المعلم في رعاية آمنة… دعم الله واهتمام الرئيس يحيطان بـ ‘حسن شحاتة’

المعلم في رعاية آمنة… دعم الله واهتمام الرئيس يحيطان بـ ‘حسن شحاتة’

في لحظة صمت مؤثّرة، اتجهت أنظار وقلوب المصريين إلى إحدى غرف الرعاية بأحد مستشفيات القاهرة، حيث يرقد هناك “المعلّم” حسن شحاتة، أسطورة الكرة المصرية، الذي يخوض معركة صحية جديدة في رحلة عمرٍ طويلة امتلأت بانتصارات وكفاح، فبعد أن قاتل ضد الظروف والصعوبات وواجه أعتى عتاة القارة السمراء، الآن يرقد مواجهًا مرض الصفراء.

وعلى قدر هذه المسيرة، جاء الدعم فوجّه الرئيس عبدالفتاح السيسي تعليمات مباشرة بتوفير الرعاية الصحية الكاملة له، تأكيدًا أن مصر لا تنسى أبناءها الأوفياء. كما تواصل الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، مع أسرته، مطمئنًا ومحاطًا بمشاعر التقدير، في رسالة وفاء إلى أحد رموز الرياضة الذين نسجوا مجدًا من خيوط العزيمة والإبداع.

لكن قبل أن نروي المشهد الطبي الأخير، دعونا نسترجع الصفحات الخالدة من كتاب “المعلّم” الذي لم يُغلق بعد.

حسن شحاتة من مواليد 19 يونيو 1947، تعلق قلبه مبكرًا بكرة القدم كأقرانه، وبرقت في عينيه موهبة مبكرة يدرك من يراه أنه سيكون حالة استثنائية، ولكن رحلة النجاح ليست سهلة.

تشبث حسن شحاتة بالحلم كما يتشبث العاشق بالمستحيل. بدأ في نادي كفر الدوار، ثم انتقل إلى الزمالك ليكتب أول سطور المجد كلاعب مهاري وأنيق، يُسجّل ويصنع ويقود، حتى صار اسمه يتردد في مدرجات القاهرة والكويت، حيث لعب لفترة مع نادي كاظمة.

كان نجمًا استثنائيًا في منتخب مصر، وبرز في كأس الأمم الإفريقية 1974 حين تُوّج بجائزة أفضل لاعب في البطولة. تميّز بقدرة فطرية على قيادة زملائه، وخلق فرص من لا شيء، حتى صار يُلقّب بـ”المعلّم” وهو لا يزال لاعبًا.

شحاتة الذي اعتبره العديد من أقرانه والمشجعين ومن لعبوا تحت قيادته اللاعب الأفضل في تاريخ مصر، فكل من شاهده تغنت شفتاه بمهاراته الطاغية وأهدافه المؤثرة.. فكان من الصعب أن يحتفظ مدافع بتوازنه وثباته أمام “المعلم”.

ولكن حسن شحاتة على الرغم من مهاراته لم ينل النصيب الكافي من الحظ، فبمجرد تألقه مع الزمالك وأثناء توهجه مع الأبيض، توقفت بطولة الدوري في مصر بعد نكسة 1967، ليخرج إلى الكويت محترفًا وبدأ هناك فصلًا جديدًا من “سحر” المعلم، وحصد جائزة أفضل لاعب في آسيا في 1970، بعدما أسهم في تصعيد الفريق من الدرجة الثانية للممتاز، وقاده للمنافسة، وسجل 85 هدفًا في 5 سنوات وحصد هداف الدوري الكويتي 3 مرات.

 لكن القصة لم تبلغ ذروتها بعد. فالتحول الحقيقي جاء من على الخطوط، حين ارتدى شحاتة ثوب المدرب. قاد منتخب مصر إلى إنجاز تاريخي لا يُنسى: ثلاث بطولات متتالية في كأس الأمم الإفريقية (2006، 2008، 2010)، في سابقة لم تتحقق من قبل في تاريخ القارة السمراء.

خلق جيلًا ذهبيًا من اللاعبين، امتزج فيه الفن بالانضباط، والموهبة بالروح. حسني عبدربه، أحمد حسن، الحضري، عمرو زكي، ومتعب… جميعهم حملوا بصمته. لم يكن مجرد مدرب، بل كان ملهمًا، مربيًا، وصاحب رؤية.

ولم تقتصر نجاحاته على المنتخب، بل حقق إنجازات مع أندية مثل المقاولون العرب (بفوزه بكأس مصر والسوبر عام 2004)، إضافة إلى فترات تدريبية في الخليج، والزمالك الذي ارتبط به لاعبًا ومدربًا.

اليوم، وهو في استراحة محارب داخل غرفة علاج، لا يزال اسم حسن شحاتة يصدح على لسان الملايين. ليس لأنه سجل هدفًا، أو رفع كأسًا، بل لأنه علّم أجيالًا معنى الانتماء والكفاح. هو أكثر من مدرب، وأكثر من نجم. هو ذاكرة وطن، وضمير كروي تربّت عليه جماهير نشأت في زمن البطولات.

وبين متابعة الدولة، وصلوات الجماهير، يقف حسن شحاتة من جديد.. ليكمل حكاية لم تُكتب نهايتها بعد.