خبراء عسكريون: الدفاع عن أجواء المملكة حقٌ سياديٌ

جفرا نيوز –
في البديهيات والمسلّمات القانونية المساحات واضحة، لا ضبابية بشأنها وتغيب بذلك أي جدليات أيّا كانت سلبية أو حتى إيجابية، وفي موقف الأردن بأنه لن يسمح باختراق أجوائه وأنه لن يكون ساحة حرب لأي صراعات ولن يسمح بتهديد أمنه واستقراره وسلامة مواطنيه، وضوح وحسم بقول واحد أكده جلالة الملك عبدالله الثاني منذ الساعات الأولى للعدوان الإسرائيلي على إيران.
كان الأردن من أوائل الدول التي أدانت العدوان الإسرائيلي على إيران، بتفاصيل عن خروقات القانون الدولي التي انتهكتها إسرائيل وبإصرارها على التصعيد ورفع مستوى التوتر في المنطقة، قابل هذا الموقف تأكيدات على ضرورة التحرك الفوري والعاجل لوقف التصعيد الخطير الدائر في المنطقة، لتدارك تبعات مدمّرة نتيجة للعدوان وللانتهاكات الإسرائيلية التي تتصاعد يوما بعد يوم، وتؤزّم من واقع المنطقة والعالم.
وبوضوح وحسم القول والفعل، قالها جلالة الملك عبدالله الثاني «الأردن لن يكون ساحة حرب لأي صراع، ولن يسمح بتهديد أمنه واستقراره وسلامة مواطنيه»، وفي ذلك قول واحد يتبعه تطبيق وتنفيذ يمنع به بشكل لا مجال به للتغيير اختراق الأجواء الأردنية ومواجهتها بجهود نشامى سلاح الجو الملكي وبإجراءات تحفظ للأردن سيادته وتحمي المواطنين.
خبراء عسكريون تحدثوا لـ»الدستور» أكدوا أنه يحق للأردن حماية أجوائه وعدم المساس بها، وأن ذلك حق وواجب على الأردن لحماية الأجواء والوطن والمواطنين، وأشاروا إلى أن الرد العسكري الأردني على المسيرات أو الصواريخ التي تخترق الأجواء حق مشروع بموجب القانون الدولي، الذي يمنح كل دولة الحق في التصدي لأي جسم ينتهك مجالها الجوي، مهما كانت هويته، ومهما كانت خلفية الصراع.
ونبّه متحدثون إلى أن عبور الصواريخ والطائرات المسيرة في الأجواء الأردنية فنيا يشكل تهديدا واضحا وغير مباشر إذا ما سقطت بفعل عوامل فنية أو أُسقطت بسبب اعتراض الدفاعات الجوية الإسرائيلية ما قد يشكل تهديدا على سلامة وأمن المواطنين والمقيمين على الأراضي الأردنية.
وشدد المتحدثون على أن جلالة الملك عبدالله الثاني قالها بكل وضوح: «لن نسمح بأن يكون الأردن ساحة لأي صراع إقليمي. أمننا أولويتنا. ومصالح شعبنا فوق كل اعتبار»، وهذا الموقف تموضع حكيم وواعٍ يوازن بين الحق في الدفاع، ورفض التورط في صراعات الآخرين.
الدكتور قاصد محمود
نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة في القوات المسلحة الأردنية الأسبق الفريق الركن المتقاعد الدكتور قاصد محمود قال إن موقف الأردن معلن وواضح للجميع فهو دولة تسعى للسلام والأمن وليس للحروب، وهذا مبدأ، والمبدأ الثاني أن أبسط قواعد السيادة والمفاهيم السيادية أن أي دولة تكون قادرة أن تحترم سيادتها وتدافع عنها ولا تسمح لأحد أن يعتدي عليها.
ولفت الدكتور محمود إلى أن الجغرافيا وضعتنا بهذا المكان، والمأزق الحقيقي بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، وبعد تطورات السنوات الأخيرة التي لم تكن معهودة، وها هي المواجهة تقع بين إسرائيل وإيران، من المسيرات وغيرها، وهذه مشكلة حقيقية، والأردن من اليوم الأول أكد أن الموقف سياديا واضح تماما ومبرر ومنطقي، بكل معنى الكلمة، خصوصا أن هناك بدائل أخرى لإيران وقد لجأت لها برا في وقت سابق. وشدد محمود على أنه من حيث الأجواء هذا موقف ثابت وغير مرتبط بعلاقات هنا أو هناك، وهو التزام عام وضروري من الناحية العامة عسكريا وعملياتيا ولوجستيا قيادة وسيطرة على الأجواء الأردنية، والأردن قادر ولديه الإمكانيات اللازمة لمواجهة أي اختراقات ومنعها.
ونبّه محمود إلى الصواريخ السريعة أو العادية بأنظمة الدفاع الجوي المحيطة التي تستطيع أن تجوب الأجواء دون عمل شيء معها، واحتمال أن تسقط شظايا قرب حدودنا بسبب حوادث محيطة وليس استهدافا للأردن.
الدكتور بشير الدعجة
الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور بشير الدعجة قال: بكل تأكيد يحق للأردن لا بل يجب عليه أن يحمي أجواءه، لأن حماية المجال الجوي ليست خيارا سياسيا، بل هي واجب سيادي وأخلاقي لا يمكن التخلي عنه تحت أي ظرف.
