هل نعاني من أزمة في الهوية أم في القيم؟

هل نعاني من أزمة في الهوية أم في القيم؟

 

بقلم .. محمد عمر حسين المرحبي

 

في زحام الحداثة وضجيج التقنية، لم نعد نعرف أنفسنا كما كنا. لم تعد القيم واضحة، ولا الهوية مستقرة. شبابنا يتحدثون لغاتٍ هجينة، يتابعون رموزًا من عوالم افتراضية، ويحلمون بالرحيل أكثر من البقاء. لكن السؤال الصادم:

 

هل ما نعيشه اليوم أزمة هوية؟ أم أن ما يتداعى أمامنا هو منظومة القيم برمّتها؟

 

 

الهوية – كما تعرّفها المجتمعات التقليدية – كانت مرتبطة بالدين، والانتماء الوطني، والعائلة، والتقاليد. أما اليوم، فقد أصبحت “الهوية” خيارًا شخصيًا أكثر منها انتماءً جمعيًا. الفرد يصنع هويته من منصات التواصل، من الموسيقى، من اليوتيوبرز والتيك توكرز، من نمط اللباس، وحتى من أسماء الألعاب الإلكترونية!

 

وفي المقابل، القيم التي نشأنا عليها، مثل الاحترام، والحياء، والجدية، والصدق، والمسؤولية… تتعرض لتآكل واضح.

 

لم يعد يُنظر للحياء كقيمة، بل كـ”رجعية”

لم يعد الصدق فضيلة، بل يُستبدل بـ”الذكاء الاجتماعي”! هل فقدنا البوصلة فعلاً؟

 

المعضلة الكبرى أن كثيرين يرون أن هذا التغير طبيعي. “الدنيا تغيرت”، يقولون!

لكن هل تغيرت الدنيا أم تغيرنا نحن؟ وهل التغير يعني بالضرورة أن نتخلى عن جذورنا؟

 

المدافعون عن “الهوية” يُتّهمون بالتشدد والانغلاق، بينما من يروّجون “للانفتاح الكامل” يتهمون المحافظين بالتخلف.

 

فهل الحل في الوسط؟ أم أن الوسط لم يعد موجودًا أصلاً؟

 

فلنكن واقعيين… الهوية لا تُفرض، لكنها أيضًا لا تُترك نهبًا للثقافات العابرة. القيم لا تتجدد بإلغاء ما سبق، بل بإعادة صياغته بما يناسب العصر.

 

لكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن:

هل الجيل الجديد بحاجة إلى “استعادة الهوية” أم “إعادة تعريف القيم”؟