بين التحذيرات الأوروبية والتصعيد الإقليمي: أزمة البرنامج النووي الإيراني تقترب من الانفجار

بين التحذيرات الأوروبية والتصعيد الإقليمي: أزمة البرنامج النووي الإيراني تقترب من الانفجار

 

يشهد الملف النووي الإيراني تصاعداً خطيراً في التوتر، بعد أن وضع الغرب حداً زمنياً نهائياً لطهران للتوصل إلى اتفاق، في مقابل رد إيراني متشدد يهدد بتصعيد غير مسبوق، معلناً أن عصر المفاوضات بشروط سابقة قد انتهى، وأن جميع الخيارات، بما في ذلك العسكرية، أصبحت مطروحة. هذا الموقف المتبادل يضع المنطقة على شفا هاوية.

 

الإنذار الأوروبي-الأمريكي: نهاية أغسطس كخط أحمر

وفقًا لتقارير إعلامية، فقد اتفق وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة على تحديد نهاية شهر أغسطس موعدًا نهائيًا للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران. في حال عدم تحقيق تقدم، ستقوم القوى الأوروبية بتفعيل “آلية الزناد” (Snapback)، والتي ستعيد فرض جميع عقوبات مجلس الأمن الدولي على إيران في غضون 30 يومًا. ويهدف هذا الإسراع إلى إتمام العملية قبل تولي روسيا رئاسة مجلس الأمن في أكتوبر، لمنع أي محاولة لعرقلة هذا المسار.

 

يأتي هذا الموقف بعد أن أكد مايك والتز، مرشح الرئيس ترامب لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أن “إيران لا ينبغي أن يكون لها الحق في التخصيب”، مطالباً بعودة فورية لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومؤكداً التنسيق الكامل مع الدول الأوروبية الثلاث.

 

رد النظام الإيراني: تصعيد غير مسبوق في التهديدات

في المقابل، جاء رد النظام الإيراني والمؤسسات التابعة له بلهجة هجومية، ووفقاً لوسائل إعلام تابعة لفيلق القدس، تدرس إيران خيارات تشمل: الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT)، رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 90%، تطوير أجهزة طرد مركزي متقدمة، وتقليص إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وحتى استخدام مخزون اليورانيوم المخصب في أغراض عسكرية “غير محظورة” أصبح خياراً مطروحاً.

 

كما هدد حسين شريعتمداري، مدير صحيفة “كيهان” وممثل الولي الفقيه، باستخدام “ورقة إغلاق مضيق هرمز” رداً على تفعيل آلية الزناد. وهدد مسؤولون آخرون بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، محذرين من أن تفعيل آلية الزناد سيؤدي إلى إجراءات انتقامية وتعطيل مسار الدبلوماسية.

 

شروط مسبقة وولاء مطلق في البرلمان الإيراني

عكس بيان صادر عن البرلمان الإيراني في 16 يوليو هذا الموقف المتشدد، حيث أعلن أن التفاوض لن يكون ممكناً كما في السابق. وأوضح البيان أن شعار “الموت لأمريكا” يعني “الموت لترامب وللقادة والمجموعة التي تدير أمريكا”، وليس للشعب الأمريكي. وبرر تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه “رد منطقي” على الهجمات التي استهدفت منشآته وعلمائه.

 

واختتم البيان بالتأكيد على الولاء المطلق للولي الفقيه، قائلاً: “نؤمن إيماناً عميقاً بأن الخطوط التي يرسمها القائد الحكيم هي القول الفصل في استراتيجيات وقضايا البلاد الرئيسية”.

 

النظام في فخ النووي: طريق بلا عودة

يُظهر هذا التصعيد أن النظام الإيراني قد وقع أخيراً في الفخ النووي الذي قضى عقوداً في بنائه. فبعد إنفاق تكاليف باهظة وسنوات طويلة من الخداع، وصل النظام إلى نهاية الطريق. برنامجه النووي، الذي كان يراهن عليه كورقة رابحة لضمان بقائه وفرض هيمنته، تحول اليوم إلى عبء قاتل.

 

فهو الآن يواجه خيارين، كلاهما مر: إما تراجع مذل بقبول شروط تجرد برنامجه من أي قيمة استراتيجية، مما يظهره ضعيفاً ومنكسراً بعد كل التضحيات، وإما تصعيد متهور بالانسحاب من المعاهدات الدولية والتخصيب بنسبة 90%، مما يعرضه لعزلة تامة وعقوبات ساحقة تحت الفصل السابع، ويزيد من خطر مواجهة عسكرية مدمرة. في كلتا الحالتين، تبدو استراتيجيته التي استمرت لأربعة عقود على وشك الانهيار، ليجد نفسه في نهاية المطاف محاصراً في الزاوية التي دفع نفسه إليها.