منصة وهمية أم علامة تحذيرية؟ لماذا لم تبدأ الحكومة بعد في إطلاق مشروع رقمي وطني بعد انهيار VSa؟

بعد فخ VSa.. ضحايا النصب يصرخون والدولة تتحرك.. والداخلية تكشف الشبكة وتلاحق المتورطين”
هل آن الأوان أن تنشئ الدولة منصة رقمية آمنة للمصريين بدلًا من تركهم فريسة للوهم؟
بعد سقوط منصة VSa.. ضحايا يتكلمون: «إحنا مش متهورين.. بس كنا بندور على فرصة حقيقية»
هل تطلق الدولة منصة رقمية موثوقة تضمن الاستثمار الآمن وتمنع تكرار الكارثة؟
تحقيق_ خالد جزر
في وقت تُسابق فيه مصر الزمن لبناء جمهوريتها الجديدة، وتُضخ المليارات في البنية التحتية الرقمية، وقع آلاف المصريين في فخ منصة وهمية تُدعى “VSa”، باعت الوهم تحت لافتة التكنولوجيا والربح السريع، قبل أن تنهار فجأة وتبتلع معها مدخرات عشرات الآلاف من المواطنين.
لكن ما حدث لم يكن مجرد “عملية نصب إلكتروني” عابرة، بل جرس إنذار حقيقي يُحتم على الدولة أن تُعيد النظر في غياب منصة وطنية رسمية، تتيح للمصريين دخول عالم التكنولوجيا والاستثمار الرقمي الآمن، تحت رقابة مؤسسية شفافة.
فكيف خُدع الناس؟ ولماذا لجأوا إلى منصة غامضة بدلاً من انتظار مشروع رقمي حكومي؟
وهل تتحرك الدولة في الوقت المناسب لبناء الثقة الرقمية من جديد؟
في هذا التحقيق، نستمع إلى صوت ثلاثة مواطنين خاضوا التجربة.. وخسروا
(مني_م) : “أنا مش متهورة.. كنت بحاول أواكب التطور” “كل يوم بنسمع عن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، وحسّيت إن الفرصة دي ممكن تدخلني المجال من بدري؛ لما لقيت ناس بتكسب، جربت، ودفعت 10 آلاف، وبعدها زودت، لكن فجأة التطبيق اختفى، والجروبات اتقفلت، والفلوس راحت، أنا مش متهورة.. بس فعلاً كنت بدور على فرصة أتعلم وأكسب بكرامة”.
(مني_م) ، 38 عامًا، أم لطفلين وموظفة، تُلخص تجربة آلاف المصريين الذين وجدوا أنفسهم ضحايا لمنصة نصبت شباكها بخداع احترافي.
طبيب أسنان: “أنا أكاديمي.. واتضحك عليا”.. عندي خلفية في التسويق الرقمي، وبرغم كده وقعت، المنصة كانت متقنة في عرضها، بتديك مهام شكلها محترم وأرباح منطقية، حسيت إني دخلت تجربة استثمار محترمة، بعد ما الفلوس راحت، راجعت كل خطوة، وسألت نفسي: لو أنا ضاع مني كده، المواطن البسيط ينجو إزاي؟”
الدكتور (أحمد_س) لم يكن يتوقع أن يكون بين الضحايا، لكنه وقع مثل آلاف غيره، في ظل غياب منصة مصرية رسمية موثوقة تتيح الاستثمار الرقمي وتمنح الناس الوعي والأمان.
(ريهام_س) : “كنا مستعدين نتعلم.. بس مفيش حد وجّهنا” “أنا محاسبة، وكنت بحاول ألاقي فرصة أدخل بيها في حاجة مختلفة. زمايلي حققوا أرباح من VSa في الأول، وده خلاني أثق. . بس فين الدولة؟ ليه مفيش منصة حكومية أو حتى حملة توعية تقولنا ده نصب؟ لو في مكان رسمي نشتغل فيه ونكسب ونفهم، كنا دخلنا من خلاله بدل اللفة دي كلها”.
تُعبّر (ريهام_س) عن سؤال يتردد كثيرًا الآن بين الضحايا: أين كانت المنصة الآمنة؟
حفلات فخمة وأوهام على الأرض
لم تكن VSa مجرد تطبيق رقمي.. المنصة امتلكت شبكة من المندوبين والمنسقين داخل مصر، ونظّمت حفلات وهدايا في قاعات فخمة بعدة محافظات منها القاهرة والجيزة والإسكندرية والشرقية.
تقول ريهام: “حضرت بنفسي حفلة في قاعة كبيرة، ووزعوا فيها موبايلات ولابات، وكان في ناس بتتصور وفرحانين كل ده خلانا نصدق إن الموضوع رسمي أو على الأقل مضمون”.
هذه المشاهد المنظمة ساهمت في ترسيخ الثقة الوهمية لدى الضحايا، وأضفت على المشروع غطاءً اجتماعيًا مخادعًا.
الدولة تتحرك.. لكن بعد وقوع الكارثة
بمجرد وصول أول بلاغ رسمي، تحركت وزارة الداخلية بسرعة، عبر إدارة مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وبدأت تتبع حسابات الكاش الموجوده علي احد شبكات الموبيل الموجوده في مصر والمرتبطة بالمنصة، والتحقيق مع المتورطين داخل مصر.
وصرح مصدر أمني رفض ذكر اسمه أن التحقيقات تسير على قدم وساق، وأن هناك تنسيقًا دوليًا لرصد الشبكة بالكامل.. مؤكدا: “من يعبث بعقول وأموال المصريين.. لن يفلت من الحساب” – هكذا جاء الرد بعد تحرك أجهزة الأمن.
ما الرسالة الحقيقية التي كشفتها VSa؟
بعيدًا عن مشهد النصب، أظهرت التجربة أن المصريين مستعدون للتفاعل مع التكنولوجيا والمضاربة الرقمية، بشرط توافر الثقة، والوعي، والجهة الرسمية الموثوقة.
فهل آن الأوان لأن تطلق الدولة منصة وطنية تكنولوجية، تتيح للمصريين تعلم المهارات الرقمية، وتنفيذ مهام حقيقية بأرباح منطقية، وتعيد بناء الثقة في الاقتصاد الرقمي؟
الشاهد:
ما حدث مع VSa لم يكن فقط جريمة نصب، بل كان صرخة مجتمعية تقول: “عايزين نفهم.. نشارك.. نكسب.. بس من خلال باب مفتوح من الدولة، مش شباك وهم من النصابين والغرباء”.
الكرة الآن في ملعب المؤسسات الرسمية، والفرصة ما زالت قائمة: أن تتحول الكارثة إلى مشروع، والخسارة إلى وعي، والوجع إلى انطلاقة رقمية وطنية.. تحفظ أموال المصريين، وتفتح لهم مستقبلًا يستحقونه.
منصة VSA