“المتهم ينوي إثبات براءته”… محاكمة قاتل الشاب السعودي محمد القاسم تنطلق في 2026

إيلاف من لندن: مثل الشاب البريطاني تشاز كوريغان (21 عامًا) اليوم أمام محكمة “كامبريدج كراون” لمواجهة تهمتي قتل الطالب السعودي محمد القاسم وحيازة سكين في مكان عام.
وبدا كوريغان مرتديًا سترة رمادية وسروالًا رياضيًا، مكتفيًا بتأكيد اسمه وتاريخ ميلاده أمام هيئة المحكمة. وحددت المحكمة موعد المحاكمة الكاملة في شباط (فبراير) 2026.
وذكر المدعي العام، غافين بوريل، أن الضحية أصيب بجرح طوله 11.5 سنتيمتر في رقبته، ما أدى إلى ثقب الوريد الوداجي. وأضاف: “نزف الضحية حتى وفاته في مكان الحادث، بينما حاول أطباء مبتدئون كانوا في الجوار تقديم المساعدة”.
محامي الدفاع، شاهنواز خان، أشار إلى أن موكله يعتزم الدفع ببراءته. وقد حُددت جلسة الاستماع لإقرار الدفع في الثامن من أيلول (سبتمبر) المقبل، على أن تبدأ المحاكمة الكاملة في التاسع من شباط (فبراير) 2026.
يُشار إلى أنه لم تُصدر أي جهة رسمية صورة للمتهم حتى الآن، ويعود ذلك إلى استمرار الإجراءات الجنائية في المملكة المتحدة، حيث تحظر المحاكم في كثير من القضايا نشر صور أو تفاصيل شخصية قبل بدء المحاكمة حفاظًا على نزاهتها وحماية الخصوصية. كما أن بروتوكولات الشرطة ووسائل الإعلام لا تجيز نشر الصور إلا في حالات محددة، مثل وجود خطر على السلامة العامة أو طلب المساعدة من الجمهور. وأفادت تقارير إعلامية موثوقة بتفاصيل القضية، دون نشر أي صورة للمتهم حتى اللحظة.
وقد تعرض الطالب السعودي محمد القاسم (20 عامًا) للطعن ما أدى إلى مقتله في مدينة كامبريدج البريطانية حيث كان يقضي فترة تدريبية لمدة عشرة أسابيع في معهد EF الدولي للغات.
وأكدت سفارة المملكة العربية السعودية لدى المملكة المتحدة أنها تتابع القضية باهتمام، مشيرة إلى أنها باشرت منذ اللحظة الأولى التنسيق مع الجهات البريطانية المختصة لمتابعة مجريات التحقيق والتأكد من سير الإجراءات وفق القوانين الدولية والمحلية.
وأضافت السفارة أن جهودها مستمرة لاستكمال الترتيبات المتعلقة بنقل جثمان الفقيد إلى المملكة، بالتوازي مع تقديم الدعم اللازم لعائلته، لافتة إلى أنها على تواصل دائم مع السلطات البريطانية لضمان إظهار الحقيقة وتحقيق العدالة.
وقدّمت السفارة وكافة منسوبيها تعازيها إلى أسرة الطالب، مؤكدة حرص المملكة على رعاية حقوق مواطنيها في الخارج ومتابعة شؤونهم في مختلف الدول.
“طيب القلب”
وفي شهادات امتدت من الجوار إلى قاعات الجامعة، رسمت كلمات المحيطين بمحمد القاسم صورة شاب ترك أثره في القلوب قبل رحيله.
ودوّت صدمة الفقد في عائلة محمد القاسم، كما عبّر عنها عمّه ماجد أبا الخيل عبر منصة “إكس”، قائلاً: “وفاته كانت صدمة كبيرة لنا جميعًا، خاصة وأنه جاء إلى كامبريدج طالبًا لا يحمل سوى أحلامه وآماله للمستقبل. نأمل أن تكون هذه آخر مأساة من هذا النوع، وأن تتحقق العدالة كاملة بمحاسبة جميع المتسببين. رحم الله محمد وأسكنه أعلى جناته.” وأردف في تغريداته أن محمد “كان شابًا نشأ على الخير، وقلوبنا ما زالت تبكي لفقده.”
أما شقيقته جنى القاسم، فكتبت بحزن يفيض قوة: “كان رجلًا يساوي ألف رجل، المعنى الحقيقي للدعم والقوة والكرامة. لم أعرف الخوف يومًا لأنني كنت أعلم أن محمد كان سندي ودعمي بعد الله. بقدر فخره وحبه لي، كنت أفتخر به وأحبه أضعاف ذلك. منذ طفولتنا كنت أسمع أن الإخوة عادة يزعجون ويتشاجرون مع أشقائهم، لكن والله لم يرفع صوته عليّ مرة، ولم أرَ منه إلا اللطف والحب.”
وشقيقتهم ذكرى القاسم أوجزت مشاعرها بعبارة مؤثرة عبر “إكس”: “اللهم إن عبدك محمد القاسم كان خير الإخوة، لطيفًا وبارًا، لم يرفع صوته يومًا منذ ولادته حتى عدت به إليك.”
عبد الله المطرفي، جار العائلة، كتب عبر “إكس”: “والده الراحل وإخوته وأبناؤه من أكرم الناس خلقًا ومعاملة وتقديرًا واحترامًا وحسن جوار. إلى اليوم نذكرهم بخير، وسنظل كذلك ما حيينا”.
البروفيسور فهد العليان، أحد أساتذته في الجامعة، نعاه بكلمات مقتضبة: “رحم الله محمد. تشرفت بأن يكون أحد طلابي في الجامعة الفصل الماضي. كان مجتهدًا ومحبًا للتعلم.”
أما صديقه نواف الدرّاب فكتب بلهجة وداع لا تخلو من رجاء: “عرفته قريبًا من الله، دائم الابتسامة، ملتزمًا بصلاته، مسامحًا للجميع. إلى أن نلتقي مجددًا يا حبيبي وأخي في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.”
وفي بيان عام، نعت عائلة محمد القاسم فقيدها بوصفه “شابًا مفعمًا بالحماس، بالنخوة والشجاعة، وكان شخصية العائلة وكاريزمته الخاصة، وسند والده”، مضيفة أنه “كان أرحم الناس على قلب أمه”.
وأشارت العائلة إلى إطلاق حملة خيرية باسمه على منصة “إحسان”، تهدف إلى توفير مياه شرب نظيفة للأسر المحتاجة في السعودية، ليكون ذلك جزءًا من إرثه الإنساني.
في موازاة ذلك، تحولت منطقة الحادث في كامبريدج إلى مساحة عزاء صامت، امتلأت بالزهور ورسائل المواساة، فيما تستمر التحقيقات في الحادثة التي وُصفت بالهجوم “غير المبرر”، تزامنًا مع استكمال إجراءات تشريح الجثمان.