أميركا تعيد المهاجرين إلى دولهم بعد التهديد بإرسالهم إلى دولة أخرى.

أميركا تعيد المهاجرين إلى دولهم بعد التهديد بإرسالهم إلى دولة أخرى.

تقول الإدارة الأميركية إنه يتعين ترحيل بعض المجرمين الخطرين إلى دول ثالثة، لأنه حتى بلدانهم الأصلية لا تقبلهم، لكن مراجعة لقضايا حديثة أظهرت أن خمسة رجال على الأقل ممن كانوا مهددين بهذا المصير أُعيدوا إلى بلدانهم الأصلية في غضون أسابيع.

ويريد الرئيس دونالد ترامب ترحيل ملايين المهاجرين الموجودين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، وتسعى إدارته إلى تكثيف عمليات الترحيل إلى دول ثالثة، بما في ذلك إرسال المجرمين المدانين إلى جنوب السودان وإسواتيني (سوازيلاند سابقاً)، وهما بلدان في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

ويقضي المهاجرون المدانون عادة عقوباتهم في الولايات المتحدة أولاً قبل ترحيلهم. ويبدو أن هذا هو الذي حدث مع الرجال الثمانية الذين رُحِّلوا إلى جنوب السودان وخمسة آخرين إلى إسواتيني، مع أن بعضهم أُطلق سراحهم قبل سنوات.

عمليات الترحيل

وقالت وزارة الأمن الداخلي الأميركية في يونيو، إن «عمليات الترحيل إلى دول ثالثة تسمح بترحيل الأشخاص (الهمجيين للغاية) لدرجة أن بلدانهم الأصلية لن تقبلهم». وردّ منتقدون بأنه ليس من الواضح أن الولايات المتحدة حاولت أولاً إعادة الرجال إلى بلدانهم الأصلية قبل ترحيلهم إلى جنوب السودان وإسواتيني، وأن عمليات الترحيل كانت قاسية بلا داعٍ.

ووجدت «رويترز» أن خمسة رجال على الأقل هُددوا بالترحيل إلى ليبيا في مايو، وتمت إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية بعد أسابيع، وذلك وفقاً لمقابلات مع اثنين منهم وأحد أفراد عائلاتهم ومحامين.

وبعد أن منع قاضٍ أميركي إدارة ترامب من إرسالهم إلى ليبيا، تمت إعادة رجلين من فيتنام واثنين من لاوس وخامس من المكسيك إلى بلدانهم. ولم ترد تقارير عن عمليات الترحيل هذه سابقاً.

ولم تُعلّق وزارة الأمن الداخلي على عمليات الترحيل، ولم تتمكن «رويترز» من تحديد ما إذا كانت بلدانهم الأصلية قد رفضت استقبالهم في البداية، أو سبب محاولة الولايات المتحدة إرسالهم إلى ليبيا.

ونفت المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، تريشيا ماكلوفلين، أن تكون البلدان الأصلية للمجرمين المرحلين إلى دول ثالثة مستعدة لاستعادتهم، لكنها لم تقدم تفاصيل عن محاولات لإعادة الرجال الخمسة إلى بلدانهم قبل تهديدهم بالترحيل إلى ليبيا.

وقالت ماكلوفلين، في بيان: «إذا أتى أحد إلى بلادنا بشكل غير قانوني وخالف قوانيننا فقد ينتهي به الأمر في سجن (سيكوت)، أو (أليجاتور ألكتراز)، أو خليج غوانتانامو، أو جنوب السودان أو دولة ثالثة أخرى»، في إشارة إلى سجن شديد الحراسة بالسلفادور ومركز احتجاز في «إيفرجليدز» في فلوريدا.

بعيداً عن الوطن

ولم ترد وزارة الأمن الداخلي على طلب للتعليق بشأن عدد عمليات الترحيل إلى دول ثالثة منذ تولي ترامب منصبه في 20 يناير الماضي على الرغم من ترحيل آلاف إلى المكسيك ومئات إلى دول أخرى.

ووفقاً لوزارة الأمن الداخلي، فإن الرجال الثمانية الذين أُرسلوا إلى جنوب السودان جاؤوا من كوبا ولاوس والمكسيك وميانمار وجنوب السودان وفيتنام، والرجال الخمسة الذين أُرسلوا إلى إسواتيني من مواطني كوبا وجامايكا ولاوس وفيتنام واليمن.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، أبيغيل جاكسون، إن «الرجال الذين رُحِّلوا إلى جنوب السودان وإسواتيني كانوا (الأسوأ على الإطلاق)، ومن بينهم أشخاص أُدينوا في الولايات المتحدة بارتكاب جرائم اعتداء جنسي على أطفال وقتل».

وأضافت في بيان: «المجتمع الأميركي أكثر أماناً برحيل هؤلاء المجرمين غير الشرعيين».

ولم ترد حكومة لاوس على طلبات للتعليق بشأن الرجال الذين تلقوا تهديدات بالترحيل إلى ليبيا، وأولئك الذين رُحِّلوا إلى جنوب السودان وإسواتيني. وذكر متحدث باسم وزارة الخارجية الفيتنامية في 17 يوليو، أن الحكومة تتحقق من المعلومات المتعلقة بترحيل أشخاص إلى جنوب السودان، لكنه لم يُدل بمزيد من التعليقات لـ«رويترز». ولم تعلق الحكومة المكسيكية على الأمر.

وقالت حكومة إسواتيني، يوم الثلاثاء الماضي، إنها لاتزال تحتجز المهاجرين الخمسة الذين استقبلتهم ويقبعون في زنازين انفرادية بموجب الاتفاق مع إدارة ترامب.

