مصر وسط ضغوط المؤامرات: صراع من أجل البقاء على كافة الأصعدة

مصر وسط ضغوط المؤامرات: صراع من أجل البقاء على كافة الأصعدة

✍️ نجيبة المحجوب 

 

في مشهد إقليمي متشابك، تخوض مصر حربًا ضروسًا على كافة الجبهات… حرب غير تقليدية، تتجاوز حدود المواجهة العسكرية إلى صراعات استخباراتية، اقتصادية، وديموغرافية، تُدار بأدوات غير تقليدية وأهداف بعيدة المدى. والمفارقة الصادمة أن بعض جبهات هذه الحرب تنطلق من دول شقيقة أو جيران تربطنا بهم مصالح وعلاقات ظاهرها التعاون… وباطنها التآمر.

 رفض مصري حاسم للوجود العسكري الأجنبي قرب الحدود

كشفت مصادر مطلعة عن رفض مصر إقامة ثلاث قواعد عسكرية أمريكية في منطقة غرب السعودية، قرب البحر الأحمر، وهي قواعد كانت ستوفر للولايات المتحدة موطئ قدم استراتيجي في محاصرة مصر من الحدود الغربية، ما يهدد الأمن القومي بشكل مباشر. هذا الرفض يعكس إدراك القاهرة العميق لخطورة عسكرة البحر الأحمر وتحويله إلى ممر نفوذ أجنبي على حساب السيادة الإقليمية.

 البحر الأحمر.. معركة غير معلنة

تصر مصر على رفض منح إثيوبيا منفذًا بحريًا على البحر الأحمر، ضمن محاولات أديس أبابا للالتفاف جغرافيًا على موقعها المغلق. تسعى إثيوبيا، بدعم بعض القوى الغربية والخليجية، إلى توطيد نفوذها في موانئ إريتريا أو جيبوتي، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لمصر من جهة الجنوب، ويضيف بعدًا جديدًا للصراع القائم بسبب سد النهضة.

 اتفاقية أنقرة – طرابلس.. تهديد مباشر للثروات المصرية

 

لم تكن الاتفاقية البحرية بين تركيا وحكومة طرابلس مجرد تفاهم ثنائي، بل صفعة استراتيجية على وجه الأمن البحري المصري، إذ تمنح أنقرة موطئ قدم عسكري واقتصادي في قلب المتوسط، وتفتح الباب أمام أطماع تركية صريحة في الثروات البحرية بمنطقة شرق المتوسط، بالتوازي مع توغل تركي استخباراتي وميداني في الغرب الليبي الملاصق للحدود المصرية.

💣 إرهاب بواجهات جديدة.. فيديو تهديد من “حسم”

 

وفي ردٍّ واضح على المواقف المصرية الرافضة للتمدد الأجنبي، بثت حركة “حسم” الإخوانية الإرهابية مقطع فيديو يتضمن رسائل تهديد مبطنة وصريحة ضد الدولة المصرية، في توقيت بالغ الحساسية، ما يُرجّح وجود تنسيق استخباراتي خارجي لدفع أدوات الإرهاب لواجهة المشهد مجددًا. و”حسم”، التي ترتبط تنظيمياً بقطر وتركيا، كانت قد تلقت ضربات قاصمة من الأجهزة المصرية خلال السنوات الماضية، لكنها تعاود الظهور بغطاء إعلامي مموّل وموجّه.

🧠 تحالف استخباراتي معادٍ: من واشنطن إلى لندن

 

المشهد لا يكتمل إلا بذكر نشاط متزايد لأجهزة مخابرات أجنبية – أميركية، بريطانية، تركية، إسرائيلية – تعمل على إرباك الداخل المصري وإحاطته بحزام ضغط استراتيجي على كل الجبهات. المستهدف ليس فقط إسقاط القرار الوطني المستقل، بل إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة بما يتماشى مع رؤية “الشرق الأوسط الجديد”.

🧨 اللاجئون… القنبلة المؤجلة داخل الحدود

 

وفي الداخل، تشكل أزمة اللاجئين خطرًا ديموغرافيًا وأمنيًا متزايدًا، إذ تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 17 مليون لاجئ في مصر، منهم عدد كبير بلا هوية واضحة، أو بوثائق يصعب تتبعها. اللاجئون باتوا بيئة خصبة للتجنيد الاستخباراتي، ونقطة ضعف قد تُستغل كذريعة لتفجير الوضع الأمني من الداخل، خاصة في ظل تقارير عن نشاط متزايد لجهاز الموساد الإسرائيلي بين صفوف اللاجئين.

 

🛡️ مصر ترد: اليقظة والجاهزية القصوى

 

في مواجهة كل هذه التحديات، تتحرك الدولة المصرية وفق منظومة أمنية وعسكرية واقتصادية متماسكة، عنوانها الأول: “لا تنازل عن الأمن القومي، ولا مساومة على السيادة”. مصر لا تعبّر عن رفضها بالصوت فقط، بل بخطوات عملية على الأرض: دعم عسكري لجبهات الحدود، تحالفات شرق متوسطية استراتيجية، تطوير مستمر للقوة البحرية والجوية، وتكثيف عمليات الأمن الوقائي داخليًا.

📌 خاتمة: مصر لا تُحاصر… مصر تحاصر المؤامرة

 

في النهاية، ما يبدو كأنه “حصار” متعدد الأطراف على مصر، هو في حقيقته ارتباك إقليمي ودولي أمام استقلال القرار المصري. ما يُحاك في الخفاء يظهر إلى العلن، وما يُدار خلف الكواليس يُكشف تباعًا. مصر تقرأ المشهد بدقة… وتتحرك بثبات… وتُجهض المخطط قبل أن يولد.