ما هي الخيارات الأخرى المتاحة في حال رفض “الحزب”؟

رفض ” حزب الله” الورقة الأميركية لنزع سلاحه بغض النظر عن تفاصيل الآلية لذلك وكيف ومتى تبدأ ومتى تنتهي والتي تم إغراق الواقع السياسي بها لحفظ ماء الوجه للحزب كما للبنان على قاعدة تبادل الخطوات بين لبنان واسرائيل والتي لم تنجح حتى الآن. والعنوان لا يزال رفض الحزب للتخلّي عن سلاحه ولا يمكن إجباره على ذلك. هذا العنوان يستدرج مجموعة تساؤلات: ما هي السيناريوات المتاحة امامه إذاً؟ هل يملك الحزب بديلاً من الوساطة الأميركية إذا ذهب إلى حرب جديدة مع إسرائيل أو إذا أبقى الوضع الاستنقاعي على ما هو أو إذا استطاع إعادة بناء نفسه كقوة عسكرية موازية للجيش اللبناني أو متفوّقاً عليها؟ هل يدفع في اتجاه التعويل على أن تأخذ إسرائيل الأمور بيديها وتوجّه ضربات قاصمة جديدة له أو أن ترى مصلحتها في بقاء الحزب في مقابل بقائها في الجنوب كتلاقي مصالح بينهما أو أن يضمن أن تحصل إيران على مكاسب من بيعها ورقة سلاح الحزب في الوقت المناسب للولايات المتحدة الأميركية؟ كيف سيعوّض الحزب على اللبنانيين إهدار فرص نهوض لبنان أو تأخيرها بالحد الأدنى؟ فتح تعنّت الحزب وإصراره على فرض رؤيته ومنطقه إزاء تفسير الأمور إن في موضوع تنفيذ وقف النار والقرار 1701 بين جنوب الليطاني وشماله، أو في موضوع الاستراتيجية الدفاعية التي يرسمها عنواناً لبقاء استمرارية سلاحه، المجال واسعاً أمام غالبية الأوساط السياسية حتى منها التي كانت تُبرّر للحزب سلاحه سابقاً، لفتح سجلّ الحزب في شأن صحة قرارته ودقتها. إذ يُثار تساؤل لماذا قد يكون منطق الحزب صحيحاً ومبرّراً في التحدي الذي يتبنّاه في حين أنّه أخطأ خطأً جسيماً في حرب تموز 2006 وكلّف لبنان باهظاً على كل المستويات تحت عنوان “لو كنت أعلم” حتى لو نجح في قلب المعادلة إعلاميّاً وسياسيّاً إلى “انتصار إلهي”. كما أخطأ خطأ قاتلاً في حرب المساندة تحت شعار دعم غزة ورافضاً كل النصائح الدولية بعدم تعريض لبنان للتدمير من دون طائل. وأخطأ في مراحل ومحطات كثيرة، ولكن إذا توقّفت الأمور على مقاربته الصراع مع إسرائيل، فإنّه لم ينجح فيما أنّ سلاحه لم ينجح في ردع إسرائيل، فيما أن التساؤلات أضحت أعمق على إثر الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي الذي يعتقد أنّه لا يزال قائماً للحزب وربما للبنان ككلّ، بالإضافة إلى التفوّق التكنولوجي الذي يفترض بالحزب أن يصبّ جهده عليه في المستقبل إذا شاء “المقاومة “. وذلك كلّه فيما لا يرى الخارج الديبلوماسي وجوب إعطاء الحزب أيّ مكافأة باعتباره ينقض على موافقته على تنفيذ تسليم سلاحه وفقا لموافقته على وقف النار ويتجاهل النصائح الدولية ويتحدى الدولة اللبنانية وامكان قيامتها. وقد سجّلت هذه المصادر الخلاصة التي انتهى إليه الموفد الاميركي توم برّاك بعد مجموعة مواقف تركت تفسيرات مختلفة في لبنان بإعلانه من باريس لاحقاً، أنّ “الولايات المتحدة لا تُميّز بين الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله، بل تعتبر التنظيم بكل أوجهه منظمة إرهابية أجنبية”، في تراجع عن مرونة أو ” جزرة ” قُدّمت للحزب سابقاً على هذا الصعيد . واعتبر أنّ “الكرة الآن في ملعب القيادة السياسية اللبنانية، وكذلك في ملعب الجيش اللبناني، لإظهار العزم والإرادة السياسية من أجل، كما قال الرئيس ترامب، “اغتنام فرصة جديدة لمستقبل خالٍ من قبضة إرهابيي حزب الله”، وذلك بعد اشادات للقيادات اللبنانية تركت انطباعات ملتبسة . تلفت مصادر ديبلوماسية أنّه وخلال كل الوساطة التي قام بها الموفدون الأميركيون الى لبنان منذ بداية العهد الحالي، لم تصدر أيّ مواقف عن مسؤولين إسرائيليين تتعلّق بذلك. ولكن كل النصائح الديبلوماسية للبنان أميركيّاً وأخيراً ومجدّداً فرنسيّاً، ركزت على أن إسرائيل لن تكون في وارد ترك الأمور على حالها فيما أنّ لبنان قد يفقد أيّ اهتمام . تصرّ المصادر الديبلوماسية على التأكيد أنّ ما يشهده النظام الإقليمي من تغيّر مستمرّ وسريع يجعل التشبّث بالوضع الراهن في لبنان أو بالعودة إلى ما قبل “طوفان الأقصى” غير قابل للتطبيق. وهي ترى أنّه سيكون من الضروري تطوير الرؤية الاستراتيجيّة والقدرة على التكيّف وإعادة تعريف دور لبنان في المنطقة إذا كانت البلاد تأمل التغلّب على العاصفة المقبلة. وإذا كان الحزب وفق ما يبني على تطورات أحداث السويداء ينحو إلى تصلّب في مواقفه، فإنّ هذه المصادر تخشى أن مواقفه تُنذر باستفحال أزمة وطنية اعمق، لأنّه يعجز عن تأمين أيّ دعم لمواقفه في الداخل فيما يقبع في زاوية تسببه بمخاطر جسيمة للبلد من جهة ومنع نهوضه من جهة أخرى بدءاً من تأخير إعادة إعمار الجنوب. تتفاءل مصادر سياسية لبنانية أنّ الحزب سيقتنع أو سيضطر إلى الاقتناع عاجلاً أو آجلاً في شكل أو في اخر لتسليم سلاحه، وأنّ الأمر قد يأخذ بعض الوقت الذي لا يُقيم له وزناً في المقابل على رغم تكلفته الباهظة راهناً، والتي يمكن أن تزداد لاحقاً بفعل استمرار استهداف إسرائيل لعناصره أو مواقع له أو تطويرها لذلك، فيما أنّ الواقع أنّ الشيطان يكمن في التفاصيل وليس في العناوين فحسب باعتبار أنّ اقتراحاته لبقاء سلاحه عبر تطوير “استراتيجية دفاعية أو وطنية” تلتفّ على تسليم سلاحه الثقيل او على تفكيك قوته العسكرية البشرية غير المقبول انخراطها في الجيش اللبناني كما هي، أو بما يخلّ بأهداف الجيش وعقيدته وتركيبته لم تجد الصدى المقبول داخليّاً وأكثر في الخارج. يحتاج الحزب إلى خطة عملانية ليست من مسؤولية الدولة وحدها توفير حل لها، بل أن يساهم هو فيها.