جمهورية الطيران: حصون بشرية تحمي أجواء مصر

جمهورية الطيران: حصون بشرية تحمي أجواء مصر

 

بقلم : هبه مصطفي

 

إن هذه الكلمات ليست تحيّزًا ولا انحيازًا لجهة عمل أو مؤسسة بعينها، بل هي شهادة حق تستند إلى واقع ملموس وتجربة متعمقة في قلب ميدان المسؤولية. نحن لا نتحدث هنا عن مبانٍ شاهقة أو تجهيزات تقنية متطورة فحسب، بل عن رجال ونساء من معدن استثنائي، اصطفّوا كالسدود المنيعة لحماية المجال الجوي المصري وصون هيبة سماء الوطن.إنهم أولئك الذين لا يعرفون للخوف سبيلًا؛ قلوبهم متعلقة بخدمة الوطن، وأبصارهم لا تغفل عن شاشات الرادار لحظة. عملهم ليس مجرد وظيفة روتينية، بل هو واجب وطني أصيل، ورسالة سيادية تفرض أعلى درجات الدقة والانضباط والمسؤولية.هؤلاء هم جنود جمهورية الملاحة الجوية وركائز بوتقة التأهيل الخاص، التي نشأت في صمت، لكنها صارت رمزًا للتفوق والانضباط والالتزام.

قد لا يعلم الكثيرون أن داخل شركة الملاحة الوطنية المصرية كيانًا قائمًا بذاته، تحكمه قواعد صارمة، ويديره نخبة من ضباط المراقبة الجوية المدربين وفق أرفع المعايير الدولية. يعمل هؤلاء الضباط في ظروف ضغط شديد ودقة لا تقبل أي هامش للخطأ، وإلى جانبهم يقف ضباط معلومات الطيران، ومهندسو الأنظمة الملاحية والتشغيل والصيانة والاتصالات، جميعهم ينتمون إلى بوتقة فريدة ترفع شعار”لا صوت يعلو فوق صوت الواجب.”لا مجال للمجاملة أو التأجيل أو التراخي في مواجهة أي خطر يهدد سلامة الملاحة الجوية المصرية.

 

في قلب هذا المشهد يقف المراقب الجوي الذي لا يعرف الراحة ولا ينام عن أداء واجبه؛ فهو خط الدفاع الأول والضامن الرئيسي لعبور الطيران المدني والعسكري في أمان وسلام.ومن هنا، تنصهر إرادة الفرد في خدمة المصلحة العليا للوطن.

فلا تصدر القرارات بناءً على اجتهادات شخصية، بل تُبنى وفق القوانين واللوائح الدولية (ICAO)، والتعليمات الصادرة عن سلطة الطيران المدني المصري (ECAA).

 

وبموجبها تُنسّق مسارات الرحلات وتُرسم خطوط الطيران القادمة والمغادرة، وتُجرى عمليات التنسيق مع الدول المجاورة والمراكز الإقليمية والمنظمات الدولية، تحقيقًا لهدف واحد لا يتغير”تأمين المجال الجوي المصري وضمان أعلى درجات السلامة للطيران”.

نعم عزيزي القاري هؤلاء هم من وُصفوا بحق بأنهم:

قلوب لا تعرف الخوف، وعيون مصر في السماء.”

ويحق لـبوتقة التأهيل الخاص في منظومة الملاحة الوطنية أن تُسلط عليها الأضواء؛ فهم أول من يستشعر الخطر وآخر من يغادر مواقع العمل.

 

وفي أوقات الأزمات الكبرى، كما حدث إبان أزمة الشرق الأوسط، وكما يتكرر عند تصاعد التوترات بين دول الجوار مثل إيران وإسرائيل، يتحول هؤلاء إلى قادة دفاع مسلحين بسلاح القرار العاجل والحُكم الرشيد.

 

ولعل أكبر ما يميز هذه المنظومة أنها تعمل في صمت تام، بعيدًا عن ضجيج الأضواء الإعلامية. إنها ليست مجرد وحدة تشغيلية، بل قلعة منضبطة، وحصن استراتيجي أصيل يشكل ركيزة الأمن القومي المصري.إننا بحاجة اليوم إلى أن نولي هذه الجمهورية غير المرئية ما تستحقه من تقدير واهتمام. جمهورية وزارة الطيران المدني بكل قطاعاتها، ولا سيما منظومة الملاحة الجوية التي تمثل العمود الفقري للأمن والسلامة والسيادة الوطنية في سماء مصر.

وفي هذا المقال، لا يسعنا إلا أن نتوجه بخالص التقدير والامتنان إلى معالي وزير الطيران المدني على إدارته الحكيمة للأحداث والمواقف الطارئة بكفاءة وحنكة، وكذلك إلى سلطة الطيران المدني المصري على ما تبذله من جهود حثيثة في وضع الأطر والضوابط والتوجيهات التي تكفل سلامة الملاحة الجوية، وتصون سيادة المجال الجوي المصري على مدار الساعة.كل التقدير والاحترام لهؤلاء الأبطال في صمتهم، والتزامهم، وانضباطهم الذي لا يعرف التهاون.

 

التحية لقلوبهم التي لا تعرف الخوف، ولعقولهم التي لا تقبل الخطأ. فهم من يحرسون سماء مصر حين ينام الجميع.

وفي الختام، تؤكد مجموعة التأهيل الخاص التزامها الثابت بأداء الواجب الوطني على أكمل وجه دون كلل أو توقف، حرصًا منها على صون صورة مصرنا العزيزة، وإعلاء قيم العمل والإخلاص. وسنظل نعمل بكل تفانٍ تحت راية القيادة الرشيدة، لنكون دائمًا وجهة مشرّفة وداعمة للقيادة السياسية، وبسواعدنا نبني وطنًا يليق بنا جميعًا.