سلاح حزب الله على طاولة القرار النهائي

إيلاف من دبي: كلفت الحكومة اللبنانية الجيش بإعداد ورقة عمل حول آليات “حصر السلاح بيد الدولة”، على أن تُعرض النتائج قبل نهاية العام الجاري.
هذا القرار، الذي اتُّخذ في جلسة طارئة لمجلس الوزراء اللبناني في قصر بعبدا بتاريخ 5 آب (أغسطس) 2025، يُنذر بفتح واحد من أكثر الملفات حساسية في تاريخ الجمهورية: مصير سلاح حزب الله.
قرار التكليف جاء بعدما طرحت واشنطن خارطة طريق واضحة لنزع سلاح الحزب، مقابل انسحاب إسرائيلي من النقاط الحدودية الخمس ووقف الغارات الجوية، إضافة إلى رزمة مساعدات اقتصادية للبنان، رُبطت صراحةً بإحراز تقدم ملموس في هذا الملف. لكن حزب الله سارع إلى رفض أي “جدول زمني” للتجريد من السلاح، واصفاً الطرح الأميركي بأنه “استسلام كامل أمام العدو الإسرائيلي”، دون أي ضمانات مقابلة.
وقال نعيم قاسم، الأمين العام بالوكالة للحزب، في خطاب متلفز بالتزامن مع الجلسة الوزارية، إن “على الدولة أن تضع خططاً للحماية لا للتجريد من القوة”، مؤكداً أن السلاح سيبقى ما دام “العدوان مستمراً”. وأكدت مصادر قريبة من الحزب أن أي حديث عن تسليم السلاح مشروط بانسحاب إسرائيل الكامل، وإعادة إعمار المناطق المتضررة، والإفراج عن أسرى الحزب، ووقف الخروقات الجوية.
“علينا اليوم أن نختار، إما الانهيار وإما الاستقرار”– جوزاف عون
ووفقاً لوكالة الأنباء اللبنانية، تضمّن جدول أعمال الجلسة الحكومية عشرة بنود، أبرزها البحث في “بسط سيادة الدولة اللبنانية على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً”، وهو تعبير صيغ بعناية، لكنه يُقرأ داخلياً وخارجياً كخطوة ضمن مسار تقليص نفوذ السلاح غير الرسمي في البلاد، وعلى رأسه سلاح حزب الله.
ويأتي هذا التطور في لحظة فارقة داخلياً: لبنان خرج مؤخراً من حرب مدمرة مع إسرائيل في خريف 2024، تكبّد خلالها الحزب خسائر فادحة في بنيته القيادية والعسكرية، وفي أعقابها جرى انتخاب قائد الجيش جوزاف عون رئيساً للجمهورية بعد أكثر من عامين من الشغور. وتزامن ذلك مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وهو ما أدى إلى تراجع حاد في الغطاء الإقليمي الذي طالما استفاد منه الحزب.
ورغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، تواصل إسرائيل ضرباتها شبه اليومية داخل الأراضي اللبنانية، بذريعة أن حزب الله يعيد ترميم قدراته. فيما يتهم لبنان إسرائيل بارتكاب أكثر من 3000 خرق للاتفاق منذ توقيعه.
مصدر لبناني مطلع أفاد لوكالة فرانس برس أن الأميركيين يضغطون لتحديد سقف زمني ملزم لتسليم السلاح، بينما تُفضّل الحكومة اللبنانية صيغة تقوم على “التزامن” بين الخطوات، أي انسحاب إسرائيلي حقيقي يوازيه نقاش داخلي بشأن السلاح.
وبينما تتفاوت التسريبات حول ما إذا كان الحزب مستعداً للتفاوض على مراحل، أو سيبقى متمسكاً بموقفه الرافض بالمطلق، تتزايد مؤشرات أن مسألة سلاحه لم تعد شأناً لبنانياً محضاً، بل بنداً ضمن مفاوضات إقليمية أوسع ترسم شكل الشرق الأوسط بعد حرب غزة وسقوط النظام السوري.
وفي ختام الجلسة، أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون أن “المرحلة مصيرية ولا تحتمل استفزازاً من أي جهة كانت”، مضيفاً: “علينا اليوم أن نختار، إما الانهيار وإما الاستقرار”.
عبارة تختزل لحظة لبنان الراهنة: دولة تترنح بين نفوذ فائض وسلطة منقوصة، تبحث عن طريقها وسط خرائط تُرسم خارج حدودها.