السوداني يدشن المستشفى الإيطالي على موقع “المطعم التركي” السابق

إيلاف من بغداد: في تحول يعكس التزام قاطرة التنمية في العراق بمسارها الذي بدأته الحكومة في تشرين الأول (أكتوبر) 2022، دشّن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأعمال التنفيذية للمستشفى الإيطالي في بغداد، المُقام على أنقاض ما كان يُعرف بـ”المطعم التركي”؛ المبنى الذي شكّل لعقود رمزاً للتظاهر والغضب الشعبي، وأصبح اليوم شاهداً على بداية عهد جديد من النهضة والخدمات الإنسانية.
ويُعد المشروع، الواقع في قلب العاصمة قرب ساحة التحرير، جزءاً من خطة تنموية شاملة تحت شعار “بغداد أجمل”، ويجسد نموذجاً لإعادة توظيف الأماكن ذات الطابع الرمزي لخدمة المجتمع، من خلال تحويلها إلى مرافق تقدم خدمات عامة.
المبنى الذي احتضن احتجاجات تشرين 2019 تحوّل إلى مستشفى حديث بطاقة استيعابية تبلغ 103 أسرّة، مزود بوحدات للعناية المركزة وأجنحة خاصة، ويُدار وفق أعلى المعايير الدولية بالتعاون مع جهات طبية عالمية.
حضر حفل الافتتاح عدد من الشخصيات المحلية والدولية، من بينهم نائبة رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي وممثل الاتحاد الأوروبي في العراق. وأشاد السوداني خلال كلمته بالجهود المشتركة بين وزارة الصحة، وأمانة بغداد، والهيئة الوطنية للاستثمار، ومجموعة GKST العالمية التي تدير أكثر من 165 مؤسسة صحية حول العالم.
وقال السوداني: “المشروع يُمثل نقلة في نوعية الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، مشيراً إلى نجاح النموذج ذاته سابقاً في مستشفى النجف الأشرف، واستعداد الحكومة لتكراره في محافظات أخرى، من بينها البصرة”.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة تضع إصلاح القطاع الصحي في مقدمة أولوياتها، من خلال إطلاق العمل في 16 مستشفى جديداً في أقضية البلاد بسعة 100 سرير لكل منها، إلى جانب رفع نسبة تغطية الدواء المنتج محلياً من 10% إلى 40%. كما تعتمد الحكومة سياسة التشغيل المشترك مع مؤسسات طبية عالمية، وتدعم صناعة المستلزمات الطبية داخل العراق لتقليل الإنفاق الخارجي، مع العمل على تسريع الإجراءات البيروقراطية لجذب استثمارات كبيرة ومستدامة إلى هذا القطاع الحيوي.
وخلال العامين الماضيين، شهد القطاع الصحي العراقي خطوات إصلاحية شملت تطوير البنى التحتية الصحية، وتفعيل برامج التدريب والتأهيل للكادر الطبي، وتوسيع مظلة التأمين الصحي التجريبي في بعض المحافظات. كما تم تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في إدارة وتشغيل بعض المؤسسات الصحية، وتحقيق نمو ملحوظ في عدد المشاريع الصحية قيد الإنشاء، مما يعكس توجهاً واضحاً نحو بناء نظام صحي أكثر كفاءة واستجابة.
وأكد السوداني أن أحد الأهداف الأساسية لهذه المشاريع هو الحد من لجوء المواطنين للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج، بما يتسبب به ذلك من استنزاف للموارد المالية للدولة والأفراد، مشدداً على أن العراق يمتلك من الكفاءات الطبية والإدارية ما يؤهله لبناء منظومة صحية متكاملة قادرة على تلبية احتياجات المواطنين داخل البلاد.
تحويل “المطعم التركي” من موقع احتجاجي إلى مرفق طبي لا يُعدّ مجرد مشروع عمراني، بل يعكس إرادة سياسية ومجتمعية لتحويل ذاكرة الألم إلى طاقة بناء. ويُنظر إلى هذا التحوّل على نطاق واسع كرمز لقدرة العراق على تجاوز الأزمات والانطلاق نحو مستقبل يستند إلى الإصلاح وتوظيف الذاكرة الجماعية بما يخدم التنمية والاستقرار.