إلى ريبيرو: استراتيجيتك لتعطيل خطورة بالميراس والتأهل لدور الـ16 في المونديال

إلى ريبيرو: استراتيجيتك لتعطيل خطورة بالميراس والتأهل لدور الـ16 في المونديال

«رأس باردة وقلب حار» وصف وتعبير مجازي يستخدم لوصف الشخص الذي يتمتع بالهدوء والاتزان في التفكير واتخاذ القرارات ولكن في الوقت نفسه يملك شغفًا تجاه ما يفعله.

وذلك التعبير الذي اختاره أبيل فيريرا، المدير الفني لفريق بالميراس البرازيلي أن يكون عنوانًا لسيرته الذاتية، والتي يحكي خلالها مسيرته التدريبية.

في سيرته الذاتية يقول أبيل فيريرا إن مجموعة من العناكب بإمكانها أن تقتل أسدًا، وقياسًا على تكتيك كرة القدم فإن هذه الجملة يمكن تفسيرها أن تكاتف مجموعة من اللاعبين في منظومة واحدة بإمكانه أن يعوض عن فوارق القوة ويمنح الفريق الانتصار.

قبل الدخول في تفاصيل مواجهة الأهلي وبالميراس، نلقي سويًا نظرة على تكتيك فريق بالميراس والطريقة التي ينتهجها مع أبيل فيريرا ونمط اللعب المتكرر في الأداء الهجومي والضغط.

لا يعتبر فريق بالميراس من الأندية التي تمارس ضغطًا مكثفًا على خصومها طوال المباراة رغم امتلاك لاعبيه القدرات البدنية والجسدية، ولكنه يعتمد على الضغط المنظم وليس المكثف والفارق بينهما أن بالميراس مع ابيل فيريرا يختار الأوقات التي يضغط فيها على الخصم بشدة ليستخلص الكرة وتلك الأخرى التي يضغط فيها من أجل غلق زوايا التمرير وحرمان الخصم من الوصول للمرمى.

ويقوم النظام الدفاعي لفريق بالميراس على التمركز في نظام رقابة المنطقة وخلق حصن دفاعي يبدأ من وسط الملعب تكون مهمته إغلاق كل زوايا التمرير ومنع الخصم من الوصول لمنطقة الجزاء.

طريقة بالميراس الدفاعية تجسد التمثيل العملي لمقولة فيريرا أن مجموعة من العناكب بإمكانها قتل أسد، فبداية من الجناحين ورأس الحربة يبدأ الفريق عملية الدفاع بالتحرك لقطع زوايا التمرير أمام دفاع الخصم وفصل خطوطه، فمثلًا عندما يبدأ المدافع الأيمن التمرير إلى الظهير الأيمن يتحرك الجناح القريب إلى الكرة ويضغط على اللاعب الذي سيتسلمها مع الحفاظ على وجوده في المساحة بين الظهير وأقرب لاعب وسط والتي يمكن أن تعتبر خط تمرير محتمل، بينما يدخل الجناح العكسي إلى الداخل لتأمين وسط الملعب وتغطية لاعب الوسط البعيد مع الاحتفاظ بقدرته على العودة لمكانه حال تحويل مسار اللعب.

وهنا يصبح دور رأس الحربة هو الضغط على قلب الدفاع الآخر لأنه هنا يدرك أن الحل سيكون التمرير للخلف بسبب غلق زوايا التمرير في ظل تقدم لاعبي وسط بالميراس للضغط على وسط ملعب الخصم وغلق كافة احتمالات التمرير.

الهدف من النهج الدفاعي لفريق بالميراس هو منع الخصم من التقدم، لكنه لا يهدف إلى قطع الكرة مباشرة بل يضغط في حال وصوله لمناطق الخطورة ولكن الهدف الرئيسي من التمركز هو إجبار الخصم على التمرير للخلف ثم لعب كرة طولية تكون خلالها الأفضلية لمدافعيه بفضل الزيادة العددية أو التمرير في العمق وهي المساحة التي يتمكن للاعبي الوسط قطع الكرة بها بفضل تواجدهم في العمق وضغطهم على وسط الخصم لكن بتواجدهم الدائم خلفهم والذي يحافظ على الزيادة العددية في عمق الملعب.

الطريقة الدفاعية لفريق بالميراس تتشابه مع فخ العنكبوت والذي ينسج الخيوط حول بيته ويترك الحرية لفريسته في الدخول للمنزل بكامل إرادتها وبمجرد لمسها للخيط يتحرك إليها العنكبوت ويبدأ افتراسها بسهولة.

ويستخدم بالميراس الرسم التكتيكي 5-4-1 في الحالة الدفاعية والتي تسهل خلق حالة الزيادة العددية.

