أعضاء يتحدثون عن مزايا رقمنة الجمعيات التعاونية

أكد خُبراء ومستشارون في التكنولوجيا واللوجيستيك أن عدم اعتماد الحلول الرقمية من قبل التعاونيات تترتب عليه “كُلفة كبيرة”، تتجلى أساسا في “سوء تدبير المخزون وإهدار الفرص، إلى جانب المجازفة بفقدان الوثائق، حيث تدون الطلبيات وديون الزبائن وإرشادات الإنتاج وغيرها، بل أكثر من ذلك وثائقها الإدارية أحيانا؛ ما أثبتته تجربة تلك المتضررة من زلزال الحوز”.
الفاعلون، خلال تقديمهم “ماستر كلاس” تحت عنوان “رقمنة العمليات المرتبطة بأعمال التعاونيات”، نظم الأربعاء، بحرم جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، لفتوا خلال عرض برنامج واكب 30 تعاونية متضررة من الزلزال، في اعتماد الحلول الرقمية، نفذته الوكالة الألمانية للتعاون الدولة بشراكة مع منصة “لوجيستيكا”، إلى أن “رقمنة العمل التعاوني تضاعف الإنتاجية، وتفتح للتعاونيات أسواقا جديدة”.
كما جرى التأكيد خلال “الماستر كلاس”، الذي يندرج ضمن فعاليات المناظرة الوطنية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، على أن من شأن توسيع تبني التعاونيات الرقمنة في التسويق والتخزين أن يساهم في تعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للنساء والشباب، وينهض بالتشغيل.
كلفة الغياب
نسيبة بنعبد الحفيظ، مهندسة في اللوجستيك، المديرة التنفيذية لشركة “لوجيستيكا”، أكدت أن “التعاونيات تمتلك إمكانيات كبيرة على صعيد التشغيل، والتأثير الاجتماعي والاقتصادي في المراكز الحضرية والقرى التي تشتغل بها، إلا أنها تجابه تحديات عديدة على مستوى التسويق والتخزين، تحد من استدامتها وتنافسيتها”.
وأوضحت بنعبد الحفيظ، في مداخلتها، أن الدراسة سالفة الذكر “كشفت من الميدان عن وجود عوائق تنظيمية في عمل هذه التعاونيات، إذ مازالت تعتمد على الورق، وحتى اشتغالها بآليات ‘وورد’ و’إكسل’، مثلا، يتم بطريقة لا تضمن تحسين أدائها”، منبهة إلى أن “غياب قاعدة بيانات واضحة يساهم في سوء تدبير المخزون وفقدان الفرص؛ فتراجع رقم الأعمال”.
مُقدّمة تفاصيل أكثر عمقا أوردت المتحدثة أن “ضمن المستفيدين من البرنامج سالف الذكر تعاونية بالحوز تمتلك أكثر من 50 علامة في الصناعة التقليدية، وتشغل النساء بنسبة 100 في المئة؛ غير أن الزلزال عندما ضرب أفقدها المحل والمخزون والتجهيزات، وأكثر من ذلك ضاعت كل وثائقها الإدارية”.
وفي هذا الصدد أبرزت المهندسة ذاتها للفاعلين في العمل التعاوني الحاضرين أن البرنامج قدم مواكبة رقمية، مع الاستعانة بمنصة “لوجيستيكا”، مفيدة بوجود أنظمة ERP الخاصة بتخزين كافة البيانات الخاصة بالإنتاج والموارد البشرية وغيرها.
الإنتاجية والإدماج
عُمر الزروري، مستشار تقني بالوكالة الألمانية للتعاون الدوليGIZ ، شدد في مداخلته على أن “الرقمنة في العصر الحالي ليست ترفا، وإنما هي واقع مفروض؛ تساهم مواكبته في تحقيق تحول مستدام كدعامة اقتصادية واجتماعية”.
وأوضح الزروري، ضمن تصريح لهسبريس على هامش “الماستر كلاس”، أن “منصة ‘لوجيستيكا’ واكبت المشروع الذي قامت الوكالة من خلاله بمواكبة التحول الرقمي لـ30 تعاونية نشيطة في إقليم الحوز، متضررة من زلزال الأطلس الكبير”، مشددا على أنه “رمى إلى رقمنة مسارين على الأقل، كالتسويق والتخزين”.
ومكّنت هذه التجربة، وفق المتحدّث نفسه، “من الخروج بعدة خلاصات مؤداها أن الرقمنة تمكن من رفع إنتاجية التعاونية في الإدماج الاقتصادي والاجتماعي وتمكين النساء وخلق فرص شغل أخرى”، مؤكدا بدوره أن “الزلزال سلب التعاونيات التي لم تكن تعتمد الحلول الرقمية البيانات والوثائق الخاصة بالإنتاج، عدا عن الخسائر الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ يشتغل بها الكثير من ساكنة المنطقة”.
أسواق جديدة
وطمأن الزروري من خلال التجربة بأن “الحلول الرقمية لا تعوّض المستخدمين؛ هي بدلا من ذلك تسهل عملهم وتضاعف الموارد البشرية بالتعاونيات، خصوصا أن السوق لدى اعتمادها تتوسع، بحيث يصبح بالإمكان ولوج أسواق جديدة”، وزاد: “كذلك تمكن من تخفيض زمن تدبير الطلبيات، وتبني خطة تسويقية جديدة تسهم في تطوير المعاملات”.
واستحضر المستشار التقني ذاته، في المناظرة الوطنية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أن “التعاونيات ركيزة جد مهمة في الاقتصاد الوطني، إذ تشغل أكثر من 800 ألف شخص، فضلا عن أنها تمثل أصول المغاربة والمغربيات”.
وختم المتحدث نفسه: “بناء على تجربة البرنامج المذكور نشتغل في الوكالة الألمانية والتعاون الدولية رفقة مؤسسات وطنية بغرض إنجاز برنامج وطني في هذا الصدد؛ تساهم فيه الوكالة من أجل تمكين عشرات التعاونيات الأخرى من المواكبة في اعتماد الحلول الرقمية”.