دول ثالثة

وسمحت المحكمة العليا في يونيو الماضي لإدارة ترامب بترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة دون منحهم فرصة لإثبات احتمالية تعرضهم للأذى، لكن مدى قانونية عمليات الترحيل لاتزال محل نزاع في دعوى قضائية اتحادية في بوسطن، وهي قضية قد تعاد إلى المحكمة العليا ذات التوجه المحافظ.

ويقول معارضون إن عمليات الترحيل تهدف إلى إثارة الخوف بين المهاجرين ودفعهم إلى «الترحيل الذاتي» إلى بلدانهم الأصلية بدلاً من إرسالهم إلى دول بعيدة لا تربطهم بها أي صلة. وقالت مديرة الاتصالات في معهد سياسة الهجرة غير الحزبي، ميشيل ميتلشتات: «هذه رسالة مفادها أنكم قد تواجهون نتيجة عشوائية للغاية إذا لم تختاروا المغادرة بمحض إرادتكم».

ونصت إرشادات إنفاذ قوانين الهجرة الداخلية الأميركية الصادرة في يوليو على إمكانية ترحيل المهاجرين إلى دول لم تقدم ضمانات دبلوماسية لسلامتهم في غضون ست ساعات فقط من إخطارهم.

وفي حين ركزت الإدارة على ترحيل المجرمين المدانين إلى دول إفريقية، فقد أرسلت أيضاً أفغاناً وروساً وغيرهم من طالبي اللجوء إلى بنما وكوستاريكا.

وفي مارس رحلت إدارة ترامب أكثر من 200 فنزويلي متهمين بالانتماء إلى عصابات إلى السلفادور حيث احتجزوا في سجن «سيكوت» دون إمكانية التحدث إلى محامين حتى أطلق سراحهم في عملية تبادل سجناء الشهر الماضي.

وتظهر بيانات الحكومة المكسيكية أنه جرى ترحيل أكثر من 5700 مهاجر غير مكسيكي إلى المكسيك منذ تولي ترامب منصبه في استمرار لسياسة بدأت في عهد الرئيس السابق جو بايدن.

وتقول المديرة التنفيذية للتحالف الوطني للتقاضي بشأن الهجرة، المؤيد للمهاجرين، ترينا ريلموتو، إن «حقيقة ترحيل رجل مكسيكي إلى جنوب السودان وتهديد آخر بالترحيل إلى ليبيا تشير إلى أن إدارة ترامب لم تحاول إرسالهما إلى بلديهما الأصليين».

مناهضون للهجرة يخشون من تهديد المخالفين للشعب الأميركي

يرى المناهضون بشدة للهجرة أن عمليات الترحيل لدول ثالثة وسيلة للتعامل مع مخالفي قوانين الهجرة الذين يصعب ترحيلهم وقد يشكلون تهديداً للشعب الأميركي.

وقالت مديرة السياسات في مركز دراسات الهجرة، الذي يدعم خفض مستويات الهجرة، جيسيكا فوون: «إدارة ترامب تعطي الأولوية لسلامة المجتمع الأميركي على راحة هؤلاء المرحلين».

وفي يوليو ضغطت إدارة ترامب على دول إفريقية أخرى لاستقبال المهاجرين، وطلبت ذلك من دولة بالاو، إحدى جزر المحيط الهادي، إضافة إلى دول أخرى. وبموجب القانون الأميركي، يمكن لمسؤولي الهجرة الاتحاديين ترحيل أي شخص إلى بلد غير الدولة التي يحمل جنسيتها عندما تكون جميع الجهود الأخرى «غير عملية أو غير مناسبة أو مستحيلة».

ويجب على مسؤولي الهجرة أولاً محاولة إعادة المهاجر إلى بلده الأصلي، وإذا لم يستطيعوا فإلى بلد تربطه به صلة، مثل المكان الذي عاش فيه أو ولد فيه، وبالنسبة للرجل من لاوس الذي كاد يرحّل إلى ليبيا في أوائل مايو، فإن سماعه عن استئناف عمليات الترحيل إلى دول ثالثة جعله يتذكر المخاوف التي شعر بها.

وفي مقابلة من لاوس، طلب فيها عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته، سأل عن سبب «استخدام الولايات المتحدة لنا كبيادق».

وقال محاميه، إن الرجل قضى عقوبة بالسجن لارتكابه جناية. ولم تتمكن «رويترز» من تحديد التهمة التي أُدين بها.

وتذكر كيف طلب منه مسؤولون الإمضاء على قرار ترحيله إلى ليبيا، والذي رفضه، وأبلغهم برغبته في إرساله إلى لاوس. وأضاف أنهم أخبروه أنه سيُرحّل إلى ليبيا سواء وقع على الأمر أم لا. ولم تعلق وزارة الأمن الداخلي على ما قاله الرجل.

وأضاف الرجل، الذي جاء إلى الولايات المتحدة في أوائل الثمانينات كلاجئ عندما كان في الرابعة من عمره، أنه يحاول الآن تعلم اللغة المحلية والتكيف مع حياته الجديدة.

. وزارة الأمن الداخلي لم ترد على طلب للتعليق بشأن عدد عمليات الترحيل إلى دول ثالثة منذ تولي ترامب منصبه في 20 يناير.

. تظهر بيانات الحكومة المكسيكية أنه جرى ترحيل أكثر من 5700 مهاجر غير مكسيكي إلى المكسيك منذ تولي ترامب منصبه.