وزراء صحة سابقون: مستشفى حمزة تحول إلى “حمل ثقيل”

جفرا نيوز –
في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها القطاع الصحي في المملكة، يواصل مستشفى الأمير حمزة دوره الحيوي والمميز كمرجعية علاجية وتعليمية، رغم التحديات المتمثلة في تزايد أعداد المرضى والضغوطات المالية والبشرية المتزايدة.
ورغم الإنجازات المتواصلة للمستشفى، وتحقيقه نجاحات واضحة في تقديم خدمات طبية متقدمة وتعليم طبي رفيع المستوى، إلا أن هناك تساؤلات مهمة حول كيفية الحفاظ على مستواه وتطويره لمواكبة المتغيرات الصحية.
واتفق عدد من وزراء الصحة والمسؤولين السابقين، في حديثهم ، على أن مستشفى “حمزة” يعد من أبرز الصروح الطبية في المملكة، مسلطين الضوء على إنجازاته، والتحديات التي تواجهه، والرؤى المستقبلية التي من شأنها ضمان استدامته ورفع جودة الخدمات التي يقدمها للمواطنين.
عبيدات: بحاجة إلى نظام أكثر فاعلية واستقلالية إدارية
أوضح عضو مجلس الأعيان ومدير المؤسسة العامة للغذاء والدواء السابق، الدكتور هايل عبيدات، أن مستشفى الأمير حمزة جاء استجابة لتوجيهات المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، رحمه الله، بإنشاء مستشفى متقدم في العاصمة عمان، ليكون رديفًا لمستشفى البشير.
وأضاف أن المستشفى أسس بطاقة استيعابية تقدر بـ 500 سرير، ليكون مستشفى تحويليًا متخصصًا يقدم خدمات نوعية، ضمن رؤية تهدف إلى إنشاء منظومة صحية تعتمد على الجودة والكفاءة، وقد تم وضع معايير صارمة للكوادر الطبية العاملة فيه، لا سيما في تخصصات مثل: العيون، والجراحة، والجهاز الهضمي، والكلى، والقلب، والنساء، والجهاز التنفسي.
واعتبر عبيدات أن التوسع في تخصصات دقيقة مثل جراحة القلب، والمناظير، وكهرباء القلب، أسهم بشكل ملموس في تخفيف الأعباء المالية عن فاتورة التأمين الصحي، حيث إن أكثر من 70% من الحالات كانت تحول سابقًا إلى الجامعات والخدمات الطبية، ما كان يشكل استنزافًا كبيرًا للموازنة العامة.
وفيما يخص تعزيز الكوادر والخبرات، أكد أن المستشفى تحمل أعباء متزايدة في تقديم خدمات متقدمة في مجالات القلب والكلى والجهاز التنفسي خلال العقد الأخير، وقد تم تعزيز كوادره الطبية عبر التعاقد مع أطباء ذوي خبرة من الجامعات الأردنية والخدمات الطبية الملكية، إلى جانب إنشاء برامج تدريبية وتعليمية منذ عام 2007، ما جعله مركزًا متميزًا لتأهيل الأطباء الجدد.
وأشار إلى أن المستشفى يعمل ضمن نظام إداري خاص يتيح له حرية نسبية في اتخاذ القرار، إلا أن هذا النظام لا يزال بحاجة إلى مراجعة شاملة، مشددًا على أن الخدمات الطبية لم تعد تقتصر فقط على العلاج، بل تشمل استدامة التمويل، واستقطاب الكفاءات، وتوفير خيارات مرنة سواء من القطاع الخاص أو الحكومي.
وقال عبيدات: “حان الوقت لأن يعتمد مستشفى الأمير حمزة كمستشفى مرجعي وطني للتخصصات الفرعية، بعد ما راكمه من خبرة وبنية تحتية جاهزة”، مشيرًا إلى أن المستشفى مؤهل ليكون مركزًا تخصصيًا في مجالات القلب، الجهاز التنفسي، الكلى، والنسائية.
