تصدع الهيكل الداخلي للنظام: تصريحات متضاربة تكشف عن ضعفه وزيادة الخوف من الثورة

تصدع الهيكل الداخلي للنظام: تصريحات متضاربة تكشف عن ضعفه وزيادة الخوف من الثورة

 

في الأيام الأخيرة، شهدت إيران تصاعداً ملحوظاً في حدة التوتر داخل السلطة، من خلال سيل من التصريحات المتناقضة التي أطلقها كبار المسؤولين، والتي عكست إلى أي مدى يعيش النظام على وقع القلق من انتفاضة شعبية جديدة وضربات داخلية متلاحقة تعصف به من الجذور.

 

الوحدة المزيفة: واجهة إعلامية لإخفاء الذعر

يحاول النظام التغطية على تفككه الداخلي بشعارات براقة عن “الوحدة الوطنية والانسجام الشعبي”. أحمد وحيدي، وزير الداخلية والقائد السابق لفيلق القدس، خرج في 17 يوليو 2025 ليعلن أن مؤامرات الأعداء وتحضيراتهم لبدائل معارضة للنظام قد تلاشت “بفضل الأمة وقوة نظامنا”، مصراً على أن التضامن بين “الأمة والقوات المسلحة والحكومة” في ذروته تحت قيادة الولي الفقيه.

 

لكن هذا الإصرار اللافت على الوحدة، وتكرار شعارات الانسجام، جاء بديلاً عن الاعتراف بواقع متفجر في الشارع الإيراني. فالنظام الواثق لا يحتاج أن يتحدث ليلاً نهاراً عن تماسكه، بل يبعث برسائل الطمأنينة بأفعاله، وليس بأوهام التماسك النظري.

 

اعتراف مُرّ من رأس المخابرات: “النفوذ” صار واقعاً

في تناقض فادح مع الخطاب الصلب لوحيدي، أقر وزير المخابرات إسماعيل خطيب بوجود اختراقات دائمة داخل أروقة النظام، قائلاً: “النفوذ كان موجوداً دائماً وسيظل موجوداً”. لم يكتف الخطاب الأمني هذه المرة بدفاعات لفظية عن قوة الأجهزة، بل كشف عن انهيار فعلي في قدرة الدولة على حماية هرمها من الاختراق والتغلغل. هذا الاعتراف بمثابة شهادة غير مباشرة على نجاح وحدات المقاومة في اختراق بنية النظام، وتكذيب لما كان يزيفه الإعلام عن “إحباط خلايا الموساد وتدمير مؤامرات الخارج”.

 

التهديدات الصاخبة: محاولة يائسة لتخويف الداخل وترويع الخارج

يبدو النظام الإيراني، حين يعجز عن تغطية انهياراته عبر شعارات الوحدة أو ادعاءاته الأمنية، يلجأ إلى إطلاق التهديدات الفارغة للجميع: الملا محسن أراكي، عضو مجلس خبراء القيادة، أعلن بلهجة غاضبة أن “أي اعتداء على مقام الولي الفقيه سيؤدي لتدمير مصالح الولايات المتحدة وحلفائها بلا استثناء”. وهو لم ينسَ تهديد أوروبا قائلاً إن أي مشاركة من هذه الأطراف في أحداث إيران ستحول حياتها إلى جحيم في المنطقة.

 

غير أن قعقعة السلاح اللفظي هذه لم تعد تقنع أحداً في الداخل أو الخارج. العالم – وكثير من دول المنطقة – يعلم أن تصدير الأزمة للخارج ليس سوى درع لحماية نظام فقد معظم دعائمه الاجتماعية، ويخشى اشتعال الانتفاضة على أنقاضه.

 

لوحة الهلع: الصورة الحقيقية لنظام مأزوم

جمع تصريحات وحيدي الصاخبة، مع اعترافات خطيب وانتفاخ تهديدات أراكي، يكشف لوحة لنظام مذعور من داخله كما من الخارج. النظام الذي كان يدعي “عدم القابلية للسقوط” بات اليوم يضرب برعشة الخوف من أي تحرك جماهيري منظم، ويعيش على وقع صراع المصالح والأجهزة واختراقات المعارضة التي تهز كيانه من الداخل.

 

في ظل هذه الحالة، الانتفاضة المقبلة لم تعد احتمالاً بعيداً، بل باتت على الأبواب. من دلائل ذلك حالة الهلع في قمة السلطة، وانكشاف هشاشة التماسك الأمني، وعجز النظام عن إنتاج أي حلول سوى تصدير الأزمة أو إطلاق تهديدات استعراضية.

 

الخلاصة

ما يحدث في طهران هذه الأيام ليس مجرد شدّ إعلامي، بل انعكاس لشرخ في صلب النظام. أصوات الخوف القادمة من القمة ليست عارضاً مؤقتاً، بل هي الإنذار الأخير لنظام بات يترنّح على فوهة بركان شعبي ينذر بتغيير غير مسبوق.