فيما يميل الأسلوب الهجومي لفريق بالميراس في اللعب المباشر نحو المرمى باستخدام التمريرات الطولية من حارس المرمى والانطلاقات المباشرة من لاعبي الجناحين واستخدام المهارة الفردية، ففي الحالة الهجومية للفريق يتحول ظهيري الجنب إلى جناحين منطلقين على جانبي الملعب مع الانتشار العرضي ودخول الجناحين إلى عمق الملعب بجوار المهاجم وزيادة فرص التمرير والوصول للمرمى، وغالبًا ما يتقدم أحد لاعبي الارتكاز إلى مناطق أمامية لتقديم الدعم في استرداد الكرة وفتح زوايا التمرير على الأرض وتصعيب عملية المراقبة الفردية بينما يثبت الآخر في موقع أعمق لتقديم الحماية الدفاعية.

أحيانًا ما يعتمد أبيل فيريرا مع بالميراس على التمريرات القصيرة للخروج بالكرة ويبدأ قلبي الدفاع في التحرك بشكل عرضي لتوسيع الملعب وتوفير زوايا التمرير للحارس، مع تحرك لاعب محور الوسط للخلف وتوفير زوايا تمرير إضافية لزملائه.

أسلوب لعب بالميراس المباشر والمعتمد على التمريرات العمودية يسهل من وصول الفريق إلى مرمى الخصم، كما أن عدم مبالغة الفريق في التمريرات القصيرة خاصة في الجزء الخلفي من الملعب يقلل من مخاطر خسارة الكرة بالقرب من مرماهم.

خلال مباراته ضد بورتو، امتاز فريق بالميراس بالجودة المهارية الفردية وخاصة مهارة إستيفاو، الجناح الأيمن والذي يتحرك كمهاجم ثانٍ في حالة امتلاك فريقه للكرة من أجل إفراغ المساحة لانطلاقات فيليبي أندرسون، الظهير الأيمن، بجانب انطلاقات أوجستين جياي، قلب الدفاع والذي ينطلق في خط عمودي أثناء استحواذ فريقه على الكرة إلى وسط الملعب لزيادة فرص فوز فريقه بالكرات الثنائية الهوائية الناتجة عن التمرير الطويل في عمق دفاع الخصم.

ويلعب فريق بالميراس بطريقة «3-4-2-1» تتحول إلى «5-4-1» في الحالة الدفاعية بعودة ظهيري الجنب إلى الخط الدفاعي.

المرونة التكتيكية في تحركات الثلاثي الهجومي لفريق بالميراس بجانب انطلاقاتهم السريعة والمدعمة بالتمرير المباشر خلف مدافعي الخصم يجعل فكرة الضغط المتقدم عليهم محفوفة بالمخاطر خاصة في حالة نجاحهم في الخروج بالكرة، ليصبح السؤال الآن؟ كيف يمكن ضرب مثل هذا التكتيك؟

الإجابة في ذات المباراة التي ظهر خلالها فريق بالميراس بأفضل مستوياته الهجومية وبالذات على مستوى الضغط الهجومي وحرمان الخصم من الخروج بالكرة والتحول السريع، وهي مباراة بورتو.. ففي تلك المباراة نجح فريق بورتو في اختراق دفاعات بالميراس بسحب دفاعات الفريق البرازيلي لمنطقة محددة بشكل مسبق لإحداث فراغ في المساحة خلف الظهيرين وبين قلبي الدفاع ليبدأ التحرك من خلال تلك المساحة في انتظار التمريرة المراد بها ضرب تلك المساحات والوصول للمرمى، ونجحت تلك الخطة في أكثر من لعبة خلال المباراة.

الحقيقة أن أسلوب لعب الأهلي في مباراة إنتر ميامي وإن شابه البطء في بعض الأوقات إلا أنه بحاجة لبعض التعديلات ليصبح مناسبًا لضرب دفاعات بالميراس، وربما لو كان إمام عاشور متاحًا في مثل تلك المباراة لكانت عملية الاختراق أكثر سهولة.

البديل الأكثر واقعية لـ “عاشور” سيكون أحمد سيد زيزو لإجادته أدوار صناعة اللعب ومركز وسط الملعب الارتكاز ورؤيته الجيدة للملعب التي تتيح له استغلال المساحات في دفاعات الخصم، ففي «4-4-2» Diamond أو الماسة في وسط الملعب سيكون زيزو اللاعب المتواجد دائمًا في المساحة بين وسط ملعب ودفاع بالميراس ليتسلم الكرة من أحد زملائه وظهره لمرمى الخصم لإعادتها مجددًا لـ بن رمضان أو فتحي مع استغلال محاولة الضغط من مدافعي بالميراس على لاعبي الأهلي المتقدمين للهجوم وإفراغ مساحة لانطلاق تريزيجيه ووسام أبو علي.

