ما سبب تلاشي حلم الأهلي بسرعة في كأس العالم للأندية؟

خيّب الأهلي آمال جماهيره في بطولة كأس العالم للأندية 2025، بعدما سقط أمام بالميراس البرازيلي بهدفين دون رد في الجولة الثانية من دور المجموعات، ليفقد فرصة ثمينة للاقتراب من التأهل إلى الدور ثمن النهائي، في مباراة حملت في طياتها العديد من علامات الاستفهام، سواء على مستوى التشكيل الأساسي أو الأداء داخل الملعب.
دخل الإسباني خوسيه ريبيرو المباراة بتشكيلة أثارت التساؤلات منذ اللحظة الأولى، بعد أن قرر الدفع بالمغربي يحيى عطية الله أساسيًا في مركز الظهير الأيسر، رغم ابتعاده لفترة طويلة عن التشكيل، وهو ما بدا واضحًا في ضعف التغطية الدفاعية وفقدان التوازن في الجبهة اليسرى، المفارقة أن البدائل المتوقعة مثل مصطفى “العش” أو كريم الدبيس، سبق لهما المشاركة في خطط المدرب خلال الأسابيع الماضية، وكان من المنطقي الاستعانة بأحدهما بدلًا من المجازفة بعطية الله.
الخلل لم يتوقف عند الاختيارات الفردية، بل امتد إلى التنظيم الدفاعي للفريق، أخطاء متكررة في التمركز والرقابة، خاصة خلال الكرات الثابتة، منحت بالميراس أفضلية واضحة، إذ جاء الهدف الأول من كرة عرضية داخل منطقة الجزاء لم تجد من يشتتها،و تكرر الأمر في العديد من الكرات بنفس الصورة تقريبًا، وهو ما يدل على غياب التحضير الذهني والتنظيم الدفاعي خلال مواقف الكرات الثابتة، التي تحوّلت إلى كابوس حقيقي على الأهلي في هذه المواجهة.
ولم تكن التغييرات أثناء اللقاء أفضل حالًا من التشكيل الأساسي، حيث أجرى ريبيرو تعديلات غير مفهومة في مراكز اللاعبين، دون أن يوضح من خلال الأداء أي فكر هجومي أو دفاعي واضح، تغييرات أدت إلى تشتت اللاعبين داخل الملعب، فظهرت المساحات، وتاهت الكرة بين الأقدام، وكثرت التمريرات الخاطئة التي أفقدت الفريق استحواذه وثقته، لا سيما في وسط الملعب.
ولعل واحدة من اللحظات الفاصلة في المباراة كانت التوقف المفاجئ للعب بسبب سوء الأحوال الجوية، حيث بدا واضحًا أن لاعبي الأهلي فقدوا تركيزهم بعد استئناف اللعب، في حين نجح بالميراس في إعادة تنظيم صفوفه والدفع بعناصر بديلة صنعت الفارق، أما في الأهلي، فكانت التغييرات مجرد محاولات عشوائية للرد دون أي تأثير فعلي على مجريات المباراة.
كل هذه العوامل مجتمعة صنعت مشهد السقوط، وأهدرت فرصة ثمينة كانت ستقرب الأهلي بشدة من التأهل للدور التالي، ليتحول الموقف إلى مأزق حقيقي قبل الجولة الأخيرة من دور المجموعات.
تأهل صعب للاهلى وسيناريوهات معقدة لبلوغ دور الـ 16
بعد هذه الهزيمة، تجمد رصيد الأهلي عند نقطة واحدة من مباراتين، بينما يملك بالميراس أربع نقاط، وإنتر ميامي أربع نقاط، وبورتو نقطة واحدة أيضًا، هذه المعطيات تجعل فرص تأهل الأهلي إلى ثمن النهائي صعبة، ولكنها لم تنعدم تمامًا.
ترتيب المجموعة قبل الجولة الأخيرة يضع الأهلي في المركز الرابع برصيد نقطة واحدة، خلف بالميراس وإنتر ميامي (لكل منهما 4 نقاط)، وبورتو الذي يملك نقطة واحدة أيضًا، هذا الواقع يجعل فوز الأهلي على بورتو شرطًا لا بديل عنه، ولكن حتى تحقيق هذا الفوز لن يضمن التأهل بشكل مباشر، بل يعتمد على نتيجة المباراة الأخرى بين إنتر ميامي وبالميراس.
ففي حال فاز بالميراس، سيتأهل مباشرة بـ7 نقاط، ويتوقف رصيد إنتر ميامي عند 4 نقاط. إذا فاز الأهلي على بورتو، سيرفع رصيده هو الآخر إلى 4 نقاط، وهنا يدخل فارق الأهداف كعامل حاسم، حيث يتقدم إنتر حاليًا بفارق (+1) بينما يمتلك الأهلي (-2)، أي أن الأهلي بحاجة إلى الفوز بفارق كبير قد لا يقل عن ثلاثة أهداف لضمان تخطي إنتر.
أما إذا انتهت مواجهة إنتر ميامي وبالميراس بالتعادل، فسيصل رصيد إنتر إلى 5 نقاط، مما يعني خروج الأهلي حتى في حال فوزه، لأن أقصى ما يمكن أن يصل إليه هو 4 نقاط وفي حال خسر الأهلي أمام بورتو، فسينتهي مشواره رسميًا، وسيتأهل الفريق البرتغالي مباشرة إلى ثمن النهائي، نفس المصير ينتظر الأهلي في حال تعادل مع بورتو، إذ لن يكفيه حينها النقطة الثانية للمنافسة على المركز الثاني.
فرص التأهل إذن باتت معلقة بخيوط دقيقة، أبرزها فوز بالميراس على إنتر، وانتصار عريض للأهلي على بورتو لتعويض فارق الأهداف السلبي، لكن ما يزيد تعقيد الوضع هو أن الفريق لم يقدم في الجولتين السابقتين ما يؤكد قدرته الهجومية أو التنظيمية على فرض سيطرته بهذه الصورة، خاصة بعد الأداء المتواضع أمام بالميراس، الذي اتسم بضعف دفاعي واضح في الكرات الثابتة، وتشكيل أساسي يفتقر للثبات والانسجام.
الأهلي يدرك أن مباراة بورتو هي الفرصة الأخيرة، وأن عليه تحقيق الفوز أولًا، ثم الانتظار لمعرفة مصيره اعتمادًا على نتائج الآخرين. جماهيره تأمل في معجزة تعيد الأمل في بطولة تشهد مستوى تنافسيًا مرتفعًا، لكن الواقع يفرض حذرًا منطقيًا، فالمهمة صعبة، والطريق بات محفوفًا بالاحتمالات الحسابية لا الفنية فقط.