وأضاف الدكتور الدعجة أن الأردن ليس طرفا في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، لم يبدأها، ولم يدعمها، ولم يدفع نحوها، فما الذي يُلزمه أن يدفع ثمنها؟ هذا موقف مبدئي لا يحتمل التأويل، فالدولة التي لا تدافع عن سمائها، لا تستطيع أن تدافع عن أرضها، ولا عن شعبها.
وشدد الدكتور الدعجة: لقد قالها جلالة الملك عبدالله الثاني بكل وضوح: «لن نسمح بأن يكون الأردن ساحة لأي صراع إقليمي، أمننا أولويتنا ومصالح شعبنا فوق كل اعتبار»، وهذا الموقف تموضع حكيم وواعٍ يوازن بين الحق في الدفاع، ورفض التورط في صراعات الآخرين.
ولفت الدعجة إلى أن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي عبر عن ذلك بعبارة واضحة: «الأردن ليس جزءًا من هذه الحرب ولن يُسمح بأن تكون أرضه أو أجواؤه ممرًا أو هدفًا لأي طرف.»
والرد العسكري الأردني، وفق الدعجة، على المسيرات أو الصواريخ التي تخترق الأجواء ليس تصعيدا، بل هو حق مشروع بموجب القانون الدولي، الذي يمنح كل دولة الحق في التصدي لأي جسم ينتهك مجالها الجوي، مهما كانت هويته، ومهما كانت خلفية الصراع.
ببساطة، يضيف الدعجة، نحن لسنا طرفًا في الحرب، لكننا طرف أصيل في حماية وطننا.
ونبه الدعجة إلى أن اختراق الأجواء الأردنية هو انتهاك صريح وخطير للسيادة الوطنية، والسيادة الأردنية ليست مجرد بند في الدستور أو وثيقة في الأمم المتحدة، بل هي جوهر الدولة وكرامة الأرض.
ولفت الدعجة إلى أن اختراق أي طائرة، أو صاروخ، أو مسيّرة لمجال الأردن الجوي هو عدوان مرفوض لا يمكن السكوت عليه، سواء تم عن قصد أو عن طريق «الخطأ» كما يدّعي البعض، فالسماء الأردنية ليست فضاءً مباحا، بل هي حدود مرسومة بالدم وبالقرار.
وأشار الدعجة إلى تصريح رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي بأن «القوات المسلحة الأردنية في أعلى درجات الجاهزية ولن نسمح بأي مساس بسيادتنا الجوية أو البرية أو الأمنية».
وبين الدعجة أن السيادة، كما أكدها جلالة الملك عبدالله الثاني، ليست مجالًا للتفاوض أو التنازلات: «لن يُملى علينا شيء، نحن أصحاب القرار في أرضنا، وحمايتها مسؤوليتنا وحدنا»، لافتا إلى أنه في القانون، وفي العُرف، وفي التاريخ، لا يمكن لأي دولة محترمة أن تقبل اختراق مجالها الجوي دون رد، لأن من يستهين بسماء الدولة، يستهين بكل شيء تحتها.
وشدد الدعجة على أن السيادة الأردنية مطلقة، ومحصّنة، وغير قابلة للمساومة، ومن يظن أن بإمكانه التجاوز أو الاستعراض أو اختبار قدرة الرد، فليُدرك أن الأردن لا يرد بالكلمات فقط، بل بالجاهزية والانضباط والدقة.
وختم الدعجة بقوله: الأردن لا يسعى لحرب، لكنه لا يسمح أن يكون حطبًا في نيران غيره، لا يعتدي على أحد، لكنه لا يقبل أن يُعتدى عليه، لا يغامر، لكنه لا يتراجع عن حقه في الدفاع. السيادة ليست شعارا، بل شرف، ومن يمسّها، فإنما يستدعي الرد.
الدكتور نضال أبو زيد
من جانبه، قال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد إن قرار الأردن بإغلاق أجوائه يأتي في سياق السيادة الأردنية على بره وبحر وجوه، وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها الأردن أنه لن يقبل بأي شكل من الأشكال أن يعتبر الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية فوق أجوائه خرقا، بل أيضا كانت الرسالة واضحة لإسرائيل بممنوعية عبور الطائرات الإسرائيلية فوق أجواء الأردن، الأمر الذي يأتي في سياق الحق الطبيعي للأردن ولأي دولة في حفظ أمنها وأمن شعبها بالطريقة التي تراها مناسبة.
وأضاف أبو زيد أن عبور الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية في الأجواء الأردنية فنيا يشكل تهديدا واضحا وغير مباشر إذا ما سقطت بفعل عوامل فنية أو أسقطت بسبب اعتراض الدفاعات الجوية الإسرائيلية، ما قد يشكل تهديدا لسلامة وأمن المواطنين والمقيمين على الأراضي الأردنية.
وأشار أبو زيد إلى أن الأردن ليس طرفا في صراع مصالح ونفوذ بين إيران وإسرائيل، والخطاب الرسمي الأردني كان واضحا منذ البداية بأن الأردن يغلب الدبلوماسية على أي حلول عسكرية قد تدخل المنطقة التي تعاني أصلا من حساسية جيوسياسية مفرطة في دوامة أزمات عسكرية قد تكون غير محسوبة النتائج ويمكن اعتبارها مغامرات ومقامرات نفوذ بين إيران وإسرائيل.
الدستور – نيفين عبد الهادي