انخفاض قيمة الدولار في مصر وتجاوز الـ49… ما الأسباب وراء قوة صعود الجنيه؟

انخفاض قيمة الدولار في مصر وتجاوز الـ49… ما الأسباب وراء قوة صعود الجنيه؟

إيلاف من القاهرة: سجّل الجنيه المصري تحسنًا ملحوظًا أمام الدولار الأمريكي، ليهبط سعر صرف الدولار إلى 48.75 جنيه للشراء و48.85 جنيه للبيع، وهو أدنى مستوى له منذ تسعة أشهر، في مؤشر على تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي وزيادة التدفقات الدولارية في السوق المحلي.

وبحسب ما نقلته شبكة RT عن مصادر مصرفية، فإن زيادة المعروض من النقد الأجنبي خلال موسم الصيف فاقت الطلب بشكل ملحوظ، ما أسهم في دفع الدولار إلى التراجع، لا سيما في ظل توحيد سوق الصرف وتحريره من القيود السابقة.

وتنشط سوق النقد الأجنبي عادة في الفترة ما بين يوليو وسبتمبر، بالتزامن مع بدء موسم السياحة الخليجية وعطلات المصريين العاملين بالخارج، ما يعزز تدفقات العملة الأجنبية عبر البنوك وشركات الصرافة.

ووفق بيانات البنك المركزي المصري، قفزت تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 69.6% خلال أول 11 شهرًا من العام المالي 2024/2025، لتصل إلى 32.8 مليار دولار، ما جعلها ثاني أكبر مصدر للنقد الأجنبي بعد حصيلة الصادرات.

عودة قوية للمستثمرين الأجانب
كما ساهمت مرونة السياسة النقدية للبنك المركزي واستقراره في تدبير الدولار للمستثمرين الأجانب الراغبين في تحويل أرباحهم خارج البلاد، في تعزيز الثقة مجددًا، ودفعهم إلى بيع الدولار وشراء الجنيه للاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة على أدوات الدين المحلية.
وفي تصريحات خاصة لـRT، قالت الدكتورة وفاء علي، الخبيرة في الاقتصاد والطاقة، إن “الجنيه المصري خرج من عنق الزجاجة وتحرر من الضغوط الجيوسياسية التي كبّلته طوال أشهر، بفضل مرونة السياسة النقدية وتنامي الاحتياطي الأجنبي”.
وأضافت أن انخفاض التضخم، وارتفاع الاحتياطي النقدي، وزيادة إيرادات السياحة والعقارات، كلها عوامل ساهمت في تحسن العملة المحلية، مشيرة إلى أن “الجنيه المصري بات أقوى من أي وقت مضى منذ أكثر من 8 أشهر”.
كما أشارت إلى أن صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي تحوّل من سالب إلى موجب بقيمة بلغت نحو 14 مليار دولار، مما يعكس تحسنًا فعليًا في الموازين الخارجية.

استقرار إقليمي وفائدة جاذبة
من جانبه، أرجع الخبير الاقتصادي الدكتور محمد أنيس، في حديثه لـRT، ارتفاع قيمة الجنيه المصري إلى عدة عوامل، أبرزها استقرار الأوضاع الجيوسياسية نسبيًا، لاسيما تجميد النزاع في غزة، وغياب التصعيد الإقليمي في ظل التوتر الإيراني الإسرائيلي.
وأضاف أن ارتفاع سعر الفائدة الحقيقية في مصر – الذي يبلغ نحو 9% بعد خصم التضخم – أدى إلى اجتذاب المزيد من الاستثمارات غير المباشرة، خاصة في أدوات الدين الحكومية.
وأكد أن “تحسن تدفقات النقد الأجنبي من السياحة، وتحويلات المصريين بالخارج، وزيادة الصادرات غير النفطية، ساهمت في هذا الارتفاع المرحلي للجنيه”، لكنه حذر في الوقت نفسه من التفاؤل المفرط، قائلاً إن “السعر العادل للجنيه يتراوح بين 49 و52 مقابل الدولار حتى نهاية 2025”.