العطر العربي ينافس ماركات بمليارات الدولارات في ساحة باريس ونيويورك.

إيلاف من أبوظبي: لم تعد صناعة العطور حكرًا على دور الأزياء الأوروبية العريقة، فهناك لاعب جديد من الشرق يشق طريقه بقوة في الأسواق العالمية، بل ويتفوق في بعض الجوانب. إنها العطور العربية، التي تحولت من إرث ثقافي إلى قوة اقتصادية ناعمة تفرض نفسها في العواصم العالمية.
فقد استطاعت دور العطور العربية، خاصة في الإمارات والسعودية وسلطنة عمان والبحرين، أن تدخل المنافسة مع كبرى العلامات الأوروبية، بل وتعتلي قائمة التفضيلات لدى عشاق العطور حول العالم، بفضل تركيبتها الفريدة وتركيزها العالي وجودتها الاستثنائية.
زيوت طبيعية وتقاليد أصيلة
يكمن سرّ تفوّق العطور العربية، بحسب التقرير، في الاعتماد على الزيوت الطبيعية بدلاً من الكحول، ما يمنحها ثباتاً نادراً يدوم أكثر من 10 ساعات، وفي بعض الحالات يصل إلى 48 ساعة. كما أنها مصنوعة بالكامل من مكونات نباتية أو حيوانية طبيعية، مثل العود والمسك، وهي مواد تُعرف بندرتها وارتفاع قيمتها العطرية.
“العود”، أو ما يُعرف بـ”الذهب السائل”، يُستخرج من أشجار الأكويلاريا ويضفي على العطر طابعاً خشبياً دافئاً، بينما يمنح “المسك” – المستخرج من ذكر غزال المسك – عمقاً وثباتاً لا مثيل له.
من أبرز أسباب النجاح أن العطور العربية لا تُصنَّف تقليديًا حسب الجنس؛ فهي تتفاعل مع البشرة بطريقة مختلفة لكل فرد، ما يجعلها مناسبة للجميع. وقد عمدت بعض الماركات إلى تقديم عطور هجينة، تمزج بين الشرق والغرب، بتعاون مع مصممين عالميين، لتقديم منتجات تحمل بصمة تراثية مع نكهة عصرية.
تقنيات تقليدية… برؤية عصرية
رغم حداثة الأسواق التي تغزوها هذه العطور، إلا أن المنتجين العرب يحرصون على الاحتفاظ بالطرق التقليدية في التصنيع، مثل “التقطير بالبخار” وتقنية “النقع”، وهي ما يُكسب العطر العربي طبقات غنية تتكشف بمرور الوقت وبتفاعلها مع حرارة الجسم.
ويقول أنطوان دو ريدماتن، مدير دار “يوروفراجانس” للعطور:
“تاريخيًا، كانت باريس ونيويورك مركزين لصناعة العطور. اليوم، الشرق الأوسط أصبح لاعبًا أساسيًا على خريطة العطور العالمية.”
العطور العربية تسحر أوروبا
تأكيدًا لهذا التوجه، نقل موقع روسي متخصص في العطور عن مستهلكين أوروبيين قولهم إنهم انجذبوا أولًا لغرابة العطور العربية ثم وقعوا في عشقها. وأضاف الموقع:
“الزيوت الشرقية تأسر القلوب والأنوف معًا. ثباتها مذهل، وبعضها يتحدى حتى الاستحمام. إنها أكثر من عطور؛ إنها بصمة وهوية”.
مع هذه الانطلاقة المدهشة، يبدو أن الشرق الأوسط لا يكتفي بصناعة العطر، بل يعيد تعريفه عالميًا، مؤكدًا أن الأصالة حين تقترن بالإبداع، تتحول إلى علامة فارقة في الأسواق العالمية.