سنة من هيمنة الفشل الاقتصادي والفساد: دراسة أداء حكومة بزشكيان في إطار النظام الإيراني القمعي

يمضي عام كامل على تولي مسعود بزشكيان رئاسة الحكومة في إيران، حيث ثبت بشكل جلي أن دوره لا يتجاوز كونه ممثلاً في مسرحية النظام المستمرة للبقاء والاستئثار بالسلطة، رغم الشعارات الكبيرة التي أطلقها حول معالجة “حالة اللا-توازن” الاقتصادي في البلاد. فبين وعود إصلاحات جذرية وما هو واقع فعلي، يتكشف حجم الأزمة العميقة التي يعانيها الاقتصاد الإيراني، والتي لا يمكن فهمها بمعزل عن البنية السياسية التي تحكم البلاد.
لقد اتّضح أن المشكلة ليست في نقص الموارد، بل في “تحديد الأولويات بشكل خاطئ” حسب محللين إيرانيين مستقلين. فبدلاً من استثمار ثروات البلاد في مشاريع تنموية تخدم حياة المواطنين وتحسن من معيشتهم، تُوجّه هذه الموارد بممنهجية لتقوية أركان النظام من قوات الحرس الثوري، والأجهزة القمعية، ومشاريع النفوذ في المنطقة، والمؤسسات الأيديولوجية التي تسهم في بقاء النظام.
هذا الفشل الذي صار من الواضح حتى في وسائل الإعلام التابعة للنظام، تجد له مثالاً في مقال صحيفة “جهان صنعت” بتاريخ 10 يوليو 2025، التي أشارت إلى أن وعود الحكومة بتحقيق تحولات جوهرية في الحوكمة الاقتصادية قد تلاشت وسط الحقائق الميدانية، مضيفة أن مبلغ 90 مليار دولار كان يمكن أن يؤسس شبكة سكك حديدية فائقة السرعة لربط المدن الكبرى، لكن لم تتم إضافة كيلومتر واحد.
في هذا السياق، تُظهر هذه الحقائق أن أزمة إيران أعمق من مجرد أداء حكومة أو رئيس، إذ أن وجود مؤسسات مثل مجلس صيانة الدستور ومجمع تشخيص مصلحة النظام، إلى جانب سيطرة الحرس الثوري والقضاء المطواع يخنق أي مسعى حقيقي للإصلاح، ويفضي إلى تعارض بنيوي بين البقاء السلطوي والإصلاح الحقيقي، حيث أن الأخير يعني سقوط النظام.
في مقابلة حديثة مع صحيفة “النهار” اللبنانية، أشارت مريم رجوي، زعيمة المقاومة الإيرانية، إلى أن النظام يعاني من أزمة بنيوية لا يمكن حلها إلا بدعم الشعب الإيراني ومقاومته التي تسعى إلى بناء مستقبل حر وديمقراطي. وأضافت أن محاولات النظام لإظهار نفسه كمنقذ اقتصادي لا تخفي سوى عجزه عن تلبية احتياجات المواطنين، وأن الحل الحقيقي يكمن في إسقاط هذا النظام وكفاح الشعب من أجل حقوقه.
خلاصة ما قيل إن “تراث العام الواحد” لحكومة بزشكيان لم يحقق رؤى إصلاحية حقيقية، بل كان مجرد تجسيد للمزيد من القمع والتدهور الاقتصادي والاجتماعي. يبقى بزشكيان ممثلاً ضمن سلسلة من المسؤولين الفاشلين الذين لم يستطيعوا تغيير مسار إيران في ظل النظام القمعي والفساد المستشري.
إن هذه المعطيات تؤكد أن معالجة “اللا-توازن الاقتصادي” ليست سوى شعار فارغ، يستخدم لخداع الرأي العام، بينما تستمر السلطة المطلقة للولي الفقيه في إحكام قبضتها على مفاصل الدولة، وتجاهل مطالب الشعب في حياة كريمة وعدالة اجتماعية.