“خلايا الزومبي” تهاجم الجسم بعد التعافي!.. العلماء يستقصون مرض خطير بعد كوفيد

“خلايا الزومبي” تهاجم الجسم بعد التعافي!.. العلماء يستقصون مرض خطير بعد كوفيد

إيلاف من لندن: بعد أن تنفس الملايين الصعداء عقب تعافيهم من أمراض كـ”كوفيد-19″، والإنفلونزا، والحمى الغدية، سرعان ما وجدوا أنفسهم أمام معركة جديدة لم تنتهِ بانتهاء العدوى. أعراض غريبة ومستمرة بدأت تطاردهم، وتحوّلت حياتهم اليومية إلى دائرة من الإرهاق والغموض الطبي الذي لم يجد له تفسيرًا دقيقًا بعد.

تشمل هذه الأعراض حالة من التعب المزمن، ضباب في التفكير، عدم القدرة على ممارسة الرياضة، دوخة مستمرة، آلام عضلية ومفصلية، واضطرابات في الجهاز الهضمي. ما يزيد الطين بلّة أن معظم هذه الأعراض تتفاقم مع أي مجهود بدني. هذه الحالة، التي طالما حيّرت الأطباء، تعرف علميًا باسم “التهاب الدماغ والنخاع العضلي”، أو ما يُعرف أكثر بـ”متلازمة التعب المزمن” (ME/CFS).

ورغم أن هذه المتلازمة ليست وليدة العصر، إلا أن جائحة كورونا أعادت تسليط الضوء عليها بشكل غير مسبوق. تشير التقديرات إلى أن أكثر من 400 مليون شخص حول العالم قد أصيبوا بهذه المتلازمة منذ بدء الوباء، فيما يعاني نحو نصف المصابين بـ”كوفيد طويل الأمد” من أعراض تنطبق تمامًا على معايير تشخيصها.

لكن الآن، ومع تكثيف الجهود البحثية، يعتقد العلماء أنهم يقتربون من حل هذا اللغز الطبي. نظرية حديثة تعرف باسم “خلايا الزومبي” تقدّم تفسيرًا جديدًا ومثيرًا: بعد الإصابة، تدخل الخلايا المبطنة للأوعية الدموية في حالة من الشيخوخة المبكرة، لا تموت فيها بالكامل، ولا تؤدي وظيفتها الحيوية، لكنها تبقى نشطة بشكل غير طبيعي. هذه الخلايا التائهة تبدأ بإطلاق موجات من الالتهاب وتزيد من عوامل التجلط، ما يؤدي إلى أعراض مثل ضبابية الدماغ، الإرهاق الحاد، وعدم تحمّل أي مجهود جسدي.

وتزداد خطورة الأمر عندما يتبين أن الجهاز المناعي نفسه، الذي يفترض به التخلص من هذه الخلايا “الشبحية”، يصبح معطلاً. الخلايا القاتلة الطبيعية والبلاعم، وهي من ركائز الدفاع المناعي، تصبح بطيئة وغير فعالة، مما يسمح لهذه الخلايا بالاستمرار في تعطيل الجسم وإشعال حلقة مفرغة من الالتهاب واختلال التوازن الحيوي.

في مواجهة هذا التحدي الصحي الضخم، تسارع مراكز الأبحاث في مختلف أنحاء العالم لتفكيك هذا اللغز. في الولايات المتحدة، تُجرى تجارب سريرية لاستكشاف الشيخوخة الخلوية لدى مرضى “كوفيد طويل الأمد”، بينما يعمل باحثون على تطوير وسائل تصوير جديدة لرصد هذه الخلايا داخل الجسم دون الحاجة إلى جراحات أو خزعات. وفي المختبرات، يتم تعريض خلايا سليمة لبلازما مرضى مزمنين، لمحاكاة التحول إلى “زومبي” ومراقبة الآلية الدقيقة لهذا التدهور.

تسعى هذه الجهود إلى تحقيق قفزة علمية قد تُغيّر حياة ملايين المرضى. الأمل معقود على اكتشاف علاجات تستهدف هذه الخلايا المعطّلة، تنظف مجرى الدم، وتعيد للجسم توازنه الطبيعي. وبينما لا تزال الحلول النهائية بعيدة المنال، فإن التطورات المتسارعة تفتح الباب أمام فهم أعمق لأحد أكثر الألغاز الطبية تعقيدًا في العصر الحديث.