وأشاد بدور المستشفى في الأزمات الوطنية، لافتًا إلى أن بنيته التحتية المتطورة مكنته من أن يكون شريكًا رئيسيًا في مواجهة جائحة كورونا، جنبًا إلى جنب مع القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، ضمن منظومة إدارة أزمات وطنية محكمة.
ونوه إلى أن المستشفى، بخلاف مستشفى البشير، يتمتع بتخصصات فرعية تؤهله لأداء دور مزدوج: تقديم الرعاية اليومية من جهة، والمساهمة في الطوارئ الكبرى من جهة أخرى.
أبو طربوش: تحديات متزايدة بسبب الضغط الهائل
أكد مدير مستشفى الأمير حمزة، الدكتور كفاح أبو طربوش، أن المستشفى، منذ تأسيسه، رسخ مكانته كمركز طبي وتعليمي متقدم، حيث يمثل حاضنة حقيقية للأطباء والكوادر الصحية والإداريين المتميزين.
وبين أنه، مع كل الإنجازات والنجاحات التي تتحقق، يواجه المستشفى جملة من التحديات والصعوبات، نتيجة الارتفاع الكبير في أعداد المرضى والمراجعين، الأمر الذي يفوق في كثير من الأحيان القدرة الاستيعابية للمستشفى.
وأوضح أبو طربوش أن من أبرز هذه التحديات عدم توفر الأسرة في بعض الحالات، ما يعيق إدخال المرضى بشكل فوري، مشيرًا إلى أن إدارة المستشفى تعمل بالتعاون مع وزارة الصحة على معالجة هذه المشكلة من خلال إمكانية تحويل المرضى إلى مستشفيات أخرى ضمن شبكة وزارة الصحة.
ولفت إلى أن الاكتظاظ في العيادات والصيدليات يفرض على المرضى الانتظار لفترات طويلة، ما يخلق حالة من الاستياء لدى طالبي الخدمة، مؤكدًا أن المستشفى يبذل جهودًا حثيثة للتقليل من هذه المعاناة، من خلال مبادرات مثل خدمة التوصيل المنزلي للأدوية الدورية، خاصة للمرضى الراغبين بذلك.
وأشار إلى أن بعض العيادات، خاصة في التخصصات الدقيقة، تعاني من مواعيد بعيدة المدى، مرجعًا ذلك إلى الضغط الناتج عن التحويلات الواردة من مختلف محافظات المملكة ومن مختلف القطاعات، ما يزيد العبء على الكوادر الطبية.
وأوضح أبو طربوش أن هذا الإقبال الكبير على مستشفى الأمير حمزة يعود إلى عدة أسباب، أبرزها الثقة العالية التي يتمتع بها المستشفى بين المواطنين، بالإضافة إلى توسع مظلة التأمين الصحي التي شملت مؤخرًا من هم فوق سن الستين، إلى جانب النمو السكاني المتسارع، لا سيما في العاصمة عمان.
وشدد على أن المستشفى يسعى باستمرار إلى تطوير آليات العمل وتحسين جودة الخدمات، رغم التحديات، لضمان استمرارية تقديم رعاية صحية متميزة لجميع المراجعين.
الحسبان: نموذج للمستشفى المرجعي المتكامل
من جهته، أكد رئيس اللجنة الصحية في مجلس الأعيان ووزير الصحة الأسبق، الدكتور ياسين الحسبان، أن مستشفى الأمير حمزة يجسد نموذجًا عمليًا للمستشفى المرجعي المتكامل، ويعد ثمرة لرؤية ملكية تهدف إلى تحقيق العدالة الصحية وتوزيع الموارد التخصصية بشكل عادل في القطاع العام.
وبين أن المستشفى، منذ تأسيسه عام 2006، لعب دورًا استراتيجيًا في تخفيف العبء عن مستشفى البشير، من خلال تقديم خدمات طبية تخصصية بكفاءة عالية وكلفة مدروسة.
