استغلال مشاعر الكراهية: كيف يختبئ النظام الإيراني خلف رفض الشعب؟

استغلال مشاعر الكراهية: كيف يختبئ النظام الإيراني خلف رفض الشعب؟

 

في الأيام التي أعقبت الحرب الأخيرة، خرجت أصوات مسؤولي نظام الملالي ليدّعوا دعمًا شعبيًّا واسعًا، محاولين تصوير أنفسهم كحماة الوطن في وجه ما وصفوه بالهجوم الخارجي. على رأس هؤلاء، تحدث الحرسي قاليباف في التلفزيون الرسمي في 13 يوليو 2025، مروجًا لادعاء أن “النواة الصلبة للنظام هم 90 مليون إيراني”. واستمرت هذه الدعاية في الصحف الرسمية، التي كررت الادعاء في الدفاع عن مرشحها الرئاسي مسعود بزشكيان.

 

لكن هذه المزاعم تخفي وراءها دجلًا عمره 46 عامًا، إذ يستخدم النظام كلمة “الشعب” كستار لتبرير استمرار حكمه الديكتاتوري، والتمويه على أزماته الداخلية. فمنذ أيام خميني وحتى خامنئي، وظّف النظام مفردات “دعم الشعب” لتبرير العقوبات التي فرضت عليه، ولقمع أي صوت معارض، وأيضًا لتحويل الأنظار نحو أعداء خارجيين في أمريكا وأوروبا.

 

في الواقع، فإن العقوبات الدولية تستهدف النظام بسبب برامجه النووية والميليشيات المسلحة، وليس الشعب الإيراني. وعلى الرغم من ذلك، يُصور النظام نفسه على أنه المدافع الأول عن الشعب، بينما الحقيقة أن الأغلبية الساحقة من الإيرانيين تكره جهاز “شرطة الإرشاد” القمعية وتعتبره سببًا رئيسيًا لمعاناتهم.

 

الشعب الذي يعشق وطنه يدافع عن أرضه ضد أي عدوان خارجي، لكنه في نفس الوقت يرفض النظام ويحتج ضد سياساته القمعية والفساد الذي ينهش ثروات البلاد. هتافات مثل “عدونا هنا بيننا” و“شعارهم حسين حسين… وعملهم النهب والسرقة” تدحض كل دعايات النظام.

 

وعلى الصعيد الإقليمي، عبّر الشعب مرارًا عن رفضه لتورط النظام في حروب وصراعات خارجية، من خلال هتافات “لا غزة ولا لبنان… روحي فداء إيران!”، رافضين أن يدفعوا ثمن سياسات النظام التوسعية التي جلبت الدمار والفقر.

 

الأوضاع الداخلية في إيران كارثية، مع ندرة المياه، دمار البيئة، وأزمات المعيشة المتصاعدة، الأمر الذي دفع الشعب إلى إعلان تحدي صريح لهتاف “سنحارب، سنقاتل… وسنستعيد إيران!”، في مواجهة ما يعتبرونه احتلالًا داخليًا من قبل نظام ولاية الفقيه.

 

وعلى الرغم من ادعاءات النظام بعدم وجود بديل، تصدرت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية كبديل ديمقراطي حقيقي، حيث تحدت رئيسة المجلس الوطني للمقاومة مريم رجوي النظام بدعوة إقامة مظاهرة سلمية بإشراف الأمم المتحدة، ليثبت الإيرانيون دعمهم الواسع للمقاومة.

 

وفي نهاية المطاف، تفضح تصريحات وسائل الإعلام الرسمية مثل صحيفة “اعتماد” كذب ادعاءات الحرسي قاليباف، خصوصًا مع انخفاض المشاركة في الانتخابات الرئاسية مما يدل على رفض شعبي واسع للنظام، وهو ناقوس خطر حقيقي يحذر من تصاعد الأزمة السياسية والاجتماعية.

 

إن استغلال النظام لكراهية الشعب المزمنة ومحاولته تزيينها بالادعاءات الزائفة لن يكون سوى عامل مزيد في تسريع ثورة التغيير التي تلوح في الأفق.