الربع الثاني: أداء مالي قوي على الرغم من العجز في الميزانية

كَشف النتائج المالية الفعلية للربع الثاني والنصف الأول من العام المالي الجاري 2025، عن تسجيل إجمالي الإيرادات خلال الربع الثاني من العام نحو 302 مليار ريال بانخفاض وقدره 15 % مقارنةً بالمتحقق في الربع الثاني من العام الماضي، في حين سجل إجمالي الإيرادات خلال النصف الأول من العام 2025 نحو 565 مليار ريال بانخفاض وقدره 13 % مقارنةً بالمتحقق في النصف الأول من العام 2024، والذي بلغت فيه الإيرادات نحو 647 مليار ريال.
يعزى ذلك لانخفاض في إجمالي الإيرادات إلى الانخفاض في أسعار النفط مقارنة بما كانت عليه بالفترتين المماثلة من العام السابق بالإضافة إلى تحصيل أرباح مرتبطة بالأداء تم تحصيلها خلال نفس الفترة من العام السابق.
ولكن في المقابل سجلت الإيرادات غير النفطية خلال الربع الثاني من العام 2025 نحو 150 مليار ريال مرتفعة بنسبة 7 % مقارنةً بالمتحقق في الربع الثاني من العام 2024 الذي بلغت فيه نحو 141 مليار ريال، وفي نفس السياق، سجلت الإيرادات غير النفطية خلال النصف الأول من العام 2025 نحو 264 مليار ريال مرتفعة بنسبة 5 % مقارنةً بالمتحقق في النصف الأول من العام 2024 الذي بلغت فيه الإيرادات نحو 252 مليار ريال.
بلغ إجمالي النفقات في الربع الثاني من العام 2025 نحو 336 مليار ريال، بانخفاض وقدره 9 % مقارنةً بما تم إنفاقه في الربع الثاني من العام 2024 والذي بلغت فيه النفقات نحو 369 مليار ريال، في حين بلغ إجمالي النفقات في النصف الأول من ذات العام نحو 658 مليار ريال، بانخفاض بنسبة 2 % عن الفترة المماثلة من العام 2024.
بلغ عجز الميزانية في الربع الثاني من العام 2025 حوالي 35 مليار ريال مقارنة بعجز متحقق خلال الفترة المماثلة من العام السابق بحوالي 15 مليار ريال، ولكن انخفض العجز في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول من عام 2025 بحوالي 24 مليار ريال، والذي يُعزى بشكل رئيس إلى تحسّن الإيرادات غير النفطية.
بالرغم من العجز المالي الذي أظهرته نتائج الميزانية العامة للدولة خلال الربع الثاني والنصف الأول من العام الحالي، تواصل الحكومة تنفيذ خطط الإصلاح الاقتصادي والمالي ضمن إطار رؤية السعودية 2030، سعيًا نحو تحقيق الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل. هذه الاستمرارية تؤكد التزام الدولة بنهج إصلاحي واضح، يعزز من متانة الاقتصاد الوطني وقدرته على التكيّف مع التحديات والتقلبات الاقتصادية العالمية. وقد تجلّى ذلك في مرونة الاقتصاد المحلي، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية الأخيرة. كما وتُظهر مؤشرات المالية العامة التزام الحكومة باتباع سياسة مالية معاكسة للدورة الاقتصادية، بما يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي بدلاً من مسايرة التقلبات.
كما وساهمت الزيادة في الإيرادات غير النفطية في الحد من تأثير انخفاض الإيرادات النفطية، مما حال دون تراجع إجمالي الإيرادات بنفس النسبة، والذي يُعزى للأداء الإيجابي للمؤشرات الاقتصادية خلال الربع الثاني من العام الحالي.
ويتجلى هذا الزخم الاقتصادي أيضًا من خلال نمو الإنفاق الاستهلاكي، الذي ارتفع بنحو 9.1 % خلال أول شهرين من الربع الثاني (أبريل ومايو)، ليصل إلى نحو 304.4 مليار ريال. ويُعزى هذا النمو إلى ارتفاع ثقة المستهلكين في متانة الاقتصاد المحلي.
سجلت الصادرات غير البترولية (تشمل إعادة التصدير) نمواً بنسبة 24.6 % لشهر أبريل 2025 لتبلغ حوالي 28.4 مليار ريال سنوي، ويعكس هذا الارتفاع الاستمرار في تحسن أداء القطاع الصناعي بالإضافة للجهود المبذولة لمعالجة معوقات الصادرات غير البترولية وإعادة التصدير.
باختصار، إنه بالرغم من العجز المالي الذي أظهرته النتائج المالية الفعلية للميزانية العامة للدولة بالربع الثاني والنصف الأول من العام الجاري 2025، إلا أن الاقتصاد السعودي لا يزال يرتكز على أسس اقتصادية ومالية قوية ومتينة، تعزز من قدرته على مواجهة التحديات والصدمات المحتملة، لا سيما في ظل المشهد الاقتصادي العالمي المعقّد وضبابية التوقعات.
ويعكس هذا الثبات استمرار برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، والمضي قدمًا في تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى. وقد تجلّى ذلك في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.4 % خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، مدعومًا بنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.9 %، والأنشطة الحكومية بنسبة 3.2 %، رغم التراجع الطفيف في الأنشطة النفطية بنسبة 0.5 %.
وتشير التوقعات إلى استمرار وتيرة النمو الإيجابي في مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي خلال بقية العام، ما يؤكد على صلابة الاقتصاد الوطني واستمرار زخمه التنموي.