وأشار الحسبان إلى أن المستشفى بات اليوم ركيزة حيوية في منظومة الأمن الصحي الوطني، ورافعة أساسية في مشاريع التعليم الطبي، لافتًا إلى التوسع الملحوظ في أقسامه وتخصصاته، ما يعزز من قدرته على تقديم رعاية صحية نوعية ومتكاملة.
وقال: “إن الحكم على أدائه يستند إلى معيارين رئيسيين، هما الكفاءة في تلبية الطلب الصحي، والقدرة على التكيف مع التحديات”، مبينًا أن المساحة الإجمالية للمستشفى، التي تبلغ نحو 70 ألف متر مربع، وبنيته التحتية المتطورة، تؤهله ليكون مرجعية صحية إقليمية، خاصة في ظل توفر خدمات متقدمة مثل زراعة الكلى، جراحة القلب، وزراعة القوقعة.
ورغم بعض التحديات في توفر التخصصات الدقيقة، أشاد بكفاءة الكوادر الطبية والتمريضية العاملة، مؤكدًا أن البيئة التدريبية في المستشفى تعد من بين الأفضل، خصوصًا بعد اعتماده كمستشفى تعليمي من قبل المجلس الطبي الأردني، ومجلس اعتماد المؤسسات الصحية.
وأشار الحسبان إلى أربعة محاور رئيسية من المعيقات: أولها التمويل غير الكافي والموسمي، الذي لا يتناسب مع حجم ونوعية الخدمات التي يقدمها المستشفى، ما يستدعي تعديل آلية تخصيص الموازنات لضمان الاستدامة؛ وثانيها النقص في الكوادر الصحية، لا سيما في التخصصات النادرة، ما يتطلب تعزيز الحوافز وتوسيع نطاق التعاقد مع الكفاءات الطبية من القطاع الأكاديمي والخاص؛ وثالثها محدودية الصيانة الدورية للبنية التحتية؛ ورابعها غياب الربط الرقمي بين الأنظمة الصحية، على الرغم من أن مستشفى الأمير حمزة كان من أوائل من طبق نظام “حكيم”.
ودعا إلى تبني نهج إداري قائم على الحوكمة الصحية، وإعادة هيكلة الموارد البشرية، واستحداث آليات تمويل مبنية على الأداء، بالإضافة إلى إدماج المستشفى في خارطة التحول الصحي الرقمي الوطني.
أما بخصوص الجاهزية في مواجهة الأزمات والاستعداد للتعامل مع الكوارث الصحية، فقد اعتبر أن المستشفى يتمتع بجاهزية عالية على المستويين التشغيلي واللوجستي، مشيرًا إلى أدائه المتميز خلال جائحة كورونا.
وتابع الحسبان أن وجود مهبط طائرات مروحية وبنية تحتية للطوارئ يجعل من المستشفى أحد أبرز مواقع الاستجابة للكوارث الصحية، ومع ذلك شدد على أهمية تطوير وتحديث بروتوكولات الطوارئ بشكل مستمر، وتعزيز التنسيق مع منظومة الدفاع المدني والخدمات الطبية الملكية.
ونادى إلى ضرورة تعزيز القدرات الاستباقية، من خلال تدريب الكوادر على سيناريوهات متقدمة، وتأمين مخزون استراتيجي من المستلزمات الطبية، وتفعيل نظم الإنذار المبكر داخل وخارج المستشفى.
حياصات: الحفاظ على تميّزه يتطلب دعمه المستمر
بدوره، أكد وزير الصحة الأسبق، الدكتور علي حياصات، أن مستشفى الأمير حمزة يُعد من المستشفيات الحكومية الرائدة والمتميزة في تقديم الخدمات الصحية على مستوى المملكة، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الخدمات التي يوفرها المستشفى لا تتوفر في مستشفيات أخرى، ما يمنحه طابعًا خاصًا، ومكانة متقدمة بين المؤسسات الصحية.
وأشار إلى أن موقع المستشفى يخدم العاصمة عمّان بشكل فعال، كما أنه يعد مرجعًا طبيًا في تخصصات دقيقة مثل زراعة الكلى، زراعة القوقعة، جراحة المفاصل، وجراحة الأعصاب، حيث يحتفظ بخبرة طويلة في هذه المجالات تجعله في طليعة المستشفيات التعليمية والخدمية على حد سواء.
ولفت حياصات إلى أن المستشفى كان من أوائل المستشفيات التي أدخلت الخدمة الإلكترونية، من خلال تطبيق برنامج “حكيم”، بالإضافة إلى أنه يشكل أحد أركان التدريب العملي لطلبة كلية الطب في الجامعة الهاشمية، ويعد بيئة تعليمية فعّالة للأطباء الجدد.
ووفق حياصات، فإن الحفاظ على تميز المستشفى يتطلب دعمه المستمر، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية والتحديات التي تمر بها المملكة من وقت لآخر، مبينًا أن المستشفى يخدم شريحة واسعة من المواطنين، الأمر الذي يجعل من العناية به أولوية وطنية.
وبين أن التحديات المالية تظل من أبرز العوائق التي تواجه القطاع الصحي، فتكاليف تقديم الخدمات الطبية مرتفعة على المؤسسات والمواطنين على حد سواء، داعيًا إلى زيادة الإنفاق الحكومي على هذه المرافق الحيوية للحد من القصور، رغم إشادته بالدعم الجيد الذي يتلقاه المستشفى حاليًا، واستفادته من الاستقلال المالي والإداري.
ودعا حياصات أيضًا إلى منح المزيد من المستشفيات الحكومية استقلالًا إداريًا وماليًا، لتمكينها من أداء واجبها وتقديم خدماتها بجودة وكفاءة أعلى.
وريكات: مستشفى تحويلي رائد
أما وزير الصحة ومدير الخدمات الطبية الملكية الأسبق، الدكتور عبد اللطيف وريكات، فأكد أن مستشفى الأمير حمزة يتمتع بخصوصية فريدة تجمع بين خدمات الطب العام والخاص تحت سقف واحد، ما يتيح تقديم رعاية صحية متميزة للمرضى.
وأوضح أن المستشفى يتميز بكوادر طبية متنوعة تشمل أطباء من القطاع الخاص إلى جانب أطباء وزارة الصحة، ما يخلق منظومة متكاملة من الخبرات الطبية والاستشارية تسهم في تعزيز مستوى الخدمات المقدّمة بمختلف التخصصات.
وبين وريكات أن المستشفى يعد من المستشفيات التحويلية الرائدة على مستوى المملكة، حيث يستقبل حالات محوّلة من مختلف قطاعات وزارة الصحة، بالإضافة إلى القطاع الخاص، مشددًا على ضرورة دعمه من قبل المواطنين والجهات المعنية للحفاظ على مكانته ودوره الحيوي.
ونوه إلى أن موقع المستشفى الاستراتيجي، القريب من معظم المؤسسات الصحية، يعزز من قدرته على الاستجابة الفعالة للحالات الطارئة والأزمات، لافتًا إلى الدور البارز الذي قام به خلال الأزمات الصحية التي شهدتها المملكة، بفضل شمولية تخصصاته، بما في ذلك أمراض القلب وجراحات القلب المفتوح.
واعتبر وريكات أن خصوصية مستشفى الأمير حمزة، التي تجمع الطابعين العام والخاص، تفرض عليه تحديات من كلا الجانبين، الأمر الذي يتطلب دعمًا مستمرًا للحفاظ على كفاءته وتميّز كوادره وإدارته، مؤكدًا أنه من أفضل المستشفيات على مستوى المملكة.
الرأي – سائدة السيد