها بسيطة أو غير كافية، في وقت يحتاج أهل غزة ولو كسرة خبز حتى يستمرون في مواجهة فجور وعُهر الاحتلال الإسرائيلي، الذي أصبح أمرًا واقعًا لا يمكن تجميله أو تنميقه. 

وبالعودة إلى الوراء قليلًا، وقبل الحديث عن أكبر شحنة من مادة الطحين دخلت أخيرًا إلى غزة، ومساعدات أخرى ما بين غذائية أساسية وطبية؛ فإن الأردن كانت أول دولة نفذت فكرة الإنزالات الجوية بوقت كان بعضهم يكتفي بالإدانة والاستنكار، الأردن أرسل جنوده ورجال الأمن، والأطباء، والصحفيين، وجهز المستشفيات الميدانية والمخابز ، وأرسل الخيام والمواد الأساسية التي لم تخطر على بال أحد ، وما زال مستمرًا حتى اليوم بتوجيهات قائده جلالة الملك عبدالله الثاني، وتصريحات ومواقف جلالة الملكة رانيا العبدالله التي لم تغب لحظة عن المشهد، وقوة ولي العهد الأمير الحسين في متابعته الحثيثة لمجريات الأوضاع، ومواقفه التي هي انعكاس أيضًا لكل أفراد العائلة الهاشمية. 

اليوم، البعض أصبحوا لا يذكرون الأردن إلا في المصائب، أو صغائر الأمور والكوارث، لكن عندما يقدم الأردن ما لا يقوى عليه أحد، ويخرج من نطاق الاستنكار والردود البروتوكولية في الحروب والأزمات ، فحينها تظهر جماعات التشكيك ونظرية المؤامرة، ويتسابقون من أجل إظهار المملكة في موقع المدافع عن نفسه، مع أن التاريخ يشهد أن هذه الدولة لم تطلب يومًا الشكر من أحد، أو الثناء على موقف أو فكرة ؛ لأن الشهامة ليست عابرة في قاموس الأردنيين، بل أنها نهج حياة، وقصة أخرى لن يفهمها تجار الحروب، والمرتزقة على ظهور الدماء التي تسال في غزة وغيرها من مناطق النزاع والحروب.

الأردن وشعبه ليس مضطرًا أن يُعيد في كل مرة أنه قدم ما يستطيع وأكثر وفق إمكاناته الاقتصادية، أما المواقف السياسة فليس خفيًا أنها واضحة للكبير والصغير والمقمط في السرير، وللعلم أن لفظ احتلال لم يخرج صراحة إلا من حكومة الأردن، التي وبخت المجرمين في حكومة السفاح بنيامين نتنياهو، وأدخلت المساعدات إلى غزة برًا وجوًا، والأكيد أنه لولا معيقات الاحتلال؛ لغرقت غزة بالمساعدات الأردنية، والمستلزمات كافة.

 وأهل غزة في دمهم الكرامة والأصل، وشكروا الأردن والملك عبدالله الثاني، ليس من أجل طرود غذائية فقط ؛ بل لأنهم يُقدرون ويعرفون من وقف معهم حقًا ومن خذلهم، والأردن لم يعتد أو يسجل عليه أنه خذل من طلب منه يد العون والمساعدة، فكيف لو تعلق الأمر بالتوأمة فلسطين وأهلها؟.