فريق بالميراس ينتظر تمرير الخصم للخلف من أجل البدء في مرحلة الضغط الشرس وفي هذه الحالة يمكن تنفيذ تمريرة وهمية للخلف نحو أحد قلبي الدفاع أو أحد لاعبي الوسط وبمجرد بدء ترحيل لاعبي بالميراس للأمام والضغط يرسل تمريرة طولية عكسية نحو أحد الجناحين أو مباشرة نحو المهاجم وضرب العمق بتمريرة مباشرة مستغلًا تقدم خط الدفاع.

كذلك سيحتاج الأهلي على مستوى الهجوم إلى استخدام قدرات وسام أبو علي في الكرات الهوائية أثناء افتقاد الأهلي للكرة والعودة لتقديم الدعم في الكرات الهوائية للاعبي وسط الملعب، خاصة مع تحرك أوجستين جايي، مدافع بالميراس وانطلاقه إلى وسط الملعب، بجانب السرعة في الانتقال من الدفاع للهجوم بمجرد استخلاص الكرة قبل اكتمال شكل «5-4-1» في وسط الملعب وحرمانهم من فرصة الزيادة العددية باستخدام التمرير العمودي المباشر إلى وسط الملعب والانتقال السريع بالكرة باستخدام قدرات “بن رمضان” و”زيزو”، وربما يكون من الأفضل في مباراة بالميراس الدفع بـ “أليو ديانج” في عمق المحور الدفاعي بجانب حمدي فتحي والاستفادة من قدراته في التحرك بالكرة والتمرير العمودي بجانب إجادته الثنائيات الهوائية والركض بالكرة.

كما يمكن استغلال انطلاقات ظهيري جنب بالميراس بمجرد استخلاص الكرة في الحالة الدفاعية بإرسال تمريرات طولية نحو الجناح المنطلق في المساحة خلف الظهير لاستغلال بطء عودتهم للدفاع.

ستكون أدوار زيزو مهمة في المباراة بضرب تماسك خطوط بالميراس بتحركاته في المساحات بين الخطوط ومنح اللاعب المستحوذ على الكرة زوايا تمرير إضافية، وقدرته على الاستلام والتسلم تحت الضغط.

كما يمكن لمهاجمي الأهلي استغلال المساحات بين قلبي الدفاع والظهيرين والتي تظهر في حالة تخلف أحد الظهيرين عن العودة للدفاع أو إخراجه من اللعبة بتقدم ظهير الأهلي وفتح الملعب ليتحرك الجناح بشكل عرضي وتصبح له فرصة التسديد على المرمى أو منح تمريرة مفتاحية لوسام أبو علي في العمق.

أما على المستوى الدفاعي فخطة الـ«4-4-2» المذكورة تمنح الأهلي أفضلية في إغلاق المساحات في عمق الملعب أمام هجوم بالميراس وهي المساحة التي يحب الفريق البرازيلي استغلالها، وبإغلاق تلك المساحات بتحريك كتلة الفريق نحو المساحة المتواجد بها الكرة وغلق المساحات مع المراقبة اللصيقة للظهيرين تتصعب فكرة الهجوم من العمق وهنا يجبر بالميراس على اللعب نحو جناحي الملعب وهي المساحة التي لا يفضلها الفريق لأنها تجبره على اللعب غير المباشر.

الطريقة الدفاعية للأهلي يجب أن تبدأ من الأمتار الأولى لملعب بالميراس بالضغط على قلبي الدفاع والحارس أثناء تنفيذ الكرة الطولية المباشرة، مع تركيز لاعبي الوسط على الفوز بالالتحامات الثنائية في منطقة سقوط الكرة بوسط الملعب بجانب غلق زوايا التمرير للاعبي الوسط، وفي وجود لاعب وسط ملعب يجيد قراءة اللعب واستخلاص الكرة مع الالتزام بالتمركزات وتضييق المساحات يمكن تقليص فرصة فوز لاعبي بالميراس بالكرة الثانية بعد التمريرة الطولية وهو ما يعني الحد من خطورتهم الهجومية.

فريق بالميراس يمتاز بامتلاكه دكة بدلاء مميزة وقادرة على صناعة الفارق بالإضافة إلى جاهزيتهم البدنية والفنية للمشاركة في المباراة والمساهمة في التحولات من الدفاع للهجوم وتنفيذ الضغط كما يطلب أبيل فيريرا، لهذا يجب على خوسيه ريبيرو أن يختار التغييرات التي سيجريها على تشكيل الفريق بدقة وألا يقع في أخطاء مباراة الذهاب وإلا سيصبح الأهلي على حافة هاوية الخروج